الهجوم الممنهج على الزعيم جمال عبد الناصر وأجندة أصحابه المشبوهة
بقلم : عبد الهادي الراجح

يحتاج المتابع المنصف لما يجري على الساحة العربية من أحداث وأدوار لعالم (المتفيزيقيا ) أي ما وراء الطبيعة ، ولكل قارئات الفنجان بعد أن عجز العقل البشري عن الاستيعاب ليحاول أن يصل إلى أهداف بعض المثقفين من الهجوم الممنهج على الزعيم جمال عبد الناصر ، رغم رحيله لجوار الله منذ ما يقارب النصف قرن .
ورغم قيمة بعض الأسماء المنتقدة إلا أنها وأمام مراجعة موضوعية لما كتبوه بعد وقبل رحيل الزعيم جمال عبد الناصر ، يدعو للتفكير وإعادة التقييم الموضوعي مهما كانت تلك الأسماء .
في البداية نقول ليس هناك إنسان مهما كان موقعه فوق النقد وإعادة التقييم خاصة الشخصيات التي لعبت دورا في تاريخ الأمم والشعوب ، ولو نظرنا لمنتقدي الزعيم جمال عبد الناصر لوجدنا أن نقدهم ليس مغرضاً فحسب، ولكنه إعداد وتقديم لسياسة ومنهج آخر له مشروعه الذي نحن نعيش فيه منذ الرحيل المفجع للزعيم جمال عبد الناصر في 28/9/1970م ، ونقدهم لصالح جمال وليس عليه .
ونأتي لأبرز الأسماء التي انتقدت التجربة الناصرية ونبدأ من أكبرها وأكثرها شهرة وهو الأديب الكبير نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل للآداب وأعماله (أولاد حارتنا ، ثرثرة فوق النيل ، وميرامار وغيرها ) فهذه الأعمال كلها نشرت قبل أن يشاهدها العالم سينمائيا أيام جمال عبد الناصر، ونشرت أيضا بصحيفة الدولة الرسمية ( الأهرام) ولم يعتقل الأديب الكبير ولم يسأله أحد وتلك الأعمال هي التي حصل من خلالها على جائزة نوبل للسلام ، ولكن نجيب محفوظ الذي أشاد بالتجربة الناصرية ورثى زعيمها بأعظم ما قيل من الرثاء هو نفسه من استقبل الصهاينة في بيته الخاص عدة مرات .
ومن أوائل المثقفين الذين أيدوا المقبور أنور السادات في نهجه الاستسلامي ، وحصوله على جائزة نوبل لم يكن في الحقيقة إلا مكافأة سياسية على أعماله التي انتقد بها التجربة الناصرية ، مع الاحترام لكل ما قدمه من أعمال تحترم بما في ذلك نقد التجربة الناصرية التي أثبتت أن جمال عبد الناصر عكس ما صوره في أعماله بدليل نشر أعماله كما أسلفت في صحيفة الدولة ، وفي أعمال السينما بدون أن يسأل أحد أو يعاقب أحد في زمن كان النفس ممنوع في كل العالم النامي وحتى غير النامي (أتكلم عن فترة الحرب الباردة ) .
والقامة الثانية الأديب الكبير توفيق الحكيم صاحب مهزلة كتاب (عودة الوعي) الذي ادعى به أنه وطيلة 18 عاما كان وعيه غائب وأيد جمال عبد الناصر بلا حدود ، لكن هل كان وعي الحكيم غائبا في كتابه الشهير (بنك القلق) الذي يعد أكبر نقد لما سمي بذلك الوقت تجاوز الأجهزة الأمنية، ونشر كتابه في صحيفة الأهرام واحتج عليها المشير عبد الحكيم عامر وصلاح نصر رحمهما الله ، وعندما وصل الأمر للزعيم جمال عبد الناصر أجاب : إذا كان الحكيم قد انتقد العهد الملكي ولم يحاسبه احد فهل نحاسبه اليوم في العهد الجمهوري.
وبالاتجاه الآخر أليس توفيق الحكيم من أشاد بجمال عبد الناصر، وعندما رحل كان هو صاحب الاقتراح الشهير بوضع أكبر تمثال له في ميدان التحرير متبرعا بخمسين جنيه رغم ما عرف عن الحكيم من البخل الذي كان حديث الصحافة .
والحكيم هذا لم يكن محايدا فهو بمثابة كتيبة المشاة التي أرادت تجهيز الساحة للعهد الجديد وهو صاحب رسالة العار الشهيرة للمقبور أنور السادات يؤيد زيارته المشئومة للقدس ويتحدث بها عن أمتين متحضرتين، يقصد الأمة المصرية والإسرائيلية كما اسماهما، يجلسان على طاولة المفاوضات لحل ما بينهم من إشكال .
ذلك الحكيم الذي رد على كتابه السطحي (عودة الوعي) معظم كتاب مصر والعالم العربي حتى المختلفين مع التجربة الناصرية .
فهل كان الحكيم محايداً ؟؟ .
والأديب الثالث هو فكري أباظة الذي يزعم أنه انتقد جمال عبد الناصر في عصره في كتابه الشهير (شيء من الخوف) والذي عرفه العالم عبر السينما ونشر في صحيفة الدولة ولم يحدث شيء للكاتب ولا غيره، ونفس أباظه من كتب مقالا أيام عبد الناصر يدعو للصلح مع العدو الصهيوني ، فهل هذا محايد في كتاباته ؟؟ .
أما الأديب الرابع فهو أنيس منصور الذي يكفي عاراً أن نذكر علاقته الحميمة مع الصهاينة وأنه كان رسول الخيانة والتآمر بين السادات وأسياده الصهاينة وكتابه (عبد الناصر المفتري علينا ) لا قيمة سياسية ولا أدبية له .
فهذا المنصور هو مشاة صهيونية تعمل بالدولار والريال والشيكل ، وآخر أيامه كان يكتب في صحيفة الشرق الأوسط التابعة لدولة أبو منشار .
فهل كان هذا الأنيس محايداً ؟؟ .
أما الخامس فهو محمد جلال كشك صاحب كتاب ثورة يوليو الأمريكية، ونظرة للكاتب وتاريخه ستكشف أن شهادته مع ثورة يوليو ولصالحها وليس العكس، فهو المتقلب من أقصى اليسار الماركسي إلى اليمين المهادن، ومعروفة حتى الدولة التي مولت كتابه ، وهي نفس الدولة التي مولت وتمول كل الأعمال في والسينما والكتب التي تهاجم التجربة الناصرية .
وحاكم تلك الدولة من سلم المقبور أنور السادات (مائة مليون دينار) لأجل تغير مناهج الأزهر حتى يصبح كما نراه اليوم ميدانا للتطبيع مع العدو الصهيوني .
ألم يستقبل شيخ الأزهر الراحل محمد طنطاوي كبار الحاخامات الصهاينة في قلب الأزهر ؟؟ والأزهر أيضا بعد التغير شارك بالحملة المنظمة على جمال عبد الناصر التي بالتأكيد لم تكن محايدة .
وهناك من انتقد عبد الناصر ثم أعاد وتراجع، من هؤلاء أعضاء مجلس قيادة الثورة عبد اللطيف البغدادي ، و زكريا محي الدين ، حسن إبراهيم ، كمال الدين حسين رحمهم الله .
أما السادات فهو صاحب الكتب الشهيرة في مدح الزعيم جمال عبد الناصر حتى أوصله لمرتبة الأنبياء والقديسين في كتبه ( يا ولدي هذا عمك جمال ، وقصة الثورة المصرية الذي كتب مقدمته الزعيم جمال عبد الناصر نفسه ، وقصة الوحدة العربية ) .
أما انتقاده للتجربة الناصرية في كتابه المهزلة ( البحث عن الذات) بعد أن أصبح رئيسا وبتعين من جمال عبد الناصر نفسه (وهذا برأي من أكبر أخطاء الزعيم جمال عبد الناصر ) ، فهو
كتاب لا قيمة له ،ويذكرنا بالزعيم السوفيتي خورتشوف عندما وقف في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي يهاجم سلفه ستالين وعند الحوار طرح أحدهم سؤالا مكتوبا ( أين كنت عندما حدثت تلك التجاوزات التي تتحدث عنها الآن ) ووقف خورتشوف وسأل عن صاحب السؤال ولم يجبه أحد .
قال حينها أنا كنت أجلس حيث تجلس أنت الآن .
وهناك منتقد آخر وهو الشيخ محمد متولي شعراوي رحمه الله الذي صلى ركعتين عندما حدثت نكسة حزيران ، فقد كان يهاجم جمال عبد الناصر كثيرا ، وفجأة تغير الرجل وفاجأ متابعيه بزيارة لضريح الزعيم جمال عبد الناصر وقرأ على روحه الطاهرة الفاتحة واستغفر له بعد أن رآه في المنام معاتبا، وأنه أي جمال عبد الناصر من طور الأزهر وجعله يتسع لكل العلوم الإنسانية كما جاء في حلم الشيخ .
أما المهاجمون اليوم من مدرسة كلب ديفيد، ومن البهلوان عمرو موسى وقبله سيده المخلوع حسني مبارك الذي فاجأ الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي بقوله احذروا من أحمدي نجاد الرئيس الإيراني وقتها أنه جمال عبد الناصر آخر .. إلى نجيب سايروس وبطرس الرخيص(غالي) وجلال الدين حماصي وإعلام الرخص والمرتزقة من توفيق عكاشة لأحمد منصور وووووووالخ .
فكل هؤلاء من مدرسة أولاد كلب ديفيد وان نقدهم وكتاباتهم ليست محايدة ولا لوجه الله ثم الوطن .
فهم قوات المشاة كما يقولون في العلوم العسكرية التي هيأت وجهزت الساحة العربية والمصرية بشكل خاص لما يسمى بعملية السلام، والصهاينة قبل غيرهم من اعترف بأنها ولدت ميتة ، والى من يقولون أن حروب جمال عبد الناصر أرهقت الدولة المصرية ماديا وبشريا نذكرهم أن ضحايا حوادث القطارات أكثر من كل الشهداء مع العدو .
وماديا ميزانية الدولة المصرية حتى رحيل عبد الناصر شاهدة على العصر وتكذب ما يقولون ويفترون .
وها هي مصر اليوم بلا حروب ولكن الحروب جاءت إلينا، فمن أسقط الدولة العراقية والليبية وفشل في إسقاط الدولة السورية هي حروب الخارج العبثية وليست الثورات المزعومة ، وتآمروا على ثورة 25 يناير عن طريق المتأسلمين وغيرهم حتى أعادوها لدولة الكامب ديفيد ولكن بدون السادات ومبارك.
وبعد كل ذلك، نسأل : هل الهجوم على أعظم تجربة إنسانية في تاريخ العرب الحديث كان محايداً ؟؟ .
ولا عزاء الصامتين