فى ذكراها ال 37 .. صابرا وشاتيلا جريمة لا تسقط بالتقادم

فى ذكراها ال 37 – فلاش باك مع سبتمبر الحزين .
السادس عشر من شهر ايلول (سبتمبر) من العام 1982 ,ران الصمت على مخيم صابرا وشاتيلا لايقطع سكونه الا أنين اصوات الوليد يتضور جوعا ,والأم الثكلى التى فقدت ابا الوليد منذ برهه من الزمن تعد بالساعات – وذلك حين خرج مع المقاتلين دفاعا عن بيروت (اللؤلؤة والدرة المكنونه )لعالمنا العربى المسكون بالجن والعفاريت من قوى الرجعية العربية وحكام ومشايخ الخليج- مستشهدا وهو يحاول امتطاء دبابة صهيونية تخطت الحدود

كمدت الأم حزنها ووهبت الزوج لربها – وراحت تعصر ثدييها بشده لعل احدهما يروى ظمأ الوليد ,الذى راح ينهش فيهما دون جدوى فلم يجد ما يثنيه عن شده البكاء والعويل ,فمنذ ايام وحصار القوات الصهيونيه لمخيم صابرا وشاتيلا يمنع مصادر الحياة , فمن اين يصير النهد ينبوعاً يروى ظمأ الوليد ؟ وينهش الطفل ثدي أمه ويزداد بكاءا وعويلا , وقلب الأم الرؤوم يكاد يقطر دما مع كل صرخة ورفسة قدم ودمعة تنهمر من عينى الوليد لتصير كالسيل من عليين .

ويأمر شارون ، وزير الحرب الصهيونى، رئيس اركان جيشه اللعين (روفائيل ايتان )بتشديد الحصار على مخيم النساء والاطفال والشيوخ العزل , ويبدو انه قد اراد اسكات أنين الوليد وصرخاته التى بدأت تتعالى كل حين والتى صارت اقوى من طلقات البارود .
وعلى هدى الشيطان الرجيم مهدت العصابات الصهيونيه الطريق لأكبر مجرمي التاريخ (أيلى حبيقه ) وقوات حزب الكتائب اللعين ومن معهم من جيش لبنان الجنوبى العميل ,ومن خلال عصابات هؤلاء الانعزاليين والصهاينه المحتلين اجتاحت مجموعاتهم مخيم العزل الفلسطينيين (صابرا وشاتيلا) , والى الداخل قتلوا كل من هو فى الطريق وأبادوا حوالى 4000 شهيد من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح– لاسكات صوت الوليد –وتعالى صوت الوليد مع كل طلقه بارود ليزداد صراخ الرضيع .
وجن جنون القتلة ,وصار انين الشهداء طنين فى آذان الصهاينه المعتدين والقوات العميله من الكتائب وجيش لبنان الجنوبى العميل , عاثوا يقتلون بدم بارد كل من يقابلهم غير مبالين بكهل اوشيخ , و أمرأة ولا طفل صغير .. بقروا بطون الحوامل ومارسوا الرذيله مع بنت الطفولة قبل القتل والتقتيل , تجردوا من الانسانيه وصاروا كالبهائم المتدنية , وبدا انهم يريدون اسكات كل الاصوات، وعلى مدى ثلاثة ايام من القتل والتدمير والترويع أبادوا الشجر والحجر والطفل الصغير فى كل ارجاء المخيم، فروت الدماء كل جنباته وغدت روافد تتجمع فى بركة تعوم فيها أشلاء وجثث الشهداء الفلسطينيين ومعهم اللبنانيين ,وكذا أم الوليد ,لكن صرخات طفلها الرضيع صارت تشق عنان السماء ولم تسكتها قنابل شارون ولا ايتان ولا مصاصى الدماء (ايلى حبيقه ولحد وسمير جعجع وبشير الجميل ).
هنا بيروت انا رجل من صابرا وشاتيلا، انا الذى رأى القتل والدمار والظلام وهو يحيط بى وانا أرى , انا الذى رأى أمى تحتضنى وانا طفل رضيع اشاهد روحها تصعد للسماء، وأرى الدماء تحيط بى من كل حدب وصوب فى مخيم الموت، وأرى مدافع الصهاينه وعملاء الكتائب والقوات اللبنانية والجيش الجنوبى تحصد الارواح , كنت هناك وأمى تحتضنى واناتها كانت لى كالجوى والدماء تسيل من جسدها النحيل , انا الذى رأى الابتسامه على شفاه المغدورين ,وارواح الصغار تعانق الشيوخ , كنا سويا كان حضن أمى مايزال ينبض حياة ونهداها كانا لى ترياق , وكنت أرى , انا الذى رأى صمت الخرفان والخصيان والعميان من العربان، وتآمر النفطيين الخليجين من الحكام العملاء والجبناء , وكنت ارى, ويقسم الوليد , بكل الذى رأى وبمن جعله يرى ,وبعد ان شب عوده وصار فتى ,أنه لن يدركه الكرى ,الا بعد أن يطيب الثرى من تحت اجساد شهداء صابرا وشاتيلا , بالثأر من القتلة الصهاينة وعملائهم من الكتائب وكل القوى الدائرة فى فلك العدو الصهيونى .
وتبقى الذكرى ال 37 لمجزرة صابرا وشاتيلا جديرة بكل الذين تمنوا أن يدشنوا جيلا جديدا قويا وقادرا على أخذ الثأر لشهدائنا الابرار من الاطفال والنساء والشيوخ العزل , أن تستعيد المجزرة وكأنها وليدة اليوم , وكل يوم ولاتنسى دماء الشهداء , وان تعمل على تجريد العملاء من ملابسهم وان تعريهم وتقذف بهم الى مزابل التاريخ حتى تزكم روائحهم الانوف , وأن ترصد الرجعيه العربيه الممثله فى الحكام والمشايخ والأمراء , هؤلاء الذين استطابوا الثريد وأمتطاء العبيد.. هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق اعينهم , محاولين الآن السير فوق جثث شهداء صابرا وشاتيلا للوصول الى سوريا ليتآمروا عليها بتمويلهم قوى الارهاب لينفذوا اوامر سيدهم الامريكى والصهيونى لاخراج سوريا المقاومة من طريق نضالها ضد العدو الصهيونى ,متآمرين فى ذلك مع قوى الكتائب اللبنانيه وقوى 14 آذار المتحالفة، ومع حزب القوات اللبنانية بقيادة العميل سمير جعجع احد شركاء قتله شهداء صابرا وشاتيلا .
وسيبقى نضال شعبنا العربى جذوه متقده تستمد نارها ونورها من دماء شهدائنا الابرار فى صابرا وشاتيلا – وسيبقى الوليد الذى نجا من مجزرة الطغاة وهو فى حضن أمه المغدوره يبكى ويشق بكائه عنان السماء ,وهدير دموعه تنساب ,الى أن يجففها الثأر من شارون وأيتان وكل الكيان الصهيونى الغاصب ومن قوى العماله فى الكتائب والقوات اللبنانيه والمتحالفين الجدد معهم من قوى 14 آذار .
ولايبقى الا الكهنة من عملاء النفط الخليجيين , هؤلاء الخصيان والعميان عملاء ال C I A والموساد،وهؤلاء مثواهم نار جهنم وبئس المصير خالدين فيها حين تقذفهم شعوبهم الى مستقرها جزاءا بما فعلوا نكالا من الله .
ولأننا ندرك أن جريمه الأبادة لشعبنا الفلسطينى واللبنانى فى صابرا وشاتيلا لاتسقط بالتقادم , فهذا تجديد للوعد والعهد بالثأر على مدى التاريخ .
كاتب ومحامي – مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى