عن قرار ترمب وتوابعه
بقلم : د. إبراهيم حمّامي
1- السلطة التي خُلقت باتفاق أوسلو وجدت لحماية الاحتلال وتقليل كلفته وتجميل صورته، وهي ظاهرة غير مسبوقة تاريخياً.
2- التنسيق الأمني هو العمود الفقري لبقاء هذه السلطة، ولا توجد سلطة ولن تبقى بدون التنسيق الأمني.
3- قيادة السلطة ومكونها الرئيسي حركة فتح لا تستطيع اتخاذ أي خطوة أو قرار من أي نوع ضد الاحتلال، لأن ذلك يعني تهديداً وجودياً لهم.
4- السلطة وحركة فتح لا تشكل أي تهديد من أي نوع للاحتلال، ولو فعلت لتم القضاء عليها تماماً.
5- الهدف الرئيسي للسلطة وتنسيقها الأمني هو تدجين الشعب الفلسطيني تماماً، ومنع أي تحرك من أي نوع ضد الاحتلال، وهو ما شاهدناه بالأمس في مدينة نابلس من وقوف أجهزة السلطة الأمنية جنباً إلى جنب مع قوات الاحتلال في حماية المستوطنين ومواجهة الشباب الغاضب هناك من محاولات اقتحام قبر يوسف بالمدينة.
6- لا نية ولا جدية لمواجهة قرار ترمب الأخير حول مدينة القدس، وخطاب عباس الذي اعتبره البعض قوياً، كان مجرد كلمات فارغة المحتوى والمضمون، بل كشف عن اتفاق لمكافحة الإرهاب مع 81 دولة كما ادعى، وكشف عن تعهده بعدم اللجوء للمحاكم الدولية لمحاكمة الاحتلال، وهي قرارات اتخذت بشكل فردي بمعزل عن أي مؤسسة رسمية بغض النظر عن شرعيتها.
7- بدلاَ من اتخاذ موقف من التنسيق الأمني بدأ عباس تنسيقاً من نوع آخر، سياسي هذه المرة، بإرسال وفد فلسطيني-إسرائيلي مشترك للصين وروسيا!
8- التنسيق السياسي لا يقل خطورة أو بشاعة عن التنسيق الأمني.
9- اللجوء لمجلس الأمن هو محاولة لذر الرماد في العيون، والظهور بمظهر من يتخذ اجراء و موقف، إذ كيف تتم الشكوى ضد قرار الولايات المتحدة في المجلس الذي تتحكم بقراراته، لتكون الولايات المتحدة المتهم والقاضي في ذات الوقت.
10- من الواضح أن الإدارة الأمريكية درست قرارها الأخير بعناية، وليس كما يظن البعض أنه إجراء أهوج من رئيس أهوج.
11- من الواضح أيضاً أن إدارة الرئيس ترمب قد نسقت موقفها مسبقاً مع القوى الإقليمية بالمنطقة، التي تعهدت بدورها بكتم أي صوت معارض.
12- الموقف العربي الرسمي إن أحسنا الظن ضعيف، لكنه في واقع الأمر متآمر ومتورط في القرار وتبعاته.
13- القرار الأمريكي ليس إلا البداية لقرارات أخطر بدأت ملامحها تتضح من خلال موقف الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ليس فقط باستعمال حق النقض (الفيتو)، أو بتهديد من يصوت ضدهم، بل بدعوة عائلة الجندي الأسير في غزة لحضور جلسة لمجلس الأمن خصصت لمناقشة الجنود الأسرى في غزة.
14- المطلوب هو تجريم الشعب الفلسطيني تاريخياً وجغرافيا، وتجريم كل وسائل المقاومة المشروعة وبكل صورها، وفرض أمر واقع جديد لصالح الاحتلال، وبموافقة عربية رسمية.
15- ردود الفعل الفصائلية جاءت باهتة وضعيفة، طغت عليها الشعارات والكلمات الرنانة، ولم تصل للحد الأدنى من اتخاذ موقف من السلطة على أقل تقدير للضغط عليها.
16- ردود الفعل الشعبية تفاوتت بشكل كبير، غزة تحاول وتدفع ضريبة باهظة، الضفة تُقمع وبقوة لكنها تعيد الكرة تلو الكرة بلا توقف، عربياً وعالمياً: تعاطف شعبي معتاد من مسيرات وتظاهرات ووقفات وبيانات، لكن دون تنسيق أو توجيه .
17- لا يعني ذلك التقلبل من اي فعالية أو حراك مهما كان، بل العكس تماماً هو المقصود، أي الاستمرار وبزخم أكبر ضد ما يحاك للقدس والمنطقة.
18- الاحتلال بدوره يستغل ما يجري بانتهازية وقحة تصل حد الإجرام، بخطوات عملية على الأرض منها افتتاح كنيس تحت المجلس الأقصى، ونصب الشمعدان فوق الحرم الابراهيمي في الخليل، والسيطرة على جزء من مقبرة باب الرحمة التي تضم رفات صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحويله لمزار سياحي، وازدياد عدد الاقتحامات والسيطرة على المقامات الدينية.
19- كل ذلك يجري في مناطق يفترض نظرياً أنها تحت سيطرة سلطة أوسلو (مناطق ألف و باء)، ولكم أن تتخيلوا ما يجري في المناطق الأخرى.
20- الاحتلال يقوم بكل ذلك بهدوء وانضباط سياسي وعسكري، لا حديث عن قرار ترمب وآثاره، والامتناع عن التصعيد المعتاد مع قطاع غزة، لأن الهدف أكبر وأخطر .
21- مواجهة ما يتم لا يكون فقط بالشعارات والبيانات، لكن باجراءات عملية على الأرض.
22- مطالبة الشعب بالانتفاض دون قيادة أو توجيه أو إعداد أو دعم هو وصفة جاهزة للفشل والإحباط.
23- الاجراءات المطلوبة يجب أن تكون تصاعدية تصعيدية تبدأ بالضغط على السلطة لوقف الاتصالات والتنسيق، والتوجه للمحاكم الدولية، والحراك الميداني بكل الوسائل المشروعة، واجراءات أخرى يتم التوافق عليها وصولاً لحل السلطة بالكامل وتحميل الاحتلال مسؤولياته كاملة .
24- لجوء محمود عباس لمنظمة التحرير ومجلسها المركزي بعد اسابيع من القرار الأمريكي لا قيمة له، فالمجلس فاقد للشرعية القانونية والوطنية، وهو مجلس بصم يحركه عباس كما يشاء.
25- حضور الفصائل الأخرى لاجتماعات المجلس إن تم سيعني إضفاء الشرعية على عباس ومجلسه، ومشاركة في جريمة اللاموقف واللاقرار.
26- وعليه فإن القرار الأول هو رفض مشاركة السلطة في أي اجتماع أو لقاء، ومقاطعتها مع ضغط شعبي متواصل حتى تتخذ اجراءات عملية تقف في وجه القرار وتبعاته، بدلاً من حماية المستوطنين، والتنسيق مع الاحتلال.
27- المصالحة التي ولدت ميتة كانت أولى ضحايا اللاموقف ولم يعد لها أي وجود على أجندة السلطة، ليستمر حصار غزة ومعاناة أهلنا هناك، كجزء من وسائل الضغط للقبول بالأمر الواقع.
28- صفقة القرن ليست وهماً أو ضرباً من الخيال، والوقائع تؤكد أنها بدأت، وبالقدس تحديداً، أقدس الأقداس ولب الصراع، فإن مرت الاجراءات وتم امتصاص ردة الفعل، سهل تمرير الباقي.
29- مكانة القدس والأقصى ليست للفلسطينيين فقط، بل لكل حر شريف، والتفريط باي حق من الحقوق هناك سيعني التفريط بكل شيء.
30- لكن في ذات الوقت نقول: فلسطين كلها قدس، بكل ذرة من ترابها، لا تفريط ولا تنازل ولا بيع ولا مساومة.
لا نامت أعين الجبناء