كيف نبني ثقافة وطن ؟
بقلم : د. زيد احمد المحيسن

علينا ان نعترف بان مؤسسات الدولة من وزارات تعليم وثقافة وشباب واعلام وغيرها من الهيئات والمؤسسات الرسمية والشعبية لم تستطع بناء ثقافة وطن عبر تسعين عاما من مسيرة الدولة الاردنية. واقصد بثقافة الوطن – الثقافة التي تصوغ شخصية الفرد وتصقلها وتشكل الهوية الثقافية الجامعة للفرد والوطن والامة والتي لايختلف عليها احد.. انها ثقافة تغذي روح الانتماء والوفاء والعطاء للوطن ، وتحصن الافراد من ثقافات التشرذم والاستلاب الفكري والجهوي والطائفي .
انها الثقافة التي يلتف الجميع حولها في وقت المنشط والمكره وفي وقت التحديات والازمات ، ومعاييرها القيم الانسانية النبيله التي تنصهر فيها الجغرافيا والهويات الفرعية وتشكل مفهوم الوطن والمواطنه- والهوية الجامعه – والتي تشكل البسط والمقام – في ابجدية العمل الوطني و في بناء الدولة الاردنية الحديثة والدفاع عنها وعن مكتسباتها وانجازتها .
وامام صيحات الاصلاح ومحاربة الفساد الصادقه نحذر من اصحاب صيحات الاجندات الخاصة والتي تتم – بوعي او بدون وعي بمؤمرة او بغباء سياسي بضمير واع او ضمير غائب – والذين يسعون الى تهديد الهوية الوطنية الجامعة ومفاصل الدولة للنفاذ الى وجود المجتمع واستقراره ونمائه ورفاهية ابنائه واحداث الفوضى وتحطيم معنويات ابنائه، وتشويه ماهو ايجابي في هذا الوطن وتكريس السوداوية والفردية وايجاد الهوة مابين الحاكم والمحكوم.
امام هذه الحالة من التردي علينا ان نعمل على تجذير وتعميق مفهوم بناء ثقافة الهوية الوطنية الجامعة والتي لايمكن ان تصوغها فقط المؤسسات الرسمية ، فالقيم الانسانية النبيلة هي نتاج تراكمات من الممارسات الانسانية في ذلك المجتمع ، وان وجود مؤسسات مجتمع مدني متحضر تؤمن بالوطن ارضاً وانساناً كفيلة بخلق ثقافة وطنية تعمل على التركيز على بناء الهوية الام التي تنصهر فيها كافة الهويات الفرعية وتشكل ثقافة وطن تعلو ولا يعلى عليها شىء.
ان تكريس سلطة القانون وتحقيق العداله الاجتماعيه والمساواة بين الناس هو الطريق الامثل لبناء هذه الثقافة وتعميقها لدى الاجيال، لهذا فان كافة منظمات المجتمع المدني بما فيها ايضا مدارسنا ومعاهدنا ومساجدنا وكنائسنا، كلها مطالبة بالعمل جنبا الى جنب لتعزيز مفهوم ثقافة وطن ، فهي ثقافة القوة والعزة والرفعة .