ما الذي ينتظر الأردن ؟
بقلم : محمد شريف الجيوسي

هل سينجح د. عمرالرزاز في قيادة المرحلة إلى شط الأمان ؟ سؤال يبدو ساذجاً طرحه بعد إعلان التشكيلة الوزارية الصادمة للشارع الأردني ، في وقت كانت تعول عليه آمال من البعض على الأقل.
ومع ذلك نتساءل هل د. الرزاز جزءاً من تركيبة النظام السياسي الأردني يحمل جينات عيوبه ونواقصه وأمراضه، هل هو حصان المرحلة الملائم القادر على إمتصاص الشارع ، وتحقيق برنامج المرحلة القاتلة ؛ التي مؤشراتها زيارات كوشنير ونتنياهو وميركيل .
أو أنه مختلف نشأة وتركيبة وثقافة وبنية وبيئة !؟ وفي ذهنه أن يصنع شيئاً مختلفاً كرؤساء الوزارات الذين حاولوا عمل شيء بغض النظر عن مدى نجاحهم أو إخفاقهم، ومدى ثقة الشارع الأردني بهم من عدمه كـ سليمان النابلسي وهزاع المجالي والشريف عبد الحميد شرف ووصفي التل ومضر بدران وطاهر المصري وعون الحصاونة ..
هل النظام السياسي يمتلك الإرادة والإمكانية و(المصلحة) في تحقيق الإصلاح الإقتصادي و السياسي معا .. هل حل الأزمة الإقتصادية في البلد رهن بالحصول على مساعدات خليجية أمريكية وغربية جديدة، ستكون مشروطة حتما، فالدول ليست جمعيات خيرية توزع الصدقات وجوائز الترضية بالمجان،ولا جمعيات اجتماعية أو خيرية توزع طرود الخير والإعانات للمحتاجين ومحتالي الحاجة أحياناً .
او أن حل المشكلة الإقتصادية للدولة الأردنية يكون بقبض النظام السياسي حصته كما يشاع من صفقة القرن، أو كما يراد له ـ رضي من رضي أو غضب من غضب ، وهي حصة بحال ان تحل ضنك الشعب واحتقانه،بل ستضاعف مشكلاته ، فالمساعدات تحمل معها المزيد من القيود والإشتراطات من جهة ، والمزايا والمكاسب للشرائح الحاكمة من جهة أخرى.
هل حل الأزمة الإقتصادية والسياسية المركبة يكون من الداخل بمحارية الفساد جديا واسترجاع الأموال المسروقة والمنهوبة ووضع حد للهدر واستعادة الأصول المباعة وحل المؤسسات الخاصة ووقف التعيين بعقود وتخفيض رواتب الوزراء والنواب والأعيان والرواتب التقاعدية والغاء الإمنيازات المالية الممنوحة لهم ولكبار موظفي الدولة وتخفيض أعداد الوفود والمشاركين فيها وحسابات مهامهم ..
وهل يكون أيضا بتشجيع الإنتاج والإستثمار الوطني والزراعة والحرف والتعاونيات وإقراض الزراعة والصناعة الوطنية والغاء الاتفاقيات الدولية التي تقيدها ، وتشجيع الإستثمار الخارجي غير المقيد باشتراطات غير عادلة أو المستغل لليد العاملة الوطنية أو المستجلب لعمالة أجنبية ومواد خام من الكيان الصهيوني أو وإخراج كامل ارباحه.
وهل يصبح متاحا استثمار طاقات البلد الأحفورية من صخر زيتي وغاز وبترول ( حيث لا يعقل ان يتوفر عليه محيطنا الجغراقي كله ويكون حراما علينا استخراجه في الأردن ).
هل يصبح ممكنا إسترجاع حقوق الأردن المائية المسروقة من الكيان الصهيوني من مياه نهريْ اليرموك والأردن ووادي عربة ومزرعة الباقورة والديسي (التي يقوم كيان العدو بسرقتها من تحت الطاولة ).
هل يمكن أن يصلح حال البلد إقتصادياً دون تحقيق إصلاح سياسي شامل ، في النهج والأدوات والآليات،دون قيام نظام ديمقراطي بنظام انتخابات نيابية يفرز نوابا حقيقيين مدعومين من الشعب على مسنوى الوطن ليكونوا قادرين على تحقيق مصالحه ، وقيام أحزاب قوية على مستوى الوطن كله ، ليست عائلية ولا عشائرية ولا جهوية ولا عنصرية ولا إقليمية ولا تتحذ من الدّين مظلات تفرض من خلاله أجنداتها ، وتخصيص خزينة الدولة أموال للأحزاب كافية بقدر ما لها من نواب ، ولا نيابة دون أحزاب تفرزها .
نحن بلد لسنا في حاجة للمساعدات والمنح والقروض والصدقات من أي كان، سواء من الأخوة الأصدقاء أو الأخوة الأعداء أو من الغرب وفي المقدمة رأس الأفعى أمريكا ، التي يصفها النشطاء الأردنيون كذلك علناً ، في كل هتافات مسيرانهم واعتصاماتهم منذ عقود.
ونحن بحكم الموقع الجعرافي نستطيع إيصال منتجاتنا الزراعية والصناعية على إختلافها الى سورية والعراق ومن خلالهما إلى إيران ولبنان وتركيا وروسيا وأوروبا وبلدان أخرى عديدة ، في حال فتحت الحدود مع كل مع سورية والعرق وقدمت للزراعة والصناعة الوطنيتين عوامل نموهما وفي المقدمة، أسعار الطاقة التي تبلغ معدلات خيالية بالقياس لأي بلد آخر ما يعيق نموهما وتطورهما وبأسعار منافسة .
وبهذا المعنى فمصلحة الأردن تكمن في تحقيق السلام في كل بقعة من الوطن السوري والعراقي ، وسيطرة الجيشين الوطنيين فيهما على أراضيهما كاملة ، وليس في استمرار قيام هدن مؤقتة ومناطق لخفض التوتر لأن هكذا مناطق لا تحقق سلاماً دائما مستقرا ، وتُبقي على الحدود مغلقة في وجه الزراعة والصناعة والتجارة الأردنية ، وتتيح للكيان الصهيوني ولتركيا وللولايات لمتحدة الأمريكية ولحلفائها الإقليميين والدوليين ؛ التدخل في شؤونهما وتعطيل إحلال السلام فيهما ، وبالتالي الإضرار بمصالح الأردن ، وإستمرارالبلد محتاجا لمساعدة سواه وتنامي هذه الحاجة والعجز المالي والمائي والديون، وهيمنة أعداء الأردن الحقيقيين عليه وتعاظم مأزقه الوطني .
بكلمات، إن ( القصة ) أكبر من حكومة تستقيل وأخرى تحل محلها ، بغض النظر عن شخص د. الرزاز ونواياه أو غيره ممن مضوا أو سيأتون، فالحكومات ضمن النهج الحالي فاقدة للولاية ، بغض النظر عما قد يبدوا أنه يصدر عنها .. ونحن ما زلنا في المربع الأول وربما قبله .