دراسة امنية اسرائيلية تؤكد ان السعودية تسير نحو المجهول
قال معهد أبحاث إسرائيلي متخصص بالشؤون الأمنية، إن التطورات الأخيرة الحاصلة في السعودية على الصعيد الداخلي والإقليمي تشير إلى أن المملكة تتجه نحو المجهول بقيادة ولي العهد الشاب.
جاء ذلك في دراسة بحثية وضعها عاموس يدلين، رئيس معهد أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي في جامعة تل أبيب، والذي سبق ان شغل منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ثم الباحث في المعهد، الدكتور يوئيل غوجانسكي، الذي عمل في السابق كمركز للموضوع الإيراني في “مجلس الأمن القومي” التابع لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية.؟
وقد استعرضت الدراسة التي تم نشرها امس الاثنين، الأحداث الحاصلة في السعودية، وأبرزها إقدام ولي العهد، محمد بن سلمان، على اعتقال 11 أميرا وأربعة وزراء وعشرات المسؤولين، ” بزعم محاربة الفساد”.
وأشار الباحثان إلى أن الأمراء المعتقلين، وعلى وجه الخصوص، الوليد بن طلال ومتعب بن عبد الله ومنصور بن مقرن (الذي قتل بإسقاط طائرته) وعبد العزيز بن فهد، كانوا يوجهون الانتقادات الشديدة إلى بن سلمان.
ونوها إلى أن “التطور الأهم في خطوات بن سلمان مرتبط بسيطرته على مركز قوة أمني آخر لدى إبعاد متعب بن عبد الله، قائد الحرس الوطني”، وهو قوة نخبة عسكرية يعدّ قرابة 100 ألف رجل أمن، وتتواجد قوة من هذا الحرس في البحرين من أجل حماية النظام البحريني فيها.
ورأت الدراسة أن “موجة الاعتقالات هدفها، كما يبدو، إبعاد معارضين، بشكل فعل أو بالقوة، عن طريق محمد بن سلمان نحو العرش”.
وأضافت أنه على الرغم من أن بن سلمان يصور اعتقال الأمراء على أنها حرب ضد الفساد، إلا أن سلوك ولي العهد نفسه لا يختلف عن سلوك باقي الأمراء من حيث الجوهر.
وأشارت الدراسة في هذا الصدد، إلى أن شراء بن سلمان، على سبيل المثال، يختا بمبلغ 500 مليون دولار، لذلك فإن بن سلمان عمل بهدف منع انتقادات ضده من جانب خصوم له داخل العائلة ولجم تشكل معارضة لحكمه، بل ومن الجائز أن خطواته تعكس تطلعا إلى نقل العرش إلى يديه بسرعة”.
ولفتت إلى أن محمد بن سلمان فتح جبهة داخلية في الوقت الذي تتدخل فيه السعودية في عدد من الجبهات الخارجية في الشرق الأوسط، ضد إيران في اليمن، وضد حزب الله في لبنان وضد قطر.
وأكدا في دراستهم أن “الدمج بين مواجهات خارجية وصراعات داخلية يستوجب متابعة متواصلة للتطورات، التي قد تضرّ باستقرار المملكة، إضافة إلى وضع ردّ على انعدام الاستقرار هذا”.
ووفقا للباحثين الإسرائيليين، فإن التغييرات في توازن القوى السياسية التي يسعى محمد بن سلمان إلى إجرائها، بدأت بصورة تدريجية منذ العام 2015، عندما عينه والده في منصب ولي ولي العهد، ووزيرا للدفاع ومسؤولا عن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
إلا أن ذلك توقف مع إطاحته بولي العهد محمد بن نايف، رغم أنه كان مسؤولا عن قوات الأمن الداخلي وتم وضعه في حبس منزله مع أقربائه، بحسب ما أشارت له الدراسة.
وهو ما شكل – بحسب الدراسة – جبهة رفض من كبار أمراء المملكة، الذين خرجوا بدعوات علنية نادرة مطالبة بالتغيير، من خلال تعبيرهم عن انعدام ثقة به وبوالده، الملك المريض، ناهيك عن خفض الدعم للبضائع، وارتفاع أسعارها، وانخفاض الرواتب، وتقليص دعم السلع وارتفاع غلاء المعيشة، على خلفية انخفاض أسعار النفط في السنوات الأخيرة، وهو ما زاد من إحباط الجمهور السعودي.
وحذرت الدراسة من أنه إذا استمرت هذه الاتجاهات، فإن بن سلمان قد يخسر التأييد من جانب الشبان بالمملكة، كما أن موجة الاعتقالات والخوف من انعدام استقرار سياسي من شأنه أن يضع صعوبات أمام المملكة في تجنيد رؤوس أموال أجنبية، الضرورية لها من أجل تطبيق الخطط الاقتصادية التي أعلن عنها بن سلمان، وإبعاد الاستثمارات الأجنبية”.
ورصدت الدراسة تعالي دعوات في شبكات التواصل الاجتماعي في السعودية إلى خروج المواطنين إلى الشارع والمشاركة في احتجاجات، “وذلك أيضا على خلفية الغليان بين الأقلية الشيعية في المملكة.
وفي أيلول اعتقل رجال دين وأكاديميين وصحافيين بسبب انتقاداتهم لسياسة بن سلمان الاقتصادية، وأداء الرياض في الأزمة مع قطر وبسبب الحرب في اليمن، التي شنها بن سلمان وتبدو بعيدة عن الحسم”.
وبينت الدراسة أن أداء بن سلمان، بعد سنوات تميزت فيها السياسة السعودية بالانضباط والحذر، أثار تخوف في أوساط أجهزة استخبارات غربية بسبب المخاطر الكامنة في هذا الأداء، وبينها الاستقرار في المملكة.
وقالت الدراسة إن “النظام في السعودية تحول إلى حكم رجل واحد، ولم يسجل إنجازات ملموسة بعد، وإنما تركز في تحصين مكانته وقوته، وأن بن سلمان يعزل نفسه عن تقاليد صناعة القرار الجماعية، ويدخل في مواجهة مع المؤسسة الدينية والنخب الاجتماعية والاقتصادية، وليس واضحا ما إذا كان هؤلاء سيتقبلونه خانعين. ونهاية هذه العملية مغلفة بالضبابية”.