قصة قصيرة .. أحلام جنونيّة

ولد ” تيسير ” في قرية فلسطينيّة قبل النكبة بعامين وانتظم في مدرسة القرية بعد ذلك بستّة أعوام؛ كان يتمتّع بصحّة جيّدة، متفوّقا في دراسته، سعيدا بعزلته عن العالم في قريته، ومحبا لأحلام يقظته الطفوليّة التي تمحورت حول أمله بأن يصبح طبيبا ناجحا مشهورا في يوم من الأيام؛ لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفينته وأصيب بمرض عضال أقعده الفراش لسنتين ونيّف، وحرمه من الاستمتاع بطفولته، وأجبره على ترك مقاعد الدراسة حزينا مهزوما متشائما.

بعد عذاب ومعاناة مريرة شفي تيسير جزئيّا، ودخل عالما مظلما جديدا حطّم أحلامه، وأغضبه على نفسه وقدره، وسبّب له معاناة لم يتوقع أن يذوق طعم مرارتها في أي يوم من أيام سنوات طفولته السعيدة الماضية التي انتهت إلى الأبد.

أحسّ بانهيار عالمه الطفولي الجميل البريء المفاجئ، وأصيب بحالة من اليأس والارتباك، واكتشف عمق مأساته الجسديّة وقدره السيء الذي أدخله في عالم الإعاقة، وأدخل هو نفسه في عالم الحالمين الرافضين للهزيمة الباحثين عن بصيص أمل يساعده في تشكيل عالمه الجديد! استمتع مكرها بعالم أحلام يقظته وشعر بأنه الملاذ الوحيد الذي يحتاجه للهروب من مأساته وواقعه اليومي المؤلم.

لم يعرف ماذا يفعل؛ ترك المدرسة وحاول أن يتكيّف مع واقعه الجسديّ والنفسيّ وفشل، وغادر قريته للعمل في دولة خليجية وهو في بداية السنة السابعة عشر من عمره. وجد عملا في مكتبة براتب ضئيل، وبدا يشعر بوجوده في عالم ثقافي قاده إلى عشق القراءة؛ كان يقرأ كل شيء: صحف ومجلات وكتب وأحس بتغيير بطيء في تقييمه لنفسه وقدراته، وغرق في أحلام يقظة جديدة تختلف عن تلك التي جرّبها خلال سنوات طفولته السعيدة التي سبقت انهيار عالمه.

وبعد سنتين من العمل في المكتبة قرّر العودة إلى قريته ومواصلة تعليمه بالانتساب للحصول على شهادة الثانوية العامة؛ ذهب الى مدرسة القرية وحصل على الكتب المقرّرة؛ لكنه اكتشف أن المهمة صعبة التحقيق، وبعد بضعة أشهر عاد إلى الدولة الخليجية التي تركها وعمل ” فراشا “، عامل نظافة في مكتبة كبيرة معظم محتوياتها من الكتب والمجلات الإنجليزية وزبائنها من العرب والأجانب المتعلّمين. أحب عمله وأدمن على القراءة واهتم بتكوين مكتبته الخاصة.

وفي يوم من أيام عام 1965 قرّر أن يلتحق بفصول الدراسة الليلية في مدرسة متوسطة مجاورة لإكمال دراسته؛ سجلّ وذهب إلى فصله الدراسي، لكنه فوجئ بأن المدرس كان من زبائن المكتبة التي يعمل بها وإنه يعرفه جيدا؛ سأله المدرس:

” لماذا قرّرت العودة إلى مقاعد الدراسة في الصف السادس الابتدائي وأنت بهذا السن؟ ”

” إنني في التاسعة عشر من العمر، وإذا قدّر لي أن أعيش، فإن السنوات السبع القادمة ستمر وأحصل على الثانوية العامة، وأزيد فرصي في إيجاد عمل أفضل يمكّنني من تحسين وضعي المادي والاجتماعي.” سر المدرس بالرد ورحب ” بتيسير ” في فصله.

سكن مع أبناء قريته الطيبين وبدأت حياته تتغيّر تدريجيا؛ شعر بأنه يسير في الطريق الصحيح؛ وبدأت غيمة التشاؤم التي غلّفت تفكيره تنقشع رويدا رويدا؛ لكن الأهم أن أحلام يقظته قد تغيرت؛ فصار يحلم بأنّه سيحصل على الثانوية العامة، ويجد عملا أفضل، ويبحث عن بنت الحلال، ويتزوج ويكوّن أسرة سعيدة.

وفي احدى الأمسيات وبينما كان تيسير يتبادل أطراف الحديث مع أصدقائه قال موجها كلامه للآخرين:

” كما تعلمون دخول الرعايا الأجانب في المدارس الثانوية الليلية ممنوع؛ ولهذا إنني لا أدري ماذا سأفعل بعد انهاء المرحلة المتوسطة!”

فرد عليه صديق منهم بالقول ” الوقت ما زال باكرا للتفكير بهذا الموضوع؛ احصل على الشهادة المتوسطة أولا وبعد ذلك يهوّنها الله.”

مرّت السنين تباعا وكان” تيسير” ما زال يعمل في المكتبة؛ لكنه رقّي وأصبح مديرها، وكان يتعلّم أشياء كثيرة عن الحياة من خلال تعامله مع الزبائن العرب والأجانب، واستمر نهمه للقراءة، وزادت ثقته بنفسه ولم يعد يفكّر بإعاقته، بل إنه تجاهلها وكان يتصرّف بثقة كإنسان عادي؛ علاوة على ذلك كانت أحلامه يقظته تكبر وتتجدّد، ومعرفته تزداد وتتطوّر باستمرار.

أنهى المرحلة المتوسطة ودخل المدرسة الثانوية الليلية بالواسطة؛ في آخر عام في المدرسة الثانوية قرّر أن يتزوج وينتسب لجامعة بيروت العربية؛ لكن الحظّ لعب دورا غير متوقّع في تغيير مجرى حياته؛ فبينما كان في عمله في نهاية شهر ديسمبر عام 1972 زاره ” عاهد ” ابن أحد زبائن المكتبة الذي كان يعرفه.

” أين أيامك؟ لم تأتي إلى المكتبة منذ مدّة طويله.” سأل ” تيسير ”

” إنني أدرس الهندسة في جامعة بأمريكا.”

” عظيم! أتمنى لك التوفيق؛ وكيف الأحوال هناك؟ ”

” جيدة، وأنا مبسوط جدا هناك. وأنت كيف أحوالك؟ ”

” كما ترى ما زلت أعمل في المكتبة، وسوف أحصل على شهادة الثانوية بعد ستة أشهر من الآن.”

” وماّذا تنوي أن تفعل بعد ذلك؟ ”

” إنني أفكر في الانتساب لجامعة بيروت العربية العام القادم؟ ”

” هل ترغب في السفر إلى الولايات المتحدة للدراسة؟”

فوجئ ” تيسير ” بالسؤال؛ لكنه أجاب بلا تردّد ” نعم إنني أرغب في ذلك.”

” أعطني شهادة الصف الحادي عشر مصدّقة، وسوف أبعث لك قبولا من الجامعة التي أدرس فيها.”

أعطاه ” تيسير” ما طلب، وبعد عودته إلى الولايات المتحدة بثلاثة أسابيع تقريبا، وصلت” تيسير” رسالة تحتوي على قبول رسمي من الجامعة، وكان عليه أن يقرّر ما الذي يريد أن يفعله؛ وجد نفسه أمام خيارين: الأول أن يبقى على رأس عمله، وينتسب لجامعة بيروت العربية ويحصل على شهادة بالمراسلة ويتزوج ويستقر، والثاني أن يستقيل من عمله، ويسافر ويبدأ مغامرة جديدة من الممكن جدا أن تغيّر مجرى حياته؛ في النهاية اختار الذهاب والمغامرة، وحصل على فيزا من السفارة الأمريكية، واستقال من عمله وطار إلى بلاد العم سام.

حمله بساط الريح من عمّان الى باريس وحط به في نيويورك في الأيام الأولى من الشهر الثامن عام 1973. أخذ سيارة تكسي لعنوان صديقه في ” برود واي ” بمانهاتن؛ ووجد نفسه في عالم جديد ساحر مخيف، لكنه كان يشعر في أعماق نفسه أن نتيجة مغامرته ستكون جيّدة. زار هو وصديقه بعض الأماكن المشهورة الجذّابة في المدينة، وأمضى فيها أسبوعا لا ينسى.

وبعد أسبوع من وصوله توجه مع صديقه وثلاثة طلاب آخرين إلى أوكلاهوما للالتحاق بالجامعة هناك؛ قرّر ان يدرس الهندسة وسجل في مقررات في هذا التخصص؛ لكنه اكتشف في الأسبوع الأول أنه اختار تخصصا لن يفلح فيه، ولهذا غيّر تخصّصه من العلوم إلى الآداب.

ذهب الى شقته التي كان يشاركه السكن فيها طالبين عربيين وأخبرهما بما فعل.” هل انت مجنون لتتخصّص في اللغة الإنجليزية؟ وما الذي ستفعله بشهادتك؟ تصير مدرس انجليزي! ” قال “جمال”.

” إنّني في السابعة والعشرين من العمر، تخرّجت من القسم الأدبي ولا يمكنني النجاح في الهندسة؛ ويجب عليّ أن لا أخدع نفسي وأتورّط في تخصص أفشل فيه وأضيّع فرصتي لتغيير مجرى حياتي.”

” أنت حرّ؛ ولكن عليك ان تعلم أن هذا التخصّص ليس سهلا.”

” إنني أدرك ذلك وأعتقد أن هذا التخصص هو الأفضل بالنسبة لي وسأبذل جهدي للتغلب على الصعوبات التي أتوقعها، خاصة انني سأرفقه بتخصّص فرعي في العلوم السياسية التي أحبّها.”

وبعد أسبوع أخبر ” تيسير” شركاءه في السكن بأنه سيرحل ويسكن مع عائلة أمريكية لأن ذلك سيساعده في تعلّم اللغة بسرعة والنجاح في المقرّرات المطلوبة. وجد ملحقا لبيت تسكنه عائلة أمريكية؛ استأجره ورحل اليه، ووفّر له الاستقلاليّة والهدوء والجو الملائم للدراسة، وجعله لأوّل مرة في حياته جزءا من الحياة الأمريكية الحقيقية.

وبعد ان استقر في السكن الجديد وجد عملا في مطعم للوجبات السريعة لمدة ثلاث ساعات في اليوم لمساعدته في تخفيف نفقاته؛ أنهى الفصل الدراسي الأول بنجاح وسجل في الفصل الثاني، وتعلّم قيادة السيارة واشترى سيّارة في شهر ديسمبر من عام 1973، ووجد عملا يكسب منه أكثر في مطعم للبيزا من الخامسة إلى الحادية عشر مساء أيام الجمعة والسبت وصباح الأحد.

كان يتأقلم على الحياة الجديدة بسرعة ويستمتع بها وسعيدا وراضيا عن جهوده والتقدّم الذي كان يحرزه يوما بعد يوم؛ اجتاز الفصل الثاني بنجاح، وباع سيارته، ورحل مع ثلاثة أصدقاء للعمل في مدينة نيويورك خلال عطلة الجامعة الصيفيّة ووجد عملا في مصنع.

سكن في غرفة من شقة تملكها سيّدة من جمهورية الدومنيكان، وأحب التجوال في الأماكن المختلفة من تلك المدينة الساحرة الغنيّة بصناعاتها وعلومها وفنونها وتنوّع متاجرها وتناقضاتها وتضم أناسا من جميع أنحاء العالم. كانت تجربة نيويورك مفيدة اقتصاديا وثقافيا تعلم صاحبنا منها الكثير عن الحياة في هذه المدينة الضخمة التي تمثل قمّة الحداثة، وعن الاختلافات الحياتيّة والثقافيّة بين سكانها.

وخلال تلك الفترة قبل” تيسير” في جامعة جنوب غرب تكساس الحكومية الواقعة في مدينة ” سان ماركوس ” والتي تغيّر اسمها لاحقا إلى جامعة ولاية تكساس الحكومية؛ وصل إلى سان ماركوس في بداية شهر أغسطس عام 1974. وبعد أن استقرّ، أحبّ الحياة الجامعيّة واستمتع بالنشاطات الطلابيّة وبنمط الحياة والثقافة التي تميّزها وتجعلها أكثر متعة وجمالا وفائدة معرفية عن الحياة في أي مكان آخر، ووجد عملا في كافتيريا الجامعة، وكوّن بعض الصداقات وبدأ يتكيف على الحياة في ” تكساس ” وينظر بتفاؤل كبير للمستقبل.

كتب لوالده الطيب الأمي البسيط رسالة أخبره فيها بأنّه قرّر ان يدرس اللغة الإنجليزية؛ لكن والده أصيب بخيبة أمل لأنه كان يعرف أن الشخص الناجح” بتعلم دكتور أو مهندز والباقي حكي فاظي “، لكن ذلك لم يؤثر على قناعات ” تيسير” الذي خالف رأي والده واستمر فيما أراد.

كان الفصل الأوّل في جامعة تكساس صعبا جدا؛ لكن ” تيسير” كان مصمّما على النجاح.” أنا مضطر أن أنجح؛ ليس أمامي سوى خيارين لا ثالث لهما: النجاح أو الانتحار! هكذا فكّر في مرحلة من حياته! ” لست أدري ما إذا كان سينفّذ ذلك إذا فشل؛ لكن هذه الفرضيّة كانت ممكنة التحقيق لإنسان متمرّد يحلم أحلاما جنونيّة، وحذف كلمة هزيمة وفشل من قاموس مفرداته، وأراد أن ينتصر ليثبت لنفسه أنه صلب الإرادة وقادرا على التحدّي وتحقيق أحلامه.

سكن في شقة مع طالب أمريكي يدرس المحاسبة في نفس الجامعة وأصبحا صديقين؛ كان والد الطالب يحمل شهادة الدكتوراه في علم النفس ويعمل مديرا للتعليم في مدينة ” ماريان ” القريبة، ووالدته ألمانية هاجرت إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. كان ” تيسير” يزور العائلة المكونة من خمسة أفراد: الوالدين وولدين وبنت؛ لقد تعلم الكثير من هذه العائلة عن الحياة الاجتماعية الأمريكية، وهو مدين لها لأنها عاملته كأحد أفرادها، واستمرت صداقته معها منذ عام 1974 وحتى هذا العام 2018.

حصل على شهادة البكالوريوس في صيف عام 1977، وقبل في برنامج الماجستير في نفس الجامعة؛ كان يسير بخطى ثابته إلى الأمام، وكبرت أحلامه، وبدأ يحلق بأحلام يقظته في عالم آخر؛ يريد أن يحصل على شهادة الدكتوراه ويصبح أستاذا جامعيا؛ هيمنت هذه القناعة على تفكيره وكان واثقا من إمكانية تحقيقها. حصل على شهادة الماجستير عام 1979، وأعطي منحة لدراسة الدكتوراه في جامعة ولاية أوكلاهوما الحكومية في مدينة ” استل ووتر”.

لقد أحبّ جامعة تكساس ومدينة ” سان ماركوس ” التي عاش فيها خمس سنوات كانت أجمل سنوات عمره؛ في ” سان ماركوس” كافح صاحبنا ونجح، وتعلّم فيها الاعتماد على النفس، وأصاب وأخطأ، وعانى وغامر وعاش أياما ولحظات ممتعة، وكوّن صداقات جميلة، وغسل آلاف الصحون في مطاعم الجامعة، واستمتع بحياته في جوّ جامعي تقافيّ ساهم في صقل شخصيّته وتطوير فهمه للثقافة الأمريكيّة والغربيّة، وزاد من معرفته للوجود والثقافات الإنسانية والحياة وما قبلها وبعدها؛ لهذا حزّ في نفسه مغادرة المدينة، وبقيت ذكرياتها حيّة في عقله، وعزيزة على قلبه، وعصيّة على النسيان.

وصل الى مدينة ” استل ووتر” بولاية أوكلاهوما في بداية شهر أغسطس عام 1979، وسجّل في برنامج الدكتوراه، وكلّف بتدريس مقرّرين في اللغة الإنجليزية لطلبة السنة الأولى؛ كانت المنحة الدراسية في هذه الجامعة تشمل الإعفاء من الأقساط وراتب شهري يزيد قليلا عن 600 دولار. شكل ذلك قفزة كبيرة في حياة ” تيسير”؛ لقد ودّع غسل الصحون إلى الأبد، وإنه يدّس في جامعة محترمة، وفي الطريق لتحقيق حلمه في الحصول على شهادة الدكتوراه؛ ويكسب مبلغا من المال يكفيه ليعيش حياة كريمة.

كانت جامعة أوكلاهوما جامعة ضخمة فيها الكثير من الكفاءات العلمية والأساتذة المعروفين على مستوى الولاية والوطن، وغنيّة بأبحاثها وكلّياتها ومكتبتها وثقافتها، وضمت طلابا من مناطق مختلفة من العالم؛ ولهذا كان الجو التعليمي والثقافي فيها رائعا ومفيدا لكل من يحب البحث والتفكير الحرّ والبحث عن الحقيقة والتعلّم من الآخرين وثقافاتهم.

كان ” تيسير” محظوظا ليكون المشرف على رسالته للدكتوراه الأستاذ الدكتور ” روبرت كام ” رحمه الله، الذي كان مديرا لجامعة ولاية أوكلاهوما لمدة عشر سنوات، وممثّلا للولايات المتحدة في اليونسكو لمدة سنتين، ومؤلّفا لعدة كتب. كان قبول تلك القامة العلميّة الإشراف على رسالته بمثابة شرف ” لتيسير” أغناه علما وثقافة وأخلاقا. كان الدكتور ” كام ” موسوعة علميّة متحرّكة، وكان ” تيسير” يختلق الأسباب للاجتماع به لأنه كان يتعلّم منه شيئا جديدا مفيدا في كل مرّة يلتقي به؛ لقد تعلّم منه الكثير عن الولاء والوفاء التواضع والالتزام بقول الحق والدفاع عنه، وعن أهمية العلم وطرق ووسائل البحث العلمي.

كانت تجربته العلمية والثقافية في جامعة ولاية أوكلاهوما مكمّلة لما تعلّمه في جامعة تكساس، ومرّت أربع سنوات وحقّق حلمه بالحصول على شهادة الدكتوراه في الشهر الخامس من عام 1983، ووفق في الحصول على عمل في جامعة عربية؛ ودرّس في ثلاث جامعات أمريكية.

غيرت تجربة ” تيسير” العلميّة والثقافيّة حياته، وجعلت منه إنسانا يجلّ العلم والثقافة، ويفهم .. إلى حد ما .. الطبيعة البشريّة وعظمة وقوّة الإنسان الكامنة الجبّارة وضعفه وهشاشته، ويدرك تناقضات وجوده وعقائده وقناعاته وقيمه المنطقيّة والغبيّة التي تحدّد سعادته وشقاءه، ويعتقد أن المعرفة الإنسانية لا حدود لها، والكمال البشري الذي يدعوا إليه البعض وأقرّ بوجوده آخرون، ليس إلا كذبة كبيرة مستحيلة التحقيق!

كان” تيسير ” شاهدا على سخافة الوجود وعظمته، وعلى أن أحلام اليقظة الجنونيّة يمكن أن يترجمها الإنسان إلى حقائق بتمرّده على واقعه وقناعاته، وتحدّيه للصعاب واصراره على الوصول إلى ما يريد، لكنه مهما حقق وأخفق، فإنّه سيغادر الوجود وحيدا حائرا ضعيفا مجهول المصير كما جاء إليه!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ن

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى