العدوان الأمريكي على سوريا وماذا بعد ؟

بقلم: عبد الهادي الراجح

العدوان الهمجي البربري الذي قامت به الولايات المتحدة على سوريا الشقيقة ليس مستغربا بل متوقعا بأي لحظة من بلد مثل الولايات المتحدة وسجلها الارهابي المعروف وعلى رأسها شخص فاقد للأهلية كترامب.

ألم يقم الكيان الصهيوني بنفس المهمة بالعدوان المستمر على سوريا سواء المباشر أو دعمه لقطعان الارهاب، ولكن الكيان الصهيوني في عدوانه الأخير وجد مقاومة أفقدته احدى طائراته وتعطيل أخرى ولاذت اثنتان بالفرار, وهذا ما شكل صدمة للعدو الصهيوني المتغطرس الذي اعتاد في العقود الأخيرة أن يعربد ويضرب ويغتال من يشاء في بلاد العرب أوطاني.

ولكن المستغرب أن تصل الوقاحة السياسية في بعض الأقطار العربية بدعم وتأييد العدوان الأمريكي بل وطلب المزيد حتى وصل الأمر للأسف الشديد للمساجد وهي بيوت الله في بعض البلاد العربية بالدعاء بأن يسدد الله عزم الأمريكان وحتى الصهاينة لإسقاط النظام السوري الكافر كما يزعمون، فأي مستوى منحط الذي وصل اليه البعض, وقد رأينا دولة محترمة كالجزائر الشقيقة مثلا تفصل أحد خطباء المساجد لدعائه على الدولة السورية ودعمه للعدوان الأمريكي الصهيوني عليها.

أمتنا العربية تمر اليوم في أسوأ حالاتها فلم تعد هناك قامات عظيمة في الأمة يحسب حسابها كجمال عبد الناصر في مصر وأحمد بن بلا وهواري بوميدن في الجزائر وصدام حسين في العراق وحافظ الاسد في سوريا، ولكننا في زمن الحفاة العراة من الاعراب الخونة وغيرهم, وزمن جامعة ايدن التي أصبحت تقودها دويلات مثل قطر وآل سعود وتعلق بها عضوية دولة تاريخية في حجم سوريا .

ومنذ مطلع تسعينات القرن الماضي رأينا أن هذه الجامعة لم تجتمع أو تدع الى لقاء, إلا لأجل مصيبة للأمة من مثل مزاعم تحرير الكويت لتدمير العراق وليبيا واحتلالها, وكذلك لتعليق عضوية سوريا وافرازات لقاء البحر الميت الأخير ، وقد كان أول أهدافها العدوان على سوريا لدعم كلاب الارهاب ولقطائه كلما تراجعوا أمام ضربات الجيش العربي السوري البطل.

ولعل الأكثر مأسوية ليس الأنظمة فقط ولكن الكثير من شعبنا الذي انطلت عليهم أكاذيب وافتراءات بعض ما يسمون أنفسهم بالنخب حتى أصبحت الطائفية والإقليمية والنزعة الدينية البغيضة هي للأسف المناخ السائد في اعلامنا إلا ما ندر.

لقد تناسينا صرخة الاعلامي السوري عبد الهادي البكار رحمه الله عندما توجه لإذاعة دمشق معلنا منها هنا القاهرة عندما تعرضت الأخيرة للعدوان أثناء معركة السويس حيث توقفت صوت العرب في تلك الحرب التي عرفت بالعدوان الثلاثي على مصر الشقيقة عام 1956م.

ترى أين كنا وأين نحن اليوم, أليس المفترض أن تكون وسائل العصر الحديث التي جعلت العالم قرية واحدة قد قربت المسافات, بيننا كأبناء أمة واحدة ولكن للأسف فرقت حتى بين أبناء العائلة الواحدة بفضل افرازات  أنظمة الريموت كنترول الناطقة بالعربية، ولعل نظرة واحدة على جرائم الارهابيين الأخيرة في مصر والمتمثلة بتفجيرات الكنائس حيث حفلت مواقع التواصل الاجتماعي ببعض التعليقات المتشنجة  التي تقول لا يجوز وصف الضحايا بشهداء, فما هو شعور اهل الضحايا والاخوه الاقباط بشكل عام وهم يقرؤون مثل ذلك الهراء, ويشعرون بأنهم غير امنين بل غرباء بوطنهم لذلك لم اجد بلاغه تصف هذه المهازل اكثر من صرخة الشاعر العربي الفلسطيني محمود درويش ( انتحار المعنى ).

فما هذا الجنون ؟ العدوان على سوريا يصفق له البعض من المنحطين وطنيا وقوميا  وإنسانيا  والإرهاب في سوريا والعراق وتفجير الاسواق مقاومة, فيما أصبح العدو للامة في نظر هؤلاء ليس الكيان الصهيوني وإنما ايران وحتى روسيا, لقد اختلطت الاوراق بحسن او سوء نية, بالجهل او العماله فالنتيجة واحده وما كان بالأمس مستحيلا وتجاوز لكل القيم, اصبح اليوم يسمى وجهه نظر .

العدوان الامريكي الاخير على سوريا قد يكون مؤشرا على تغير السياسة الأمريكية مع أننا نعلم انه لولا موقف الروس المشرف والصين وبعض دول القارة اللاتينية لأصبحت لبلادنا لغة غير لغة الضاد.

ولذلك علينا اليوم أن نفكر بصوت عال الى أين نحن سائرون؟ ونذكر من اصابهم العمى السياسي ان كولن باول وزير الخارجية الأمريكية قد قال بعد احتلال العراق مباشرة قبل 17 عاما, أن وضع سوريا لا يعجبه, فبعد تحييد مصر بكامب ديفيد, واحتلال العراق فان المشروع الأمريكي لن ينجح إلا بسقوط الدولة السورية.. هكذا يقولون هم وليس غيرهم, فماذا بعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى