مندوب سعودي كبير يزور سد النهضة الاثيوبي نكاية بمصر
حالة من الغضب، انتابت أوساط رسمية وإعلامية وشعبية مصرية، إثر الكشف عن زيارة قام بها مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي أحمد الخطيب، إلى سد النهضة الإثيوبي، في إطار تواجده حاليًا في العاصمة أديس أبابا، للوقوف على إمكانية توليد الطاقة المتجددة.
ونقلت وكالة «الأناضول»، يوم امس السبت، عن مصدر أثيوبي، رافق المسؤول السعودي والوفد المرافق له، أن «الخطيب» الذي وصل أديس أبابا اول أمس الجمعة، زار في اليوم نفسه، السد، وكان في استقباله مدير المشروع «سمنجاو بقلي».
ولم يكن معلناً عن جدول زيارة «الخطيب» والوفد المرافق له، لاسيما سد النهضة، وهو أيضا ما لم ترد بشأنه أية اشارة من وكالة الأنباء السعودية, كما لم يصدر عن السعودية، أي تصريح رسمي حول الزيارة، أو الغضب المصري منها.
وكان النائب فؤاد أباظة, وكيل لجنة الشئون العربية بالبرلمان المصري، قد قال لموقع «صدى البلد»، إن زيارة المسؤول السعودى لسد النهضة الإثيوبى تأتي عكس اتجاه القيادة المصرية، مؤكدا أننا «بلد يعتز بكرامته وشعب يحافظ على كيانه».
وأكد «أباظة»، أن «مصر لن تركع لأحد مهما كانت الظروف الاقتصادية مقابل البترول أو المعونات»، مشيرا إلى أن «الشعب المصرى مقاتل وقادر على تحقيق النصر كما انتصر في حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973».
وأشار وكيل لجنة الشئون العربية بالبرلمان، إلى أن «الشعب المصرى يسير وراء القيادة السياسية، الذى يثق في أنها ستجعله آمن»، مؤكدا أن الشعب المصرى يفدى وطنه بروحه ودمه.
من جانبه، شن وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق الدكتور «محمد نصر الدين علام»، هجوما على المملكة، وقال في تصريحات لصحيفة «المصري اليوم» إن زيارة مستشار للعاهل السعودي إلى سد النهضة «تشكل سابقة خطيرة ومكيدة علنية» رداً على الخلافات بين مصر والسعودية.
وأضاف «علام» أن زيارة المسؤول السعودي لسد النهضة تأتي استكمالا للطموحات السعودية بالاستثمار في أثيوبيا التي تبلغ 13 مليار دولار، أغلبها في مشروعات زراعية مروية، يتم تصدير منتجاتها إلى السعودية وخاصة زراعات الأرز.
وأوضح وزير الري الأسبق، أن السعودية تخطط للإستفادة من سد النهضة في توصيل الكهرباء إلى السودان واليمن في إطار دعمها للدولتين على حساب المصالح المصرية.
وقال إن «التلويح بالتعاون مع دولة تهدد الأمن المائي للمصريين تصرف غير مسؤول ضد مصالح الشعب المصري».
فيما اعتبر رجل الأعمال «حسن هيكل» الزيارة بأنها «غلط».
وقال في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «أخيراً، رأي، في الموضوع السعودي المصري، سوء العلاقات غلط جداً، بس مع الأسف، منع الإمدادات البترولية للزيارات لأثيوبيا غلط».
فيما قال «هاني رسلان» نائب رئيس مركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاقتصادية (حكومي)، إن زيارة «الخطيب»، لسد النهضة الأثيوبي «تحمل بعداً سياسياً».
وأضاف أن «الزيارة إشارة للقاهرة مفادها أن المملكة تجاوزت كافة الخطوط الحمراء وتقف مع أديس بابا في قضيتها ضد القاهرة».
وشدد «رسلان» على أن زيارة الوفد السعودي لسد النهضة تعني الوصول إلى مرحلة الانتقام، رداً على تفسير خاطئ من الرياض حول الموقف المصري من سوريا، يرى أن الرئيس «عبد الفتاح السيسي» تخلى عن السعودية في موقفها ضد النظام السوري، وهو تفسير غير عاقل وغير متزن ويعكس حالة من اليأس وفقدان البوصلة.
وأوضح «رسلان»، أن هذا الموقف السعودي يمس كل الشعب المصري، وقال: «السعوديون لا يقدرون الموقف بشكل صحيح، وتحركاتهم غير محسوبة وفقدوا الاتزان».
أما أستاذ العلوم السياسية «طارق فهمي»، المقرب من دوائر صنع القرار في مصر، فقال إن زيارة مستشار ملك السعودية لسد النهضة، «تأتي ضمن أسلوب المكايدة السياسية التي اختارت المملكة أن تتعامل به مع مصر»، ومحاولتها لأن تنقل رسائل مباشرة إلى الدولة المصرية تتعلق بملف سد النهضة.
وأضاف في مداخلة هاتفية، على فضائية «صدى البلد»، أن «هناك عدد من رجال الأعمال السعوديين يملكون استثمارات كبيرة في إثيوبيا»، منوها إلى أنه في الفترة الأخيرة كانت هناك توجيهات من المملكة لرجال الأعمال بزيادة حجم استثماراتهم في إثيوبيا.
وتساءل: «لماذا تريد السعودية مناكفة مصر في هذا الملف المرتبط بالأمن القومي؟!»، وأضاف:«صبر مصر لن يطول كثيرا مع بعض الأطراف العربية خلال الفترة المقبلة».
واستطرد أن «هذه الزيارة تأتي ضمن تحركات مشبوهة لمحاولة مكايدة مصر سياسيا».
واستكمل أن «مصر لديها من أوراق الضغط ما يمكنها من التدخل في الشأن الخليجي، إذا أرادت ذلك، كأن تقوم بدعم بعض الأمراء المعترضين على السياسة السعودية، ولكن الدولة الكبيرة التي لا تفكر بفكر العائلة والعشيرة لا تقوم بهذه الأمور».
أما صحيفة «التحرير» المصرية، فقالت إن «سد النهضة» سيكون أحد المواجهات الجديدة بين مصر والسعودية.