انتخابات نيابية بغير آفاق ديموقراطية ومخرجات اصلاحية

كتب ساطع الزغول

ضاربو الودع السياسي في صالونات عمان، لا يتوقعون مخرجات باهرة للانتخابات النيابية، بل يؤكدون ان مجلساً يأتي نتيجة افراز عشائري واحزاب تلطت بعباءة العشائرية والجهوية، وجماعات اخوانية لا تؤمن اصلاً بالديموقراطية، ثم اموال سوداء وظيفتها شراء الذمم والضمائر، لن يثري جهود الاصلاح، ولن يعزز المسيرة الديموقراطية، ولن يتميز عما سبقه من مجالس مهلهلة افرزها قانون الصوت الواحد سيئ الذكر.
اعمدة الصالونات السياسية يفسرون ضعف الاهتمام الجماهيري بهذه الانتخابات الذي غالباً ما يرخي بظلاله على صناديق الانتخابات، قائلين ان انطباعات الناس عن عمل المجالس السابقة وعدم وقوفها موقفاً فاعلاً من الناحيتين الرقابية والتشريعية، بل مماشاتها للتعليمات الحكومية، وتمريرها للقوانين ذات المساس المباشر بالمواطنين اقتصادياً ومعيشياً، تحول دون استجابة الناس لرسائل التشجيع الحكومية التي تبثها الهيئة المستقلة للانتخابات ووزارة التنمية السياسية للدفع نحو صندوق الاقتراع في اليوم العشرين من الشهر الجاري.
اعمدة الصالونات، يأخذون على يافطات وشعارات وادبيات القوائم الانتخابية خلوها من الخطاب السياسي والبرامجي، وتجاهلها للوظيفة الاساس المناطة بمجالس النواب، وهي الرقابة والتشريع، معتبرين ان هذا الامر ينمّ عن ضعف الرؤية السياسية عند اغلب المترشحين الباحثين عن الفوز بدوافع وغايات شخصية ونفعية، وان هؤلاء يغطون هذا الضعف باللجوء الى الاحاديث الاجتماعية، والاعتماد على علاقاتهم الشخصية ووشائح القربى، فضلاً عن اقامة المقرات الانتخابية الفخيمة والولائم الباذخة، ظناً منهم ان هذه الوسيلة هي الانسب لاستقطاب الناس واقناعهم بالمشاركة، وهذا يعني ان الصبغة العشائرية هي التي تسيطر على المشهد العام للانتخاب، حتى وان تقنّعت بعض القوائم باقنعة حزبية او عشائرية او غيرهما.
وفي ذات السياق تساءل المراقبون حول دوافع حزب جبهة العمل الاسلامي لضم مرشحين مختلفي التوجهات، وايضاً دوافع المترشحين انفسهم للانخراط في هذه القوائم، حيث يقول المراقبون ان هذا الانخراط كان سيشكل طرحاً متقدماً فعلاً، لو عرف عن الاخوان المسلمين اقتناعهم بالديموقراطية وقبولهم بالتعددية السياسية وحرصهم على التحالف مع الاخر، ومن هنا تولدت الحيرة لدى الجمهور حول مفارقة وجود بعض المترشحين المختلفين ايديولوجياً وسياسياً مع الجماعة، بل انهم كانوا يقفون على النقيض منها، مبينين ان الاصلاح والديمقراطية وقبول الآخر لا يكون بالعنوان والمظهر فقط.
وفي معرض هذا التساؤل وغياب الاجابة المقنعة عنه، فان الاستنتاج يشير الى دوافع شخصية وحتى انتهازية غايتها الوصول الى البرلمان من خلال قوائم الاخوان، لا سيما وان بعض المترشحين في هذه القوائم ليس لديهم اي سجل بالعمل العام في المناطق التي ترشحوا فيها.
تعقيباً على ذلك.. يقول رواد الصالونات السياسية ان مشاركة الاخوان في الانتخابات من خلال قوائم حزب جبهة العمل الاسلامي تشكل حالة ايجابية في المشهد السياسي، لكن هذه المشاركة ليست صادقة وحقيقية لانه لم يصاحبها اي تغير في البرنامج السياسي الاخواني الاردني سواء اكان ذلك على صعيد الحزب او الجماعة غير المرخصة، على الرغم من التحولات المهمة التي تعرض لها مشروع الاخوان في المنطقة العربية.
من جهة اخرى يرى خبراء في الشأن الانتخابي ان توجه بعض المترشحين لتوظيف المال الاسود- المجرّم في القانون الذي تجري على اساسه الانتخابات- لجذب الناخبين، ينم عن افتقار هؤلاء المترشحين لرؤية برامجية وسياسية واضحة يمكن البناء عليها والدفاع عنها، وبالتالي فهو بالنسبة لهم اقصر الطرق للتأثير على ارادة الناخبين ومواقفهم.
ويقولون ان المال الاسود هو المحرك الاساسي والعمود الفقري لقوى سياسية واجتماعية سارعت لاشهار قوائم انتخابية يشارك فيها رجال اعمال وشخصيات نافذة، وذلك بطرق واساليب ملتوية تتحايل على النصوص القانونية التي تعاقب وتمنع توظيف هذا المال في الانتخابات، مشددين على ان المال الاسود هو الد اعداء الديمقراطية التي تقوم اصلاً على التنافس الحر، لكن عندما يقوم التنافس على قوة المال، فان فكرة الغالب والمغلوب تصبح خطراً على سلامة المجتمع كونها تخضع للعبة بيع وشراء الضمائر والسؤال هنا.. كيف نتوقع من شخص يتجرأ على التلاعب بضمائر الناس وارادتهم بأمواله ان يكون عوناً لانتاج الديمقراطية والاصلاح ؟؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى