هرمنا وفهمكم كفاية

بقلم : عيسى محارب العجارمة

منذ بداية الربيع العربي وأنا أهاجمه بمنتهى القسوة وأصفة بالربيع العبري ، وذلك لأسباب يطول شرحها ومحلها مقالات سابقة (قد شعر رأسي ) ولربما لاحقة ، وللامانة فقد هرمنا ونحن ننتظر ربيع الأمة الحقيقي ، وحتى تفيق على واقع أفضل وعيش رغيد ، ويبدو أن الأردنيين في ثورتهم البرتقالية المجيدة بهبة رمضان ، قد أخذوا على عواتقهم أعادة رسم خرائط الربيع العربي ، الذي دشنه الشعب التونسي الشقيق عام 2011 ، بحروق قاتلة بجسد الشهيد بوعزيزي ، الذي أبت نفسه الأبية تقبل صفعة يد وكف الشرطية التونسية الغبية ، فقد أصابت نظام بن علي بمقتل ، ودفعت ذاك الشيخ التونسي لصرخته المدوية والتي سجلها التاريخ بتلخيصه واقع الامة وتونس المتفرنجة ، بكلمة جامعة مانعة من خمسة حروف ، اولها الهاء وثانيها الراء وثالثها الميم ورابعها النون وخاتمتها الالف ، فقد هرمنا ونحن نشرح للعالم معناها ولم نفلح لغاية اللحظة .

لا أدري بأي قاموس يجب ان توضع كلمة هرمنا لتفهمنا تلك الانظمة الغبية ، ولا اعرف ترجمتها بالعبرية او الروسية او الصينية مع اني افضل ترجمتها للاولى لان انظمتنا من المحيط للخليج لا تفهم ولن تفهم غير اللغة العبرية ، اما حرف الهاء فقد ابى الشعب الاردني الابي ان تستمر ملهاة البنك الدولي عن حقوقنا الاقتصادية المنقوصة ونزع الطفل الاردني الوليد (لهاية)الاطفال من ثغره الجائع الشاكي الباكي ، وكنت تسمع قرع نعال الثوار الابطال وهم يهبوا على قلب رجل واحد باتجاه مجمع النقابات المهنية في يوم تاريخي مهيب وهم صائمون ، شيبا وشبانا ، ذكورا واناثا ليقولوا للبنك الدولي وادواته المحلية العميلة هرمنا .

والراء هي روعة الروح الجديدة للجماهير الشابة التي هتفت حناجرها بالدوار الرابع بلغة جديدة لم استطع فهم كنهها الشاب فأنا من جيل مدجن تعدى الخمسين وهو يمتلك نفس الروح الكهنوتية التي تأله الحاكم والحكومة والبنك الدولي وتقول للظالم سوطك لا يؤلم فقد أثخنتنا تلك الانظمة البائسة كشعوب عربية بأجهزة قمع تمنع المواطن ان يشتم البنك الدولي وخدمه وصانعي سياسة التجويع المتعمدة بين جدران نفسة الكبلة بالقهر والذل وكنا عبيد تحت سطوة القمع والحديد لتخرج علينا اجيال تأبى الخنوع والخضوع الا لرب العزة .

والميم ماء السماء الذي جادت به على جنبات بلادنا واريافنا الخضراء بعد هبة رمضان وتخرج الخبء من خزائن الجيران الاغنياء الاغبياء وتسيل القروض الضامنة لمديونيتنا بالبنك الدولي ، ويزورنا حتى نتنياهو وكوشنير وميركل وهاهي بوابات البيت الابيض تفتح لنا وسيعبوا اصابعنا بالخواتم ونشرب من انهار الخمر والعسل الذي وعدونا به خلال اجواء توقيع معاهدة وادي عربة وما اكثر العرابين لصفقات جوعنا وفقرنا وهي اشد ضراوة وفتكا من صفقة القرن .

والنون ننعى بها جبننا وخوفنا وخضوعنا التاريخي المتناسل المتوارث منذ عهود وعقود طويلة نفضنا ايدينا منها ونحن اليوم في حل تام من اثمها التاريخي المزمن مع انظمة بائسة دخيلة لا تملك من امرها الا التأمر والتآمر على شعوبها المنكوبة بها ، فقد نفضنا البيعة للخوف والذل والخنوع وكل السلسلة التاريخية المزمنة لحقوقنا المنقوصة نفسيا واعلاميا وعلى كل الصعد ونقلنا البندقية من كتف الى كتف ولا نامت اعين الجبناء .

والالف نستمد من قامتها المديدة كالنخلة الباسقة بساحة النخيل برأس العين ، نستمد منها الالفة بزمان بهي اردني قادم صاغته حناجر الاجيال الجديدة الشابة لنعيش ما تبقى من اعمارنا بقليل من خوف وكثير من عزة وكرامة مترامية من نهر الاردن الى بحر الجليل ، بشروط اجيال ما عرفت غير لغة العزة والكرامة اما نحن فقد هرمنا ولا اقول لمن ينتقد هذا المقال ولغته الجديدة من جيل العزة والتحدي الا الان فهمتكم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى