وجود وزارة للادارة المحلية ضرورة لإكمال البناء الديمقراطي

بقلم: د. زيد أحمد المحيسن

الوطن الذي ننتمي إليه ونعتز به وبنجاحه صباح مساء لم يكتسب هذا الإسم- وطن- إلا لأنه يحتضن المواطن- أصل المعادلة الديمقراطية والتنموية والإصلاحية والتنظيمية فالمواطن هو- الأساس والمقام- في المعادلة التنموية والديمقراطية فهو الوسيلة وهو الغاية وهو أساس العملية الديمقراطية المحلية, وإن استكمال بناء وتنظيم مؤسسات الدولة الديمقراطية وهياكلها وقوانينها وأنظمتها هو الشيء المطلوب فوجود وزارة للإادارة المحلية يصبح ضرورة ديمقراطية وليس ترفاً تنظيمياً علاوة على أن هذه الوزارة ستشكل الرافعة الجديدة للامركزية الإدارية بشقيها البلدي وعلى مستوى المحافظة.

فاللامركزية أصبحت واقعاً بعد ان انتهت العملية الإنتخابية, وممارسة اللامركزية هي جزء من الإدارة المحلية, وهذا التدرج التنظيمي والتشريعات يصب في تطوير النهج الديمقراطي، والإبتعاد رويداً رويداً عن مركزية القرار والفكر الشمولي.

لقد أصبح الآن لدينا بلديات ذات مجالس منتخبة وكذلك مجلس محافظات منتخبة ولدينا مجلس نيابي ينتخب على مستوى الوطن إضافة الى أن كافة منظمات المجتمع المدني من نقابات وأحزاب وجمعيات وأندية كلها تمارس العملية الإنتخابية الديمقراطية من خلال انتخاب أعضاء مجالس إدارتها.

إذن ركائز الديمقراطية الأربعة أصبحت متوفرة وتمارس من قبل كافة أفراد الشعب, وهذه النقلة النوعية في التدرج نحو الديمقراطية تشكل إنجازاً حضارياً نحو المزيد من التشريعات الناظمة لحياتنا اليومية وتطويرها بإستمرار لتتواكب من النهج الديمقراطي ومتطلبات العصر.

لهذا فإن قانون اللامركزية بحاجة إلى اعادة نظر من حيث منح الشخصية الإعتبارية للمحافظة وليس للمجلس المنتخب, وكذلك نقل – وليس تفويض- صلاحيات من الوظيفة الإدارية التنفيذية الى مدراء الدولة التنفيذين في المحافظات, فلا يعقل أن لا تقوم بهذا الإجراء الحكومة حتى الآن.

لقد قيض لي متابعة عدد كبير من مدراء الدوائر التنفيذين بالإتصال بهم عن الصلاحيات والمسؤوليات الجديدة التي نقلت لهم وكان الجواب: لاشيء حتى الآن؟ إذن ماهي هذه اللامركزية التي نتحدث عنها, إذا كانت لا تتضمن صلاحيات ومسؤوليات وسلطات مفوضة جديدة لأعضاء المجلس التنفيذي؟

لهذا فإن وجود وزارة تعنى بالإدارة المحلية تنقل إليها أعمال البلديات “كمستوى” أول وأعمال المحافظات “كمستوى” ثانٍ ويتم نقل المحافظين الى هذه الوزارة، هو ضرورة تنظيمية وليس ترفا إداريا ويصبح عمل وزراء الداخلية الإشراف على الأمن العام والدرك والدفاع المدني والأحوال المدنية والجوازات.

ان اللامركزية كمستوى ثانٍ في المحافظات ستوفر جهداً كبيراً على مجلس النواب وذلك من خلال مناقشته الشأن الخدمي والمحلي داخل المجلس البلدي ومجالس المحافظات وترك مجلس النواب للقيام بدورة التشريعي والرقابي على الحكومة, وهذا أيضاً يخفف العبء على النائب من مراجعة دوائر الدولة من أجل تعبيد شارع أو إقامة مركز صحي أو مدرسة ..إلخ.

الوطن بحاجة الى تثبيت الهرم الديمقراطي من أسفل الى أعلى وهو يبدأ بالبلديات مروراً بمجالس المحافظات وصولاً الى البرلمان, بهذه الطريقة نصلب البناء الديمقراطي للوطن ونجذر أساساته ويصبح جداراً مانعاً لأي اختراق كون الجميع يساهمون في بناء مداميكة لبنة لبنة فيحق لهم ان ينعموا بظله أمناً واستقراراً وحياة سياسية كريمة توفر المساواة والعدالة الإجتماعية للجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى