اولاد النظام وتجار السياسة
بقلم : د. زيد احمد المحيسن

تغيير الوجوه بتغيير المواقع ، مهنة يتقنها الساسة في بلدنا بدرجة عالية من الحرفية والمهنية – فتجار السياسة في بلدنا تتلمذوا على تعاليم ميكافيلي منذ سنوات واصبحت الغاية واضحة لهم وهي الجلوس على مقعد وزاري متقدم دون النظر الى اخلاقية الوسيلة التى يتعاملون بها – فالكرسي في نظرهم يمثل البسط والمقام ، وفي وجدانهم هو الهدف والغاية الذي يسعون اليه والاساليب التي يمارسونها ماعادت تخفى على احد – فالصوت العالي والمعارضة هو واحد من هذه الاساليب الكثيرة والتى نراها ماثلة امامنا هذه الايام بكل وضوح، فما ان تزور مجلس عزاء او مجلس فرح الا وينبري لك اشخاص يشككون في كل شيء جميل في هذا الوطن و يكيلون الاتهامات جزافا وتشويا للوطن و سمعة المخلصين من اصحاب المبادىء الشرفاء من اجل خلق اجواء مسمومة معتمة وتعكير الاجواء ليتسنى لهم التصيد فيها بيسر وسهولة وليضمنوا ديمومة رزقهم في هذه التجارة الفاسدة ، ولولا اننا نعيش داخل اسوار الوطن لصدقنا ما يتقولونه بحق الوطن من اقاويل و من قصص لها اول وليس لها نهاية.
فعلى مدار عمر الدولة الاردنية لم يروا انجازا واحدا يذكر وتناسوا مع سبق الاصرار هامش الحرية التى يعيشون فيها وان هذه النعمة وحدها لايعرف قيمتها الا من جرب الظلم وغياهب السجون والمعتقلات ، فالحرية الفردية والتعبيرية يتمناها البعض من ابناء دول الجوار الذين لجأوا الى بلادنا للاستمتاع بنسماتها بعد ان فقدوها في ديارهم – فالامن والطمائنيه التي ينعم بها الجميع ليست انجازا في نظرهم، وحرية القول والرأي والتعبير هي الاخرى ليست انجازا ، والنهضة التعليمية والصحية والاقتصادية والبنى التحتية والتي هي مثار اعجاب الاشقاء والاصدقاء هي ليست انجازا – فما هو الانجاز يا ترى من وجهة نظرهم ؟ هل بث الاشاعات وقتل الروح الوطنية وتشكيك الناس في نظامهم السياسي يعد انجازا ؟ ام ان تضليل الاخرين وجلد الذات وشخصنة الامور والتشويش على كل من هو شريف في هذا الوطن يعد هو الانجاز في نظرهم ؟ ام ان الغاية والهدف هو في الحصول على كرسي وزاري او رئاسة مجلس اداري لاي شركة من شركات الدولة ؟
بعدها يتغيير الوضع بالنسبة لهم ويصبحون هم الاوصياء على كل شىء- اما ابناء النظام الحقيقيون او ما يسمون بالاغلبية الصامتة المضحية للوطن جهدا وعرقا ونماء ، فهؤلاء لا حول لهم ولا قوة لان صوتهم غير مسموع ولانهم يرضون بالقليل ولانهم لم يسرقوا مقدرات البلاد ولانهم اصحاب قيم ومبادىء ساميه لم يتتلمذوا على التعاليم الميكافيلية ، ولم يمارسوا النفاق ولم يغيروا وجوههم مع تغير مواقعهم الوظيفية ، بل بقيت صورة الوطن هي الانصع وهي الانقى في وجدانهم تشربوها مع حليب الام فنما الولاء للوطن وحده لا لكرسي او لاي مغرم دنيوي زائل.
لهذا فهؤلاء حملة رسالة وبناة امة ترجموا اقوالهم الى افعال ، وخلدوا الوطن باحرف من نور وضياء لازال ضياؤها يسطع في سمائنا منارة عز وعطاء وكبرياء.