بعد 51 عاما من انطلاقتها.. اين انجازات الثورة الفلسطينية ؟؟

بقلم : أكرم عبيد

بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصرة الحادية والخمسين من المفروض أن نستعرض ما حققته من انجازات ومكاسب وطنية للشعب الفلسطيني المقاوم وهي كثيرة ومهمة  في مرحلة التحرر الوطني, لكن بعض القيادات الفلسطينية المتنفذة في م . ت . ف فرطت بها بعدما حرفت المسيرة النضالية عن سكتها الوطنية بعد توقيع اتفاقيات أوسلو الخيانية مع العدو الصهيوني الذي صمم هذا المشروع بمقاييس ومفاهيم أمنية لخدمة مصالحه المعادية لحقوق لشعبنا وقضيته العادلة أولاً, وتم تنفيذها بإشراف الاستخبارات الأمريكية, وشارك في هندسة ورعاية هذا المشروع الأمني الصهيوني رئيس سلطة معازل أوسلو المنتهية ولايته محمود عباس الذي قال في حديث مع صحيفة الأيام، بتاريخ 16/4/2012، إن هناك أسبابا كثيرة تؤدي إلى إضعاف السُلطة الفلسطينية؛ ولكن موضوع حلَّها غير وارد؛ معتبرًا أن الحديث عن وقف التنسيق الأمني يأتي في إطار المزايدات الرخيصة .

وقد عَبَّر محمود عباس عن ذلك ، حين قال في اجتماع، مع رئيس الوزراء “الإسرائيلي” السابق أرييل شارون، بتاريخ 22 حزيران 2005، إن : “كل رصاصة تُوجَّه ضد [إسرائيل]؛ هي رصاصة مُوجَّهة ضد الفلسطينيين أيضًا .

وبهذه المناسبة الوطنية لا بد من الحديث عن معادلة ما يسمى التنسيق الأمني الذي ولد من رحم اتفاقيات أوسلو الموقعة بين بعض القيادات الفلسطينية المتنفذة في م . ت . ف وسلطات العدو الصهيوني المحتل التي يعتبرها معظم أبناء الشعب الفلسطيني المقاوم في الوطن المحتل أو خارج حدوده كارثة وطنية بمستوى النكبة الجديدة للشعب والثورة, لكن سلطة معازل أوسلو تتعمد التقليل من هذه الكارثة وتحاول تبريرها بحجة أنها اتفاق مؤقت حتى تنتهي المفاوضات العبثية بحل شامل مزعوم كما يتوهمون مع العدو الصهيوني .

لذلك فان ابرز بنود التنسيق الأمني بين سلطة معازل أوسلو وسلطات الاحتلال الصهيوني تنص على أن “إسرائيل ” مسؤولة عن الأمن العام في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967مما يعطيها الحق الدفاع عن هذه الأرض ضد أي عدوان خارجي , وكذلك حق التحرك الأمني فيها عند الضرورة وفي أي وقت تشاء.

هذا اولا اما ثانياً فلقد وضحت اتفاقية طابا الموقعة بين الطرفين عام 1995 أبعاد التنسيق الأمني بشكل دقيق, حيث نصت على مسؤولية السلطة الفلسطينية عن منع الإرهاب والإرهابيين استهداف مؤسسات الاحتلال  الصهيوني وقطعانه الاستيطانية المستوردة من كل اصقاع العالم واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم .

ثالثاً : انطلاقا من الاتفاق الأمني بين الطرفين فإن سلطات الاحتلال الصهيوني والسلطة الفلسطينية تتبادلان المعلومات حول تحركات خلايا المقاومة الفلسطينية, وتتقاسمان الأدوار في معالجة الأحداث الجنائية, وتنسقان العمل المشترك في حال قيام المظاهرات الشعبية الفلسطينية والمواجهات ضد الاحتلال لفرض السيطرة على الوضع بشكل عام .

وقد أكدت صحيفة معاريف الصهيونية ” أن أجهزة الأمن الفلسطينية أنقذت الكثير من المواطنين الإسرائيليين ”  الذين دخلوا أراضي سلطة الحكم الاداري الذاتي الفلسطيني بطريق الخطأ .

رابعاً : ينص التنسيق الأمني على أن جهاز الشرطة الفلسطيني هو الجهاز الأمني الوحيد المصرح له بالعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967, وان التنسيق الأمني يتم عبر لجنة فلسطينية ” إسرائيلية ” مشتركة .

وبالرغم من هذه الاتفاقيات فقد ظهرت الى حيز الوجود أجهزة أمنية فلسطينية غير جهاز الشرطة وخارج نصوص الاتفاقيات المعلنة مثل الأمن الرئاسي , والأمن الوطني, والأمن الوقائي، والمخابرات، والاستخبارات , وأمن المؤسسات، والبحرية وغيرها، وتبين أن جزءا من عملها يصب في ملاحقة ” ما يسمى الإرهاب والإرهابيين ” بطريقة أو بأخرى، بطريقة الاعتقال المباشر، أو التهديد أو الطرد من الوظيفة وما شابه ذلك.

حتى أن ما يسمى ” قوات الأمن الوطني ” التي من المفروض أن تدافع عن الأمن الوطني كانت تنسحب من نقاط حراستها كلما طلبت منها سلطات الاحتلال ذلك.

لكن السؤال المهم والاهم من الاتفاقيات على الورق ما هي حدود التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الصهيوني ؟؟ وهل تستطيع السلطة الفلسطينية إلغائه بشكل عملي وما هي تداعياته ؟؟

في الحقيقة لقد تجاوزت الاتفاقيات الأمنية حدود التنسيق إلى شراكة عملية بين سلطات الاحتلال الصهيوني وسلطة معازل أوسلو بعدما أصبحت المقاومة الفلسطينية الهدف الأساسي لهذا الاتفاق لمنع مهاجمة قوات الاحتلال ومستعمراته من خلال اعتقال كل من يشتبه به التفكير أو التخطيط لتنفيذ مثل هذه العمليات وزجه بالسجون دون محاكمة لحماية الأمن الصهيوني .

وقد تطورت العمليات الأمنية بين سلطات الاحتلال وسلطة معازل اوسلو الفلسطينية بشكل كبير بعد الانتخابات التشريعية عام 2006 وتجاوزت حدود التنسيق الأمني والاتفاقيات الكارثية ليصبح شراكة حقيقة تعمل وفق منظومة الأمن الصهيوني لتصفية المقاومة الفلسطينية .

لهذا السبب نجد بين فترة واخرى أن قيادة سلطة الحكم الذاتي المحدود الفلسطينية تعلن وقف المفاوضات العبثية مع سلطات الاحتلال الصهيوني دون المساس بجوهر ومضمون التنسيق الأمني لان هذه القيادة تدرك أن وقف التنسيق سيعرض السلطة مع العدو الصهيوني لمشاكل كبيرة وفي مقدمتها وقف صرف الرواتب بعد ربط أموال الدول المانحة بقيادة الإدارة الأمريكية بالتنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الصهيوني .

وهذا يعني بصريح العبارة ان ثمن التنسيق الأمني هو استئجار السلطة الفلسطينية المزعومة من قبل حلفاء الكيان الصهيوني بالمال وهذا يعني أن موظفي السلطة سيبقون رهينة التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الصهيوني التي ترتكب جرائم الحرب بحق المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وخاصة في القدس بعد استخدام سياسة حرق الأطفال او الشنق  بحق المواطنين الفلسطينيين مرورا بالمساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى وليس انتهاءً بقتل الشباب والصبايا على حواجز الاحتلال بدم  بارد ليطلق العديد من قيادات سلطة الحكم الذاتي المحدود التصريحات النارية لوقف التنسيق الأمني بالإضافة لعقد الاجتماعات الخلبية لامتصاص النقمة الشعبية على جرائم سلطات الاحتلال اليومية لكن الاجتماعات انتهت دون اتخاذ قرار واضح بخصوص جرائم العدو الصهيوني وأبقت خياراتها المزعومة مفتوحة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تشهر فيها قيادات السلطة ورقة التنسيق الأمني في وجه الاحتلال لكن سرعات ما تتبخر بقدرة  قادر ولم يتحقق منها أي نتيجة لان فاقد الشيء لا يعطيه.

لذلك فإن الرهان على السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني يعتبر معادلة مستحيلة لان المصالح الشخصية لمعظم قيادات السلطة حاضرة بقوة في هذه المعادلة بعدما غلبت الشراكة الأمنية المصالح الشخصية على مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية بشكل عام .

لذلك اصبحت معادلة التنسيق الأمني جزءاً من منظومة الحياة اليومية لهذه السلطة وشخوصها الذين يعملون كأجراء لدى مجرمي الحرب الصهاينة الذين يحاولون فرض هذه المعادلة الأمنية الصهيونية في الذهنية الشعبية الفلسطينية من خلال ربط التنسيق الأمني بأبسط الحاجات اليومية للمواطن الفلسطيني تحت الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة .

لهذه الأسباب فإن التنسيق الأمني يعتبر ضرورة وطنية بالنسبة لسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني المحدود ومصلحة أمنية صهيونية بين الطرفين حسب مفهوم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية المنتهية ولايته محمود عباس .

لا شك أن هذا الواقع آمر من المر والعلقم, وهو جريمة بحق شعبنا الفلسطيني المقاوم وكل شرفاء الأمة لا تغتفر في ظل الانقسام وعجز الفصائل الفلسطينية المقاومة عن تشكيل خيار وطني ثالث مقاوم لاستعادة منظمة التحرير الفلسطينية لخطها الوطني المقاوم كحركة تحرر وطني, واعادة تشكيل المرجعية الوطنية بعد عقد مجلس وطني حقيقي يمثل كل الفصائل والقوى والشخصيات الوطنية والمنظمات والهيئات واللجان الوطنية والنقابية لصياغة برنامج وطني مقاوم مستمد من روح الميثاق الوطني الذي تم شطب معظم مواده في مجلس غزة اللاوطني من اجل ردم هوة  الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الحقيقية للشعب الفلسطيني لمواكبة انتصارات محور المقاومة من سورية الى العراق وليبيا واليمن والجزائر وتونس ومصر وغيرها على العصابات الوهابية التكفيرية ومشاريع اسيادها التقسيمية الطائفية المذهبية في الغرب بقيادة العدو الصهيوامريكي من اجل  تحرير فلسطين كل فلسطين من الاحتلال الصهيوني البغيض, لان التنسيق الأمني مع العدو وضع الفلسطيني في مواجهة مباشرة مع أخيه الفلسطيني والمستفيد الوحيد هو العدو الصهيوني الذي خطط لاختزال القضية الفلسطينية في حدود الراتب والسيارة والامتيازات الرخيصة لبعض قيادات السلطة من المتصهينيين الجدد الذين تحولوا إلى كلاب حراسة على بوابات المستعمرات الصهيونية وبددت كل انجازات ثورتنا الفلسطينية المعاصر منذ اثبن وخمسين عاما حتى اليوم لتصيح حتى الخيانة فيها وجهة نظر في هذا الزمن العربي الصعب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى