ستبقى ثورة عبد الناصر نبراساً للثورة العربية الكبرى
بقلم: محمود كامل الكومي/مصر
منذ أنطلاق ثورة 23 يوليو 1952, وقوى الأستعمار والصهيونية والرجعية العربية , تحاول بكل السبل أن تشل حركتها وتجهض ثوريتها وتنزع فتيل ضوئها فى العالم العربى .
لكن الشعب المصرى فى يوم بدء ثورته المجيدة فى 23يوليو 1952 أدارظهره نهائيا لكل الأعتبارات البالية التى كانت تبدد قواه الايجابية , وداس بأقدامه كل الرواسب المتخلفة من بقايا قرون الأستبداد والظلم وأسقط جميع السلبيات التى كانت تحد من أرادته فى أعادة تشكيل حياته من جديد – وكان ذلك جديراً بالطلائع الثورية من أبنائه داخل الجيش وخارجه بقيادة “جمال عبد الناصر” أن تتصدى لمسئولية العمل الثورى .
وأشتعل الفعل الثورى يحقق تقدم الثورة ويُغَير المجتمع تقدميا لأعلى , ليحقق أمال الشعب المصرى فى القضاء على الأستعمار وأعوانه وعلى الأحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم وعلى الأقطاع – وصار تذويب الفوارق بين الطبقات هو السائد بتمليك صغار الفلاحين والمعدمين منهم للأرض الزراعية , وتم بناء 1200 مصنع أدارتها الطبقة العاملة التى شكلت مجالس أدارتها – وصارالتعليم والصحة مجانا كالماء والهواء ..وغدت العدالة الأجتماعية أمر واقع .
أستقام ثالوث الناصرية “الحرية والأشتراكية والوحدة”, أملا على أرض الواقع –فمدت ثورة يوليو الجسور مع كل الحركات الثورية فى الوطن العربى وقدمت لها كل العون , حتى نالت الشعوب العربية حريتها وأستقلالها,كخطوة لابد منها على طريق الوحدة العربية , وصار هدف الوحده رهن تحرير فلسطين من الأستيطان الصهيونى , ورسخت ثورة يوليو وزعيمها الصراع العربى الأسرائيلى صراع وجود وليس صراع حدود , وناضل عبد الناصر من أجل فلسطين حتى وافتة المنية بعد أن حقن دماء الشعب الفلسطينى التى أسالتها مؤامرات الرجعية العربية الحليفة للصهيونية .
وعلى صعيد الثورة العالمية , كان عبد الناصر وثورته نبراساً لكل الحركات التحررية والثورية فى أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية – فتغيرت المعادلة السياسية فى كل أرجاء الدنيا وتعدلت فيها موازين القوى , حين أسس الزعماء عبد الناصر وتيتو ونهرو جركة عدم الأنحياز ,بين قطبى العالم الأتحاد السوفيتى وأمريكا .
ولهذا كان عبد الناصر وثورة 23يوليو 1952, هدفاً وعدوا ً لدوداً للأستعمار العالمى, والصهيونية والرجعية العربية ومافيا الرأسمالية المحلية والعربية والعالمية , فكان تحالفهم لأغتياله أو أسقاطه وأجهاض مشروعه الحضارى التقدمى الوحدوى , ونضال عبد الناصر على كل الجبهات وتصدى لهذا التحالف البربرى البغيض ولكل مؤامراته يظاهره الشعب العربى من المحيط الى الخليج , ونهض وهو فى عز نكسة يونيو 1967, وقاوم وأنتصر فى حرب الأستنزاف على أسرائيل .
لكن المؤامرات التى قادتها الرجعية العربية على شعبنا الفلسطينى كانت من الشراسة بمكان لأنها تعلم أن تحرير فلسطين هو أسمى غايات ثورة يوليو وزعيمها “جمال عبد الناصر” , لأن الفعل الثورى فيها نذير الوحدة العربية الشاملة , وهومالاتطيقه قوى الرجعية العربية الحليفة للأستعمار والصهيونية , فدبرت أحداث ايلول الأسود 1970لأبادة الشعب الفلسطينى ,وناضل عبد الناصر حتى أوقف نزيف الدم الفلسطينى , ولم يجد من يوقف نزيف قلبه .
28 سبتمبر (ايلول)1970 يوم يقف عنده التاريخ الاِنسانى طويلا ليؤرخ للقرن العشرين بوداع جمال عبد الناصر من خلال طوفان البشر وبحر الدموع , ويقف عنده الشعب العربى عبر المستقبل الهادر والى الآن , مجسداً فيه الفرقان بين ماقبله ومابعده , ماقبله منذ 23يوليو 1952 وحتى تاريخ الرحيل – النضال فى أبهى معانية والمد الثورى و القومى الهادر والسعى لتحقيق أمل الوحده وأمل تحرير فلسطين بعد تحرير الجزائر وكل البلدان العربية من نير الاستعمار وفكرة القومية العربية يجسدها عبد الناصر لتفوح فى ربوع وطننا العربى عبيراً يستنشقه الشعب العربى ليصنع المستقبل بسواعده – وما بعد تاريخ الرحيل والى الآن – كل شىء تحطم فى نزوة فاجرة الصبا بهجة الأهل , صوت الحصان , حزنك حين ترى برعماً فى الحديقة يزوى , الصلاة لكى ينزل المطر , اللحظات المريرة حين ترى طائر الموت وهو يرفرف عند المبارزة الكاسرة- .
سرى نبأ وفاة عبد الناصر فى أسرائيل , وكأن مستقبلها قد تحقق وحلمها التلمودى قد تمدد , فقد كان رحيل الزعيم بعين الصهاينة ميلاد جديد للدولة العبرية ’ولعلها ايقنت أن زيارة العميل النائم للقدس ستأتى لامحالة فى يوم معهود , وقد تحققت بعد وفاة عبد الناصر بسبع سنوات بزيارة السادات المشئومة للقدس , وقبلها وبعدها رتبت الأمبريالية العالمية والرجعية العربية ومافيا أصحاب رؤس الاموال ووكلاء الشركات المتعددة الجنسيات ,حملاتها ومؤامراتها المخابراتية بألا يحكم عبد الناصر من جديد مصر بما لها من ريادة فى عالمنا العربى , وقد كان, فَكُبِلت مصر بأتفاقية الصلح مع أسرائيل , وهاهى الى الآن.
حين كان الدم الناصرى يسرى فى العروق يغزى القلب العربى والعالم الحر ويمده بأُكسير الحياة قال “يوجين جوستين” رجل المخابرات المركزية الأمريكية، فى شهادته عن البكباشي جمال عبدالناصر:”مشكلتنا مع ناصر أنه بلا رذيلة مما يجعله من الناحية العملية غير قابل للتجريح، فلا نساء ولا خمر ، ولا مخدرات، ولا يمكن شراؤه أو رشوته أو حتى تهويشه، نحن نكرهه ككل، لكننا لا نستطيع أن نفعل تجاهه شيئا، لأنه بلا رذيلة وغير قابل للفساد”.
وبعد الرحيل تجمعت كل قوى الشر فى العالم ,مولت وخطت ونفذت عبر كل وسائل الأعلام المتاح عمليات غسيل مخ لشعبنا العربى والمصرى خاصة ومارست عليه كل انواع الديماجوجية الفكرية والبروباجندا الأعلامية ,والاِبهار عبر الميديا , لتلهيه عن القيم الجمالية والأنسانية والفكرية والسمو فى الرسالات السماوية ,لتسطيح فكره ونزع الروح القومية من وجدانه وتأصيل النزعة الفردية والأنانية فى روحة وأثباط همته ونزوعه الى عالم السفسطه والعرى والمخدرات والجريمة تبعاً لذلك, وبذلك تمكنت مافيا الرأسمالية العالمية والامبريالية والصهيونية والرجعية العربية ممثلة فى حكام دول الخليج ووسائل اعلامها الممولة بالبترودولار والتى تبث طبقا لبرنامج ال C I A والموساد , من الِاِنسان العربى والمصرى ,وما رست علية كل وسائل تزييف الوقائع والتاريخ , وأختلاق الجرائم والمعاصى والبسوها للزعيم القائد جمال عبد الناصر , مدركين أن حالة اللاوعى التى غرسوها فى الأنسان العربى جديرة بأن تجعله يكفر بزعيمه التاريخى جمال عبد الناصر فيفقد الثقه فى كل أمل وتطلع للمستقبل , ويؤمن بأن أسرائيل واقع لامحالة , بل أوصلوه الى أن يساير مايروج له المافيا والرجعية الخليجية – أنه لاتقدم عربى بدون أسرائيل – وبذلك يكفر والى الأبد بفكرة القومية العربية , فلاتقوم لها قائمه بعد ذلك , ولقد سار المخطط وأمتد لتكفير الشعب العربى بكل زعامة تاريحية أنتصرت للعرب على مر تاريخ , وقد تجسد ذلك مؤخراً
مع البطل صلاح الدين الأيوبى .
طبقا للمخطط الرامى الى القضاء على ثورة 23 يوليو وزعيمها جمال عبد الناصر معنويا , صدرت الأوامر فى العام الماضى بالأحتفال بذكرى ثورة يوليو ال 64 فى تل أبيب , فأعلنت السفارة المصرية هناك فعاليات احتفالها , بدعوة السفاح نتنياهو وزوجته ورئيس دولة الكيان الصهيونى لحضور مراسم اِهالت التراب على الثورة الأم وزعيمها عدو أسرائيل اللدود والمقاوم الشرس لدولة الأستيطان الصهيونى , ليتشفى نتنياهو محاولا أسدال الستار عن ثورة 23يوليو وقيمها فى الوحدة العربية وصراعها الوجودى مع الصهيونية والأستعمار ومناصرة كل قضايا التحرر فى العالم .
لكن شعبنا العربى , الذى أنشأ أول الحضارات فى التاريخ ,وكانت أرضه مهبط الرسالات السماوية , والذى قهر الصحراء وأقام أول قاعدة للصناعة الثقيلة فى الشرق الأوسط ,وأمم قناة السويس ,فقهر الأمبراطوريتين الفرنسيه والبريطانية , وبنى أعظم السدود فى القرن العشرين وتجاوز نكسة 1967 وأنتصر فى حرب الأستنزاف ممهداً للنصر فى حرب أكتوبر , هذا الشعب الذى صنع الأستقلال لبلاده من براثن الاستعمار البريطانى والفرنسى والايطالى , كل ذلك مع زعيمه الخالد جمال عبد الناصر ,لقادر على أن يتجاوز مرحلة انعدام الرؤى وحالة اللاوعى , ليدرك الواقع الأمبريالى الصهيونى وواقع العمالة لحكامه ,ليفرق بين الغث الذى يثيره الأعلام والفضائيات المموله بالبترودولار والمسيسه صهيونيا , وبين الثمين مجسداً فى ثورة يوليو وزعيمها الخالد جمال عبد الناصر .
وما يؤكد عودة الوعى لشعبنا فى الذكرى ال 65 لثورة 23 يوليو 1952 , تلك الأنتفاضه الثورية التى تشعلها جماهير شعبنا الفلسطينى فى كل ارجاء الوطن المحتل دفاعاً عن المسجد الأقصى الآن , ورغم تعتيم اعلام البترودولار , ورغم الصم والبكم من الحكام العرب , اِ لاأن دم الأستشهادين الذين يزلزلون اركان بنى صهيون , يسيل الآن ليتوضأ به كل الثوار مستلهمين روح ثورة 23 يوليو 1952 وزعيمها الخالد جمال عبد الناصر فى ذكراها ال 65 لتكون نبراثا للأنسان العربى ليحرر ذاته وفكره من الهجمة التتارية التى يمارسها على عقله الأعلام الرأسمالى الممول خليجيا والمُسير صهيونيا , والذى على مدى 65 عاما يحاول أن ينال من قامة جمال عبد الناصر العالية وقيمة ثورته الخالدة دون جدوى , ولتكون نبراثا أيضاً للثورة العربية الكبرى التى ستحرر الأقصى وكل فلسطين من براثن الأستيطان الصهيونى ,وتحرر كل الدول العربية من مافيا حكام الرجعية وعملاء أسرائيل والأمبريالية العالمية .