المانيا تقلص نفوذ الاخوان المسلمين المستفحل هناك منذ الستينات
باشرت السلطات الالمانية, مؤخرا, إستراتيجية أكثر تشددا في التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا، حيث اعتبر بيان صادر عن فرع من أفرع المخابرات الألمانية مؤخرا، إيذانا بتطور جديد لمواقف ألمانيا تجاه الجماعة.
فقد توقف المراقبون السياسيون عند دلالات ما اعتبرته هيئة (الاستخبارات الداخلية) الالمانية “مظاهر مقلقة”، على خلفية تزايد نفوذ الإخوان داخل ولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، وذهبوا إلى حد القول بأن تلك الخطوة تعد مؤشرا على أن الجماعة ستواجه حصارا في مجمل دول أوروبا، وليس المانيا فقط.
وقد اصطدمت مخططات جماعة الإخوان بشأن التوسع داخل الاراضي الألمانية، برصد دقيق لنشاطها من جانب رئيس الهيئة المحلية بولاية سكسونيا جورديان ماير، الذي حذر من مغبة ترك مسلمي ألمانيا عرضة لتفسيرات وتصورات الإسلام السياسي، الذي يسعى لمد نفوذه بشراء المزيد من المباني والعقارات لتوسيع دوائر نشاطه، اعتمادا على مصادر دعم سخية ومشبوهة.
ألمانيا تتحسب من خطورة استمرار حالة الارتخاء والتسامح مع نشاطات جماعة الإخوان، التي تسعى حاليا لجعل ألمانيا مركز نشاطها وحضورها الأكبر في أوروبا، خاصة مع حرص الجماعة على نقل قياداتها ونشاطاتها واستثماراتها والهيكل الإداري لتنظيمها الدولي إلى مراكز أكثر أمنا، بعد الإجراءات المزمع اتخاذها ضد التنظيم في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا.
ورصد خبراء نشاطا خفيا لجماعات الإسلام السياسي- تتزعمه جماعة الإخوان- من خلال الجمعيات والمنظمات التي تسيطر عليها، بالمخالفة لما هو معلن على ألسنة القائمين على هذا النشاط، حيث يتجاوز الأمر مجرد تحسين أوضاع المسلمين الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية، إلى القفز نحو أهداف كبرى “سرية” متعلقة بأسلمة أوروبا، من خلال تنظيمات تضم الآلاف من الأعضاء تحت غطاء العمل الخيري.
“الجمعية الإسلامية لجماعة الإخوان المسلمين”، ومقرها كولونيا بألمانيا، تضم حوالي 13000 عضو، وتعد واحدة من أقدم المنظمات الإسلامية في ألمانيا، حيث كان قد تم تأسيسها في 9 اذار 1960، وتشتمل على اتحاد المراكز الإسلامية في عشر محافظات ألمانية، ويصف فرع الجمعية في ولاية سكسونيا نفسه- على موقعه الإلكتروني- بأنه “ملتقى متعدد الثقافات لكافة الأفراد بصرف النظر عن عرقهم أو جنسيتهم أو دينهم أو لغتهم”، لكن سياسيين وخبراء يتهمون القائمين على الجمعية، بالعمل بمبدأ “التقية”، بإعلان ما هو مخالف لسلوكهم وأهدافهم الحقيقية.
وقد حذر سياسيون غربيون من انتقال كوارث الشرق الأوسط إلى قلب أوروبا، وخاصة مراكز نفوذ الإسلام السياسي بزعامة جماعة الإخوان، حيث تشيعُ تلك المراكز، في هذه الدول التي آوتهم، نفس الرؤى الاقصائية والطائفية التي أججت الصراعات وأشعلت الحروب في الشرق الأوسط.
وتشير مستجدات الأوضاع إلى أن ألمانيا في طريقها لتحذو حذو الولايات المتحدة في تغيير إستراتيجيتها بالكامل تجاه الإخوان، ورأت أنه من الصعب أن تقبل ألمانيا بالصبر على معطيات قد تفجر الدولة من الداخل في أي لحظة، خاصة مع الآمال التي وضعها قادة التنظيمات الإسلامية بأن تصبح هي الملاذ الآمن لهم، إضافة إلى ما أفرزته مشكلات اللاجئين.
وقد جاءت التحذيرات التي أطلقتها الاستخبارات الألمانية، لتمثل إنذارا للجماعة بخطوات جديدة ضد وجودها هناك، في إشارة إلى أن الحكومة الألمانية بدأت تستشعر وجود خطر على أمنها القومي من توغل الإخوان، خاصة في ظل الهجمات الإرهابية التي شهدتها أوروبا خلال الفترة الأخيرة.