لمحة عن ابرز رائدات الحركة النسائية في مصر والوطن العربي
تقدمت مصر على سائر الدول العربية في ميدان الحريات والحقوق والنشاطات النسائية, حيث يزخر تاريخ مصر باسماء العديد من النساء اللواتي سبحن ضد التيار وقررن اقتحام مجالات كانت قاصرة على الرجال فقط، فكنّ النبراس الذي أضاء الطريق للنساء اللاتي أتين من بعدهن، تاركات بصمة لا تنسى في تاريخ مصر والعالم العربي، وفي يوم المرأة العالمي.
ملك حفني ناصف
أطلق عليها لقب “باحثة البادية”، وهي أول مصرية دعت إلى تحرير المرأة والمساواة مع الرجل في أوائل القرن العشرين، هي ابنة القانوني والشاعر حفني ناصف، ولدت بالقاهرة عام 1886، وحصلت على الشهادة الإبتدائية من المدرسة السنية عام 1900، لتواصل رحلتها التعليمية وتمتهن التدريس في نفس المدرسة التي بدأت رحلتها التعليمية بها.
شجعها الكاتب أحمد لطفي السيد، على الكتابة في جريدة “الجريدة” تحت عنوان “نسائيات” فكانت توقع مقالاتها باسم “باحثة البادية” لتصبح الفتاة الأشهر في العقد الأول من القرن الماضي.
وجمعت مقالاتها في كتاب أسمته “نسائيات” طبع منه الجزء الأول فقط، وحال الموت بينها وبين إتمام الجزء الثاني، كما منعها الموت أيضا من إتمام كتابها الثاني “حقوق النساء”.
نبوية موسى
في نفس عام ميلاد “باحثة البادية”، ولدت نبوية موسى، وهي أول فتاة مصرية تحصل على شهادة البكالوريا، وأول ناظرة لمدرسة في مصر.
التحقت نبوية موسى، بالمدرسة السنية عام 1901 بالقاهرة، وحصلت منها على الشهادة الابتدائية، لتلتحق بعدها بقسم المعلمات السنية وتعين في مدرسة عباس الابتدائية، ثم تتقدم للحصول على البكالوريا “الثانوية العامة” في سابقة هي الأولى من نوعها، وتنجح بالفعل وتحقق بسببها شهرة واسعة.
في تلك الفترة، بدأت نبوية موسى كتابة المقالات الصحفية التي تتناول قضايا تعليمية واجتماعية وأدبية، وألفت كتابا بعنوان “ثمرة الحياة في تعليم الفتاة”، قررته نظارة المعارف للمطالعة العربية في مدارسها.
وتعتبر الفترة من 1937 إلى 1943 هي فترة نشاط نبوية موسى، فخلالها امتهنت التدريس وتدرجت في مناصب إدارته، وأنشأت مطبعة ومجلة أسبوعية نسائية باسم “الفتاة”، فضلا عن مشاركتها في الكثير من المؤتمرات التربوية التي عقدت خلال النصف الأول من القرن العشرين لبحث مشكلات التعليم، إضافة إلى مؤلفاتها الدراسية التي قررتها وزارة المعارف.
مفيدة عبد الرحمن
واحدة من أوائل خريجات كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول، شجعها زوجها على إتمام الدراسة بالكلية فتخرجت منها عام 1933، وعملت بالمحاماة، وفي نفس الوقت كانت أما وسيدة منزل من الطراز الأول لأودها الذين بلغ عددهم 9 أبناء.
كانت أولى القضايا التي ترافعت فيها قضية قتل خطأ، وهي أول محامية في الوطن العربي تترافع أمام المحاكم العسكرية، كما كانت أول محامية تقيد أمام محكمة النقض، وأول سيدة تنضم إلى لجان تعديل القوانين، ثم أصبحت رئيسة الاتحاد الدولي للمحاميات والقانونيات بالقاهرة، وبلغ عدد القضايا التي ترافعت فيها أكثر من 400 قضية، وفي عام 2002 رحلت عن عالمنا بعد حياة مملؤة بالكفاح والمثابرة.
توحيدة عبدالرحمن
ولدت توحيدة عبدالرحمن لعائلة ثرية اهتمت بتعليم بناتها وإمدادهن بمستوى من الثقافة الرفيعة، بدأت تعليمها في المدرسة السنية، وتدرجت في التعليم حتى أعلن الملك فؤاد عام 1922 عن بعثة للطالبات المتفوقات لدراسة الطب، فكانت ضمن 6 طالبات سافرن للدراسة بالخارج، وأصبحن النواة الأولى لامتهان البنات الطب في مصر.
أطلق على البعثة اسم “بعثة كتشنر”، وبعد 10 سنوات من الدراسة عادت البعثة عام 1932 لتبدأ رحلتها الطبية، فأهداها والدها عيادة طبية بكافة مشتملاتها في أرقى مناطق القاهرة لكنها فضلت أن تخدم بعلمها الفقراء، فقبلت بالتعيين في مستشفى “كتشنر الخيري” وهي الآن “مستشفى شبرا العام” كأول طبيبة مصرية معينة في الحكومة، وظلت تؤدي رسالتها حتى استقالت عام 1952 للتفرغ لتربية أولادها.
سميرة موسى
من مواليد محافظة الغربية، شجعها والدها على إكمال تعليمها نظرا لتفوقها، حتى حققت المركز الأول على مستوى مصر في شهادة البكالوريا في مدرستها “بنات الأشارف الثانوية” التي أسستها نبوية موسى، وواصلت مسيرتها التعليمية حتى تخرجت من كلية العلوم جامعة فؤاد الأول، بمساندة من الدكتور مصطفى مشرفة، عميد الكلية، لتصبح أول مصرية تحاضر في الجامعة، وتسافر بعدها إلى إنجلترا لاستكمال دراستها العلمية وتحصل على درجة الدكتوراه في الإشعاع الذري، لتكون أول عالمة مصرية تقتحم مجال الذرة عام 1935.
أثناء زيارتها للولايات المتحدة لتفقّد بعض المركز البحثية، تم اغتيال سميرة موسى، على يد مجهولين يقودون شاحنة مسرعة اصطدمت بسيارتها التي وقعت من أعلى طريق جبلي، ويبقى الفاعل مجهولا حتى الآن.
عائشة راتب
في منطقة الدرب الأحمر، ولدت عائشة راتب عام 1928 لأب مصري وأم أجنبية، التحقت بالتعليم في مراحله المختلفة حتى تخرجت في كلية الحقوق بتقدير جيد جدا، وهي الكلية التي كان يطلق عليها وقتها كلية الوزراء.
بعد تخرجها عينت معيدة بالكلية، وفي عام 1953 تقدمت بطلب لمجلس الدولة للعمل كقاضية فرفض طلبها، واستبعدت بقرار من رئيس الوزراء، فطعنت على القرار، وعقد لها الدكتور عبد الرازق السنهوري، رئيس مجلس الدولة وقتها امتحانا نحجت فيه، فعينت كأول قاضية في القضاء المصري.
في عام 1971 عينت وزيرة للشؤون الاجتماعية وشغلت المنصب لمدة 6 سنوات، واستقالت على إثر انتفاضة الخبز وقررت الانحياز للشعب، ثم عينت بعد ذلك سفيرة لمصر في الدنمارك لتكون أول مصرية تعين كسفيرة، ومن الدنمارك انتقلت إلى ألمانيا. وفي عام 1979 حصلت على جائزة الدولة التقديرية.