مسؤولون اوروبيون سابقون يرفضون صفقة القرن إذا لم تطرح حل الدولتين.. وواشنطن بوست تكشف تنكر الصفقة لهذا الحل

دعا رؤساء وزراء ووزراء خارجية أوروبيون سابقون، بعضهم شغل في الماضي مناصب رفيعة في الاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي، دول الاتحاد الأوروبي إلى تأكيد دعمها لحل الدولتين للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني قبل نشر خطة السلام التي اعدتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

كما دعا هؤلاء الزعماء السابقون الى رفض الخطة إذا لم تتضمن مبدأ حل الدولتين وتستند الى القانون الدولي.

ومن بين الشخصيات الـ 37 الموقعين على هذه العريضة، رئيس وزراء فرنسا السابق جان مارك أروي ووزري خارجية بريطانيا السابقين ديفيد ميليباند وجاك سترو وكذلك وزير خارجية ألمانيا السابق زيجمار غابرييل، وخافيير سولانا منسق السياسة الخارجية الاسبق في الاتحاد الأوروبي وغيرهم من رؤساء دول ووزراء أوروبيين سابقين.

وكتب المسؤولون الأوروبيون في العريضة الموجهة الى رؤساء دول الاتحاد الأوروبي الحاليين: “الزملاء الاعزاء، نتوجه اليكم في لحظة حرجة في الشرق الأوسط وأوروبا. لقد كانت أوروبا وبالشراكة مع إدارات أمريكية سابقة، تدفع طوال الوقت بحل عادل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني في إطار حل الدولتين، وللأسف الشديد، تخلت الإدارة الأمريكية الحالية عن السياسة الأمريكية المعهودة ونأت بنفسها عن اسس القانون الدولي، وهي تعترف حاليا فقط بادعاءات طرف دون الاخر في النزاع على مدينة القدس وأظهرت لامبالاة مقيتة امام توسع المستوطنات الإسرائيلية. لقد علقت الولايات المتحدة دعمها المالي لميزانيات الأونروا وبرامج أخرى تعود بالفائدة على الفلسطينيين”.

وتابع الموقعون على العريضة: “في ظل الغياب المؤسف لالتزام الواضح برؤية الدولتين، أعلنت إدارة ترامب أنها على وشك الانتهاء من اعداد وطرح خطة جديدة للسلام الإسرائيلي الفلسطيني. وعلى الرغم من غياب اليقين بشأن موعد نشر هذه الخطة، فمن الأهمية بمكان أن تكون أوروبا متيقظة وان تتصرف وفقا لاستراتيجيتها”.

وجاء أيضاً في الخطاب العريضة الموقعة من قبل المسؤولين البارزين في الماضي القريب في الدول الأوروبية، والموجه الى الزعماء الحاليين لدول الاتحاد الأوروبي: “نعتقد أنه يجب على أوروبا اعتماد وتعزيز برنامج يحترم المبادئ الأساسية للقانون الدولي، مبادئ الاتحاد الأوروبي لحل النزاع الذي تمت المصادقة عليها في الماضي والتي تعكس رؤيتنا المشتركة بأن السلام الدائم يتطلب إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل في حدود عام 1967 مع تبادل بسيط لأراض متفق عليها متساوية القيمة، وان تكون مدينة القدس عاصمة الدولتين، ووضع ترتيبات أمنية تلبي متطلبات الجانبين وتحترم سيادة كل منهما مع تسوية عادلة متفق عليها لقضية اللاجئين”.

ويؤكد كبار المسؤولين الاوروبيين السابقين أن “على أوروبا رفض أي خطة لا تشمل هذه المعايير”. ويوضح المسؤولون أنه على الرغم من تفهمهم للإحباط الذي تشعر به واشنطن جراء فشل خطط السلام الأمريكية في الماضي، فإن أي خطة من شأنها أن تقلص استقلال فلسطين إلى دولة بدون سيادة وتواصل جغرافي، مصيرها الفشل وستضر بالجهود المستقبلية في هذا الشأن.

ويرى الموقعون على الخطاب أنه من الأفضل أن تعمل أوروبا جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة، ولكن عندما تتعرض المصالح والقيم الأوروبية لأي ضرر، يجب على أوروبا أن تسلك مسارها الخاص.

وبين يترقبون الكشف عن خطة ترامب للسلام في الشرق الاوسط، يرى الموقعون على الخطاب أنه يتعين على أوروبا إعادة تأكيد التزامها بالمبادئ المتفق عليها في الماضي القائمة على أساس حل الدولتين.

ويضيف الخطاب أن ثمة جهود تبذل مؤخراً للحد من عمل منظمات المجتمع المدني الإسرائيلية والفلسطينية، وبالتالي “من المهم أكثر من أي وقت مضى” دعمها. “في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، ينزلقون إلى واقع دولة واحدة دون حقوق متساوية للجميع. ذلك لا يمكنه أن يستمر للإسرائيليين والفلسطينيين ولنا في أوروبا”. ويحذر الموقعون من أن اهدار هذه الفرصة، يعني عواقب وخيمة بعيدة المدى.

قائمة كاملة بأسماء الموقعين على الخطاب – العريضة: رئيسة أيرلندا ومفوضة الأمم المتحدة السابقة لحقوق الإنسان ماري روبنسون، رئيس الوزراء الفرنسي السابق جان مارك أروي ووزير الخارجية الفرنسي السابق هوبرت فيدرين، رئيس الوزراء البلجيكي السابق غي فيرهوفشتات ووزراء الخارجية البلجيكيون السابقون كارل دي غوت، ويلي كلاس، وفرانك فان دن بروك ولويس ميشيل، رئيس الوزراء السويدي السابق كارل بيلت ووزيرة الخارجية السويدية السابقة لينا هيلم والين، رئيس الوزراء البولندي السابق ولودزيميرز سيموسيفيتش، رئيس وزراء رومانيا السابق داتشيان تشولوش، وزيرا خارجية بريطانيا السابقان ديفيد ميليباند وجاك سترو، الوزير البريطاني السابق للشؤون الأوروبية دوغلاس ألكساندر ووزير التنمية الدولية السابق ديزموند سويني، وزير الخارجية الألماني السابق زيجمار غابرييل، وزير الخارجية الاسباني خافيير سولانا – منسق السياسة الخارجية السابق بالاتحاد الأوروبي، المبعوث السابق للأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، روبرت ساري، المبعوث الأوروبي السابق إلى الشرق الأوسط مارك أوتا، وزيرا خارجية إيطاليا السابقان ماسيمو داليما وفرانكو فراتيني، وزراء خارجية الدنمارك السابقون أوفا إيلمان – جينسين ومارتن ليدجارد وموغنز ليكوف وهولجر نيلسن وبير ستيج مولر، وزيرا خارجية النمسا السابقان بينيتا فيريرو فالدنر ومايكل سبينديليجر، وزيرة خارجية إسبانيا السابقة آنا بالاسيو، وزير الخارجية السلوفاكي السابق إدوارد كوكان، وزير الخارجية السلوفيني السابق إيفو فاجيل، وزير الخارجية الكرواتي السابق وسنيه فوسيك، وزير خارجية لوكسمبورغ السابق جاك فوس، وزير الخارجية الفنلندي السابق أركاي تومايو، وزير الخارجية الهولندي السابق خوسياس فان آرتسين ووزير الخارجية التشيكي السابق لوبومير زوريلك.

ولكن وفقًا لصحيفة “واشنطن بوست”، فإن خطة السلام المنتظر ان تطرحها الإدارة الامريكية قريبا والمعروفة بتسميتها الإعلامية “صفقة القرن”، لا تعتمد حل الدولتين كأساس لها، على عكس جولات المفاوضات التي دارت على مدار الأعوام العشرين الماضية.

وتبقى تفاصيل الصفقة محاطة بسرية تامة حتى الآن، غير انه من المتوقع ان يتم الكشف عنها وعرضها على الأطراف المعنية مع انتهاء تشكيل الحكومة الإسرائيلية.

وتقول صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها من الليلة الفائتة، ان حطة السلام التي أعدتها ادارة ترامب تتضمن مقترحات لتحسين مستوى حياة الفلسطينيين من خلال ضخ استثمارات لهذا الغرض، ولكنها ستمنع، على الأرجح، إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة إلى جانب إسرائيل.

ومن المتوقع أن يتم نشر تفاصيل “صفقة القرن” بعد انتهاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من تشكيل حكومته الجديدة، وهناك من يقول ان الإدارة الامريكية ستتروى حتى نهاية شهر رمضان الوشيك.

يشار الى انه بعد أكثر من عامين من العمل على اعداد “صفقة القرن” من قبل صهر الرئيس الأمريكي جارد كوشنير وفريق مصغر، يبدو ان الصفقة باتت جاهزة للكشف عنها.

ومن المعروف ان تفاصيل الخطة بقيت طي الكتمان حتى الآن، لكن مصادر أمريكية ترى أن الخطة تخلت عن حل الدولتين الذي استندت إليه جولات المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين على مدار العشرين عامًا الماضية، وتمحورت حول أمن دولة إسرائيل، من ناحية، وعلى تحسين مستوى معيشة الفلسطينيين، من ناحية أخرى.

ومن قبيل التفصيل او التضليل، كشف المحلل السياسي الأمريكي دانيال بايبس، أن صفقة ترامب تركب ما يسمى الدولة الفلسطينية من منطقتي “أ” و”ب” في الضفة الغربية وأجزاء من المنطقة “ج” فقط وتعطيها عاصمة قرب القدس وليس فيها.

وقال بايبس الذي يشغل منصب رئيس منتدى الشرق الأوسط، في مقال له نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، إن الخطوط العريضة لخطة السلام التي وضعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برزت بشكل ملحوظ، رغم أن ترامب وحفنة من مساعديه فقط من يعرفون تفاصيلها الدقيقة.

وبيّن هذا الكاتب اليهودي الأمريكي، الذي عمل في قسم التخطيط السياسي بالخارجية الأمريكية، أن الخطة تتلخص في تبادل كبير، تعترف بموجبه الدول العربية بإسرائيل وتعترف إسرائيل بفلسطين، مشيرا إلى أن هذا النهج يعتمد على العناصر التي قدمها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2016 وإدارة الرئيس السابق باراك أوباما عام 2009، ومبادرة السلام العربية لعام 2002.

ومع ذلك اعتبر بابيس، أن الصفقة المزعومة تحتوي على العديد من العناصر المواتية للفلسطينيين، حيث تتكون فلسطين من منطقتي “أ” و”ب” في الضفة الغربية بكاملها وأجزاء من المنطقة “ج” بما يشكل نحو 90% من الضفة الغربية، على أن تكون عاصمتها داخل حدود بلدية القدس الممتدة أو بالقرب منها، وربما في منطقة تمتد من شعفاط إلى العيسوية وأبوديس وجبل المكبر، وستشرف هيئة دولية على إدارة مشتركة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل تحكم المنطقة المقدسة في القدس بما فيها البلدة القديمة.

وتتضمن حسب ما قال، نقل السكان اليهود في بلدات الضفة الغربية، وفتح ممر بري يربط الضفة الغربية بقطاع غزة، حيث تنضم غزة إلى فلسطين عندما تستعيد السلطة الفلسطينية السيطرة عليها.

وكشف عن تنظيم واشنطن حزمة مساعدات اقتصادية ضخمة (ربما 40 مليار دولار، أو حوالي 25000 دولار لكل فلسطيني مقيم في الضفة الغربية)، على أن يتمتع الفلسطينيون بوصول مؤقت إلى بعض المنافذ البحرية والمطارات الإسرائيلية إلى أن تقوم الصناديق الأجنبية ببناء منشآت تابعة للسلطة الفلسطينية.

وفي المقابل، سيطلب من الفلسطينيين قبول عدة قيود، منها التنازل عن حل الدولة المستقلة، لحساب استمرار السيطرة العسكرية الإسرائيلية على حدود فلسطين ومجالها الجوي والبحري ووادي الأردن، إضافة إلى اعتراف قانوني من قبل الحكومة الأمريكية وربما ضم إسرائيل للمستوطنات اليهودية الأكبر التي تصل إلى 10 في المائة من الضفة الغربية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى