شهوة الانتقام ما زالت تستبد باردوغان رغم انقضاء عام على محاولة الانقلاب
شهد يوم امس الاول الجمعة تسريح أكثر من سبعة آلاف شرطي وجندي وموظف حكومي في تركيا بموجب مرسوم جديد صدر في إطار حال الطوارئ المعمول بها منذ عام، وفق ما أفادت وكالة أنباء الأناضول الحكومية.
وكانت صحيفة “حرييت” التركية قد أوردت أنّ عدد المسرّحين بلغ 7348 شخصاً بينهم 2303 من قوات الشرطة.
ويأتي هذا المرسوم التعسقي عشيّة الذكرى الأولى للانقلاب الفاشل في الـ15 من تموز 2016. ومنذ ذلك التاريخ اعتُقل نحو 50 ألف شخص وأقيل أكثر من 100 ألف.
وتقول حكومة أنقرة إنّ الحملة التي شنّتها في أعقاب محاولة الانقلاب ضرورية لمواجهة الخطر الذي تُشكّله حركة الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل. لكنّ حكومات غربية وحقوقيين انتقدوا حملة القمع التي تشنّها الحكومة التركية، معتبرين أنّها تجاوزت المشتبه في تدبيرهم الانقلاب لتشمل معارضي أردوغان.
ويقول حقوقيون ونشطاء أتراك إن أردوغان استثمر محاولة الانقلاب لإغراق البلاد في الدكتاتورية عبر الاعتقالات والفصل من الوظائف وتحويل الإعلام إلى أبواق دعاية فقط للنظام.
واتخذ أردوغان أكثر من مرة قرارا بحجب موقع تويتر الذي يفوق عدد مشتركيه العشرة ملايين في تركيا، ما أثار موجة واسعة من الانتقادات. يضاف إلى ذلك أوامر باعتقال العشرات من الصحافيين ممن عارضوا سياسة تطويع القانون لإسكات الخصوم.
وتوترت علاقة تركيا بالمنظمات الحقوقية والإنسانية بسبب استمرار موجة الاعتقالات. وفي وقت سابق من هذا الشهر، اعتقلت السلطات مديرة مكتب منظمة العفو الدولية في تركيا مع عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان بتهم انتمائهم إلى مجموعة إرهابية.
وتخشى المعارضة التركية ممّا أسمته “شهوة الانتقام” التي استبدت بشكل غريب بالرئيس التركي، وإلا فما معنى أن يضحّي بهذا العدد الهائل من الخبرات الأمنية والعسكرية في وقت يتعرض فيه الأمن القومي لتركيا لتهديدات إرهابية مع الانفلات الأمني الكبير وانتشار التنظيمات المتشددة على حدود تركيا مع العراق وسوريا.
ونفى فتح الله غولن، الذي يقيم في الولايات المتحدة، مسؤوليته عن محاولة الانقلاب، وندد في بيان الجمعة بـ”الانقلاب الحقير” و”بالاضطهاد غير المسبوق” ضد حركته (حركة خدمة).
وتابع غولن “للأسف، في أعقاب هذه المأساة تم إلحاق الأذى بكثير من الأبرياء. فقد تم تسريحهم بشكل غير شرعي وتوقيفهم وسجنهم وحتى تعذيبهم. وكلّ ذلك بأمر الحكومة”.
وانتقد زعيم حزب المعارضة الرئيسي في تركيا الحملة الصارمة التي شنها أردوغان على خصومه خلال جلسة خاصة للبرلمان بمناسبة الذكرى الأولى للمحاولة.
وطالب كمال قليجدار أوغلو رئيس حزب “الشعب الجمهوري” الذي ينتمي إلى يسار الوسط بمحاسبة هؤلاء المسؤولين الذين سمحوا للانقلابيين بالتسلل في “المواقع الأكثر حساسية للدولة”.
وقال إن جهود البرلمان للتحقيق في محاولة الانقلاب تعثرت بما في ذلك التحقيقات التي يجريها قادة الأمن في البلاد.
ودعا قليجدار الرئيس التركي إلى تعزيز الديمقراطية وانتقد حالة الطوارئ “الدائمة” والمستمرة التي تسمح للحكومة بالحكم بالمراسيم، مضيفا “لقد تم تدمير العدالة”.
وبدأت فئات كثيرة من الشعب التركي تشعر أنها مستهدفة من الإجراءات المتعسّفة للرئيس الحالم باستعادة صفة السلطان العثماني القوي. وفيما تتحرك وسائل الإعلام لمواجهة محاولات تكميم الإعلام بدا أن الدور سيأتي الآن على المؤسسة العسكرية المتهمة بهندسة الانقلاب.
وأثارت ملصقات في شوارع العديد من المدن التركية جدلا لما تحمله من تعريض بالمؤسسة العسكرية وازدراء بها. وتجسد الصور مواطنين أتراكا يواجهون جنودا انقلابيين في يوليو 2016.
وفي إحدى الصور يظهر عسكري واضعا يديه على رأسه وقد ارتسمت مشاعر الفزع على محيّاه في مواجهة جمع غاضب.
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الجمعة إن الملصقات “ليس فيها ما يُزعج”. وأضاف أن الجنود الذين شاركوا في المحاولة الانقلابية “لا يمثلون الجيش” بل كانوا “إرهابيين متنكرين بأزياء جنود”.
ولكن البعض استاء من هذه الصور في تركيا حيث يعتبر الجيش عماد جمهورية تركيا الحديثة العلمانية, حيث
ندد متحدث باسم أكبر أحزاب المعارضة “حزب الشعب الجمهوري” بهذه الملصقات معتبرا أنها تحض على شيوع “مشاعر العداء ضد الجيش, فيما اعترض “حزب العمل القومي” اليميني، على هذه الملصقات.