وداعا لـ “الصاغ الأحمر” رفيق جمال عبد الناصر

 بقلم : عبد الهادي الراجح

فجعت الأمة العربية ومصر بشكل خاص، وأحرار العالم  برحيل اخر عمالقة ثورة 23 يوليو المجيدة، الصاغ  الأحمر كما كان يصفه رفيق دربه ونضاله الزعيم جمال عبد الناصر  .

فقد رحل عن عالمنا  خالد محي الدين القامة الوطنية والقومية والأممية  المحترمة ، التي قلما يجود الزمن بمثلها، فهو أكبر من كل الألقاب، ولم يكن مجرد عضو قيادة مؤسس لثورة 23 يوليو المجيدة فقط، بل هو تاريخ أمة تسيرعلى ألأرض، حيث كان له إسهامات ونضالات وطنية قبل ثورة 23 يوليو، كما  يعتبر لجانب الزعيم جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر وعبد اللطيف البغدادي الخلية الأولى لتلك الثورة العظيمة.

فالراحل كان عضوا نشطا في منظمة “حدتو” الشيوعية، التي كان يتم فيها طبع معظم منشورات الضباط الأحرار منذ التأسيس، وبقي المناضل الكبير خالد محي الدين مخلصا لفكره الماركسي وقناعته بعد نجاح الثورة واختلف مع رفاقه وقدم استقالته ولكن بقيت العلاقة الإنسانية مع رفيق دربه جمال عبد الناصر على أفضل ما يكون ، وقد سبقه في تقديم الاستقالة قامة وطنية عظيمة  وهو البكباشي يوسف صديق ذلك الشيوعي الملتزم الذي استقال بعد نجاح الثورة ولولا ذلك البكباشي يوسف صديق لواجهت الثورة صعوبات كثيرة وربما الفشل حيث تحرك قبل جميع رفاقه أي قبل ساعة الصفر  واعتقل كل قيادة الجيش وسيطر على مبنى القيادة العامة في الساعات الأولى لفجر 23 يوليو  .

وقد أشاد بدوره الزعيم جمال عبد الناصر في خطابه التاريخي بذكرى الثورة ، ورحل يوسف صديق رحمه الله في الــ 31 من آذار/ مارس عام 1975 ، حيث شيعه كل رفاقه من قيادة الثورة وبعض المختلفين معه  .

اليوم يرحل آخر قادة تلك الثورة المجيدة التي غيرت وجه المنطقة وساهمت في دعم حركات التحرر في القارات الثلاثة وطرد الاستعمار منها، فقد استقال محي الدين بقناعته السياسية،  ولكن بعد رحيل جمال عبد الناصر أصبح يقف لجانب زعيم الحزب الناصري ضياء الدين داود رحمه الله  المعارض الأول لنهج الخصخصة وبيع مقدرات الوطن، كما عارض النهج الاستسلامي لأنور السادات، حيث بقي خالد محي الدين الأكثر صدقا وأمانة ودفاعا عن انجازات ثورة 23 يوليو والوقوف في وجه الأعاصير  خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي المؤسف .

فقد أسس رحمه الله أحد أهم الأحزاب السياسية في مصر وهو حزب التجمع  الوطني الوحدوي، ولم يعرف الراحة أو الابتعاد حتى  بعد أن تجاوز التسعين عاما من عمره، فالراحل لم يكن يسعى للمجد الشخصي.. ولكن المجد الوطني والقومي والمواقف المشرفة هي من عرفته .

اليوم يعود خالد محي الدين لنفس قريته كفر شكر التابعة لمحافظة القليوبية التي ولد بها في 17 آب/ أغسطس عام 1922م ، ويعود اليها اليوم محمولا على الأكتاف بعد أن رفع اسم بلدته ووطنه وأمته عاليا، فالمناصب لم تغيره، فهو عضو مجلس قيادة لأعظم ثورة عرفها العالم النامي، وسفير  وكاتب في أخبار اليوم وعضو في إدارتها، ومؤسس صحيفة المساء ونائب في مجلس الأمة، وثم مجلس الشعب بعد أن تغير اسمه لسنوات طويلة.. فقد احترمه حتى من اختلف معه، ولم يختلف عليه إلا أولئك المختلفين على الوطن وهويته .

رحم الله القائد البطل خالد محي الدين آخر ما تبقى من قيادات الصف الأول لثورة 23 يوليو المجيدة .. وتعازينا الحارة لكل أحرار أمتنا وشعبنا في مصر، ولأسرته بشكل خاص.

وما تركه خالد محي الدين ورفاقه سيبقى خالدا وشاهدا على عصر الرجال الرجال.. ولا نامت أعين الجبناء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى