هل يقود انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي إلى حرب تهدّد وجود دول مجلس التعاون ؟
بقلم : د. كاظم ناصر / كاتب فلسطيني
توصّلت إيران ودول مجموعة ( 5+1 ) التي تضمّ روسيا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا في 14 تموز 2015 لاتفاقية لتسوية المسألة النووية الإيرانية، وأقرّت خطّة عمل جرى الإعلان عنها وبدأ تطبيقها في 6 يناير/ 2016 . إسرائيل التي تدّعي بأن إيران تهدّد وجودها اعتبرت الاتفاقيّة كارثيّة، وبذلت جهدا كبيرا لإقناع الدول الموقعة عليها بأن إيران لم تلتزم بتطبيق بنودها منذ توقيعها، وإنها ما زالت مستمرّة في تطوير برنامجها النووي على الرغم من تقارير منظمة الطاقة الذرية الدولية التي تؤكّد التزام إيران بتطبيق بنود الاتفاقية.
الانسحاب الأمريكي من الاتفاقية الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمّ بناء على رغبة إسرائيل وبالتنسيق مع حكومتها ودول خليجيّة معينة؛ وفور إنهاء ترامب لخطابه القصير الذي أعلن فيه انسحاب بلاده من الاتفاق وفرض مقاطعة اقتصادية على إيران، سارع نتنياهو بشكر ترامب واعتبر قرار الانسحاب تاريخيّا، وهدّد بأن إسرائيل لن تسمح لإيران بتطوير سلاح نووي أبدا؛ وتوازيا مع قرار ترامب وتصريحات نتنياهو أعربت الحكومات السعودية والاماراتية والبحرينية عن تأييدها للقرار بينما رفضته دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين.
القرار الأمريكي سيزيد الوضع في الشرق الأوسط خطورة، وقد يؤدي الى نشوب حرب مدمرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والسعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومن لفّ لفيفهما من جهة، وإيران وسوريا وحزب الله والمليشيات الشيعية في العراق واليمن وأعداد من الشيعة في دول مجلس التعاون.
تمّ تأسيس مجلس التعاون الخليجي كتكتل سياسي لحماية الأنظمة والعوائل الحاكمة؛ لقد فشل في تحقيق الحد الأدنى من التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري بين دوله، وأخفق في حل الأزمة القطرية التي مضى عليها أكثر من عام، واختلفت سياسات دوله في التعامل مع إيران؛ الكويت وعمان وقطر لا تريد ان تتورّط في مواجهة مع إيران إرضاء لأمريكا والسعودية وإسرائيل، وتعتقد ان إيران دولة مسلمة جارة لا بد من قيام علاقات وديّة معها لمصلحة الجميع.
إذا نفذّت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبعض الدول الخليجية تهديداتها لإيران وارتكبت حماقة بمهاجمتها، فإن أبواب جهنم قد تفتح في المنطقة، وإن الحرائق ستنتشر في الشرق العربي وخاصة في دول مجلس التعاون وتقود إلى تغييرات جغرافية وديموغرافية خطيرة قد تؤدي إلى انهيار مجلس التعاون واحتلال بعض أقطاره، وتقسيم أقطار عربيّة أخرى، وسفك المزيد من الدماء إرضاء لترامب ونتنياهو وبعض حكام الخليج !