لا أمل لنا كشعب فلسطيني إلا في الوحدة والاعتماد على الذات

بقلم : د. كاظم ناصر

 

لا شك بأن الانقسام الفلسطيني كان بمثابة نكبة ثانية حلّت بشعبنا، وأكبر هديّة قدمناها بغباء لعدوّنا ليزداد عجرفة وظلما لنا ونهبا لأرضنا وتغوّلا في التوسّع الاستيطاني، وأهم .. عذر .. قدّمناه للحاكم العربي ليتخلّى عن قضيتنا، ويتآمر علينا، ويهرول إلى تل أبيب ليطبّع معها ويتنازل عن حقنا في فلسطين والقدس.

الفصائل التي خطّطت للانقسام وأقامت له كيانا هزيلا وبذلت كل جهد ممكن لحمايته، نفذت ببساطة ما يريده نتنياهو وحكومته، وهو إشغال الفلسطينيين بانقسامات سياسية وعقائديّة دينيّة داخليّة لزرع الفتنة بينهم وتشتيتهم وتطويقهم وإضعافهم وكسب الوقت لزرع أكثر من مليون مستوطن في الضفة، ولفرض أمر واقع على الأرض يجعل من حلّ الدولتين الذي يطالب بتحقيقه الفلسطينيون والعالم وترفضه إسرائيل أمرا مستحيلا!

نحن كفلسطينيين نشعر أن الصراع الدائر بين الفصائل لا يخدم إلا الصهاينة ومخطّطاتهم، وان من يدّعون بأن فصيلهم هو الوحيد الذي يمثل إرادة شعبنا، وهو الوحيد الذي سيحرّر لنا وطننا يكذبون علينا، ويستغلون عواطفنا السياسية والدينية لخدمة أهدافهم الحزبية ومصالحهم الشخصية.

الذي سيحرّر فلسطين هو شعب فلسطين الموحّد في أهدافه وقراره السياسي، والمتراص الصفوف الذي تتسابق أحزابه السياسية، وقياداته المنتخبة ديموقراطيا، ومؤسسات مجتمعه المدني على خدمته من خلال تعليمه وتثقيفه وتدريبه وإيجاد فرص عمل له، وتثبيته وصموده في الأرض، ومساعدته في مقاومة الاحتلال.

العالم لا يهتم بالضعفاء والأغبياء الذين يقبلون العيش على هامش التاريخ، ويحترم ويخشى الأقوياء والأذكياء الذين يجدّدون ويصنعون التاريخ؛ الشعب الفلسطيني معروف بقدراته الخلاقة، وله حضوره العلمي والإبداعي، وقادر على صناعة تاريخه واستعادة حقوقه، لكن الله ابتلاه بانشقاقات وخلافات قياداته المتلاحقة التي أدّت إلى إضعافه وفشله في تكوين جبهة متّحدة متماسكة مدعومة ديموقراطيا توحّده وتقود نضاله من أجل التحرير، وتستطيع قراءة الوضع السياسي الدولي، وتقنع دول وشعوب العالم بعدالة قضيتنا.

الوحدة الوطنية، والعمل المشترك، والاعتماد على الذات في بناء واعمار وتطوير الوطن هي السبيل الوحيد للخلاص من واقعنا الفلسطيني المرير ودحر الاحتلال؛ ولتحقيق ذلك ليس أمامنا خيارا آخر سوى إجراء انتخابات رئاسيّة وتشريعيّة وجهويّة تمكّن شعبنا من اختيار قيادات قادرة على إنهاء الانقسام، وتوحيد القرار الفلسطيني المتعلق بالحرب والسلام، ودعم السلم والوئام المجتمعي، وتوحيد جهودنا لدحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى