أجاب الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، على سؤال وجه له بشأن دولتي إيران وإسرائيل وأيهما أشد خطرا على المنطقة العربية في الفترة الراهنة.
وفي حواره مع الإعلامية الكويتية فجر السعيد، الذي نشرته كاملا في صحيفة “الأنباء” الكويتية، اليوم الاثنين، أكد مبارك، أن “أطماع إيران ومساعيهم واضحة، وتهديدهم للخليج لا يمكن السكوت عليه”.
واستطرد الرئيس المصري السابق، “لكن أطماع إسرائيل أيضا واضحة وبالذات في ظل الحكومة الحالية، ولا بد من التعامل مع الموضوعين بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر”.
قال مبارك، “أنا لا أنكر أن إيران تسعى للتغلغل في المنطقة وهذا يهدد الأمن القومي العربي، حيث إنه بعد عام 2011 تحديدا كل القوى التي لها أطماع في منطقتنا استغلت هذا الظرف التاريخي لتحقيق مصالحها”.
وأكد الرئيس الأسبق لمصر، أن “بلاده وقفت مع العراق في حربه ضد إيران، وأيضا مع الأشقاء في الخليج ضد أي تهديد إيراني لهم”.
وأردف مبارك، “أنا مع الملك عبدالله العاهل السعودي السابق، كنا لنا رؤية مشتركة في التصدي لأطماع إيران في المنطقة مع محاولة فتح أي آفاق للتفاهم معهم، حاولت أن أحسن العلاقات مع إيران أيام الرئيس خاتمي، وتقابلت معه في جنيف، ولكن المتشددين عندهم عقدوا أي فرصة لتحسين العلاقات”.
وتذكر الرئيس المصري الأسبق، ما فعله المرشد الإيراني خامنئي خلال أحداث ثورة يناير، حيث قال، “لا ننسى أنه في أثناء أحداث يناير 2011 هنا في مصر، طلع المرشد الإيراني يوم جمعة وبشكل غير مسبوق وألقى خطبة باللغة العربية يحرض فيها على الثورة الإسلامية في مصر، أطماع إيران ومساعيهم واضحة، وتهديدهم للخليج لا يمكن السكوت عليه”.
أما بخصوص إسرائيل فقال مبارك، “أطماع إسرائيل أيضا واضحة بالذات في ظل الحكومة الحالية، فلابد من التعامل مع الموضوعين بحيث لا يطغى موضوع منهما على الآخر، أنا قناعتي أن القضية الفلسطينية قد تبدو كامنة بفعل الظروف الإقليمية والدولية الحالية، لكن كما قلت محاولة فرض حلول غير عادلة بسبب اختلال موازين القوى لن تخلق أي سلام أو تعاون دائم بل قد تنفجر الأوضاع في أي وقت”.
وحول صفقة القرن قال مبارك، إنها حتى الان مجرد “كلام جرايد” وتسريبات غير مؤكدة، مستطردا:”لكن هناك مقدمات غير مطمئنة خاصة بعد نقل السفارة الأمريكية للقدس وضم إسرائيل للجولان والتوسع المستمر في المستوطنات”.
وتابع مبارك: “هذا كله يجعلني غير متفائل، وعلى العالم العربي الاستعداد للتعامل مع ما قد يعلن حول الموضوع”.
وأضاف: “القضية الفلسطينية أسميها (الفرص الضائعة)، من أيام السادات لما تقدم بمبادرته للتفاوض حول الحقوق العربية الضائعة مرورا بكل الفرص، التي أتيحت لحلها، وانتهاء بالانقسام الفلسطيني الحالي”.
ولفت مبارك إلى أنه رفض حضور اجتماع دعا له كلينتون في واشنطن مع الملك حسين ونتنياهو، مضيفا: “قلت لكلينتون لا جدوى إذا لم يكن نتنياهو مستعدا بالالتزام بالعودة لمسار التفاوض واستكمال الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المتفق عليها”، مشيرا إلى أنه قال لكلينتون: “مفيش زعيم عربي يقدر يتنازل عن القدس”.
وأوضح مبارك أن رئيس الوزراء الإٍسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال له: “إذا كان ممكن الفلسطينيين في غزة يخدوا جزء من الشريط الحدودي في سيناء، قلت له إنسى، متفتحش معايا الموضوع ده تاني، حنحارب بعض تاني، فقال لي خلاص وانتهى الحديث”.
كما كشف الرئيس الأسبق مبارك، عن ما دار بينه والرئيس العراقي الأسبق صدام حسين قبل الغزو العراقي للكويت.
وقال مبارك إن صدام حسين “استمر يصعد في لهجته لحد لما جاءت معلومات مؤكدة في أواخر شهر يوليو/تموز أن العراق حشد قوات على الحدود وأنها لا تبدو من حجمها وتمركزها أنها قوات دفاعية”.
وتابع مبارك “قررت على الفور زيارة العراق عشان أقعد مع صدام ونهدي الأمور.. روحت العراق يوم الثلاثاء ٢٤ يوليو/تموز.. وجاني سعود الفيصل مبعوثا من الملك فهد في السادسة صباحا في المطار عشان يتشاور معي قبل لقائي مع صدام.. أقلعت في السابعة صباحا ووصلت العراق وقعدت مع صدام وطارق عزيز وآخرين حوالي 5 ساعات.. استمر في الشكوى من الكويت.. وقلت له أي مشاكل تحل بالحوار الهادئ بعيدا عن التصريحات والتراشق الإعلامي والتهديد.. وسألته تحديدا عن نيته مع تواجد قواته على حدود الكويت.. فقال لي إنه لا ينوي الاعتداء على الكويت بس أضاف لا تقول لهم كده.. استغربت من كلامه ده وعاودت سؤاله عن نيته ونحن نجلس سويا بدون أعضاء الوفدين.. أكد ليه انه لن يعتدي”.
وأكد مبارك في حواره مع الإعلامية فجر السعيد، أنه اقترح ضرورة عقد لقاء بين العراق والكويت وقال: قلت لصدام حسين أنا حروح الكويت والسعودية وحبلغه بمقترحات لترتيب لقاء للحوار يوم الأحد 29 يوليو/تموز في السعودية”.
ويضيف مبارك في حديثه:”بعدما أقلعت في اتجاهي للكويت أُبلغت وأنا في الطيارة بتصريح صحفي من طارق عزيز بعد مغادرتي على الفور يقول فيه إنهم عقدوا لقاءات مطولة معي لمناقشة العلاقات الثنائية.. الشك زاد اكثر.. ثنائية إيه؟ هو أنا جايلكم من الفجر عشان أناقش العلاقات الثنائية.. وصلت الكويت وقابلت الشيخ جابر في المطار.. وقلت له إن صدام قالي بوضوح أنه مش حيقوم بأي عمل عسكري.. بس قولت للشيخ جابر أيضا انه لازم تأخذ احتياطات لأن صدام مراوغ.. وقلت له أنا على استعداد أبعت أي مساعدات دفاعية تطلبها الكويت.. وفي نفس الوقت قلت له أنا طالع على السعودية عشان أتشاور مع الملك فهد على عقد لقاء يجمع الكويت والعراق والسعودية لتهدئة الأمور.. واقترحت للشيخ جابر أن يحضر ولي العهد الشيخ سعد هذا اللقاء”.
وقال مبارك إنه أبلغ صباح يوم الغزو، حيث كان في برج العرب، بما قام به صدام حسين من غزو للكويت “أُبلغت بالغزو فجر 2 أغسطس/آب.. وكانت صدمة.. وكان عندي الشيخ زايد وعاد إلى أبوظبي بطائرة الرئاسة المصرية.. تخوفاً من ضرب صدام لطائرته!”.
كما تحدث مبارك عن مساعي مصر لإعادة العلاقات مع الدول العربية، بعد الاتفاقية التي أبرمها الرئيس المصري الراحل، أنور السادات مع إسرائيل وأمريكا في “كامب ديفيد”.
ونفى في حواره، إن تكون مصر قد قدمت أي تنازلات في علاقتها مع إسرائيل من أجل عودة علاقاتها مع الدول العربية، وأضاف أنه عمل جاهدا على لم الشمل العربي، لكي يكون للعرب صوت وموقف قوي أمام العالم، وأنه عندما تقرر عقد القمة العربية في بغداد في مايو/أيار 1990، سعى لحضور كل الدول العربية للخروج من حالة الانقسام التي كانت موجودة، ونجح في إقناع كل الزعماء بالحضور إلا الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد.
وقال: “حاولت إقناع الرئيس الأسد بالحضور ولكنه رفض، بسبب الخلافات العميقة بينه وبين الرئس العراقي صدام حسين، وحدثت مشادات عنيفة بينهما في مؤتمر القمة السابق في المغرب عام 1989، والتي كانت أول قمة عربية أحضرها بعد عودة العلاقات، وتحدثت مع صدام أيامها وقلت له أنك تشددت في خطابك مع حافظ الأسد بشكل يعقد العلاقات بينكم، فالخلاف بينهما كان عميقا”.
وعن ظروف إنشاء مجلس التعاون العربي، كشف حسني مبارك للصحيفة الكويتية، أنه قبل قمة بغداد، ومع عودة العلاقات العربية، فاتحه العاهل الأردني الراحل، الملك حسين، في فكرة إنشاء مجلس للتعاون العربي، أسوة بمجلس التعاون الخليجي يضم مصر والأردن والعراق، وأخبره أنه تحدث مع صدام حسين بشأنه، فأخبره مبارك أنه ليس لديه مانع، خاصة أن الحديث كان عن تجمع للتعاون الاقتصادي.
وأضاف مبارك: “بعد ذلك، أخبرني الملك حسين أن صدام يرى ضم اليمن لهذا التجمع، فقلت له في الحال خد بالك يا جلالة الملك، العراق والأردن ومصر والآن اليمن، وهذا من الممكن أن يمكن يفسر أنه ضد المملكة العربية السعودية، فيجب أن أطلع السعودية حتى لا يكون هناك تفسير خاطئ، وبعد ذلك حدثني الملك حسين، وبعده الرئيس اليمنب علي عبد الله صالح أن ممكن نفكر في تعاون عسكري يتضمن تبادل للقوات، بمعنى أن يعني أرسل قوات للعراق والأردن، وهم يرسلوا لي قوات عندي، فكانت إجابتي بالرفض، تعاون اقتصادي آه ولكن عسكري لا”.
وأردف موضحا: “أولا أنا عندي معاهدة سلام مع إسرائيل على عكس الأردن.. لماذا تعاون عسكري فمن سنحارب.. ثم نحن لدينا عندنا اتفاقية الدفاع العربي المشترك لكي نصد أي عدوان على الدول العربية.. نحن لن نحارب بعض.”
وكشف الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، في لقاءه مع الصحيفة الكويتية، أنه “كانت هناك محاولات أخرى بشأن إدراج التعاون العسكري في مجلس التعاون العربي، خلال أحد اجتماعها الثاني الذي عقد مدينة الإسكندرية، بل أن الرئيس اليمني اقترح عليه دمج أجهزة المخابرات.. فقال له مستحيل وأنا أرفض أي شيء في هذا الاتجاه”.
وأشار مبارك إلى “أن كل هذه الاقتراحات بشأن التعاون العسكري والاستخباراتي كانت ترده من الملك حسين وعلي صالح، ولكنه رفض كل هذا واستمر الإطار الاقتصادي، ولكن تولدت لديه شكوك”.