جنون العظمة يدفع اردوغان الى خيانة رفاقه وحلفائه

بفعل جنون العظمة الذي تلبس الرئيس التركي المتسلط، رجب اردوغان، انفرطت – او تكاد- مسبحة حزب العدالة والتنمية ”الاخواني” الحاكم، واستقال – او اقيل- احمد داود اوغلو، رئيس الحزب ورئيس الوزراء المقرب تاريخياً من اردوغان حد التماهي والالتصاق.
ولان اردوغان قد شب على خيانة رؤسائه واولياء نعمته، والارتفاع على حساب سقوطهم، شأن ما فعل مع معلمه ورئيسه نجم الدين اربكان قبل ربع قرن.. فقد ادمن على افعال الخيانة والغدر، وانقلب على اعز اصدقائه واخلص رفاقه في الحزب والحكم، بدءاً من عبدالله غل، ومروراً بفتح الله غولن، وليس انتهاءً باحمد داود اوغلو.. فالحبل ما زال على الجرار.
جنون اردوغان لم يعبر عن ذاته من خلال الاستئثار الدكتاتوري بمجمل السلطات والصلاحيات الحزبية والحكومية التركية فقط، بل ايضاً عبر الاطماع والشهوات العثمانية التوسعية على حساب الدول العربية والاسلامية، وهو ما ادى الى اصطدامه بحكومات هذه الدول مثل مصر وسوريا والعراق وايران، فضلاً عن دول مجاورة مثل روسيا وارمينيا واليونان، حتى تحول شعاره ”صفر مشاكل” الى ”صفر اصدقاء ورفاق”.
وفي آخر تجليات جنونه، دعا أردوغان يوم الجمعة الماضي إلى الإسراع في طرح الإصلاح الدستوري، الذي سيوسع صلاحياته الدكتاتورية، لاستفتاء شعبي، وذلك غداة إعلان رئيس الحكومة داود أوغلو، الذي كان مختلفا معه بهذا الخصوص، تنحيه عن رئاسة الحزب الحاكم وبالتالي رئاسة الوزراء.
واعتبر أردوغان أن تدخله في السياسة الداخلية امر طبيعي، وقال في خطابه ”البعض منزعجون من متابعتي عن كثب التطورات المتعلقة بالحزب، ما الذي يمكن أن يكون أمرا طبيعيا أكثر من هذا؟”.
وكشفت تقارير اعلامية وازنة ان الخلافات بين اردوغان واوغلو قد تصاعدت تدريجيا إلى أن ظهر بعض منها على وسائل الإعلام واهمها..
1- هاكان فيدان
ظهر الخلاف الأول بين الرجلين على ترشح رئيس جهاز الاستخبارات التركي هاكان فيدان للانتخابات البرلمانية، وكان فيدان قد استشار داود أوغلو في الترشح لانتخابات 7 حزيران البرلمانية، الأمر الذي رفضه الرئيس التركي، وأوصى ببقاء فيدان في رئاسة جهاز الاستخبارات، وهو ما دفع بفيدان إلى العدول عن دخول الانتخابات والرجوع إلى منصب رئاسة جهاز الاستخبارات.
2- تصريحات قصر دولما بهجة
ومن النقاط التي أثارت الخلاف بين الزعيمين وأعضاء حزب العدالة والتنمية، تصريحات قصر دولما بهجة حول سير عملية السلام بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني ”بي كي كي”، إذ صرح الرئيس التركي، بأنه لا علم له بما توصلت إليه المفاوضات التي تجري بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني، بعد أن شارف الحوار على الحسم، وأُعلن البيان النهائي للاتفاق، لكن أردوغان أنكر البيان برمّته.
3- الحكومة الائتلافية
بعد خسارة حزب العدالة والتنمية لانتخابات 7 حزيران الماضي، بدأ داود أوغلو يسعى إلى تشكيل حكومة ائتلافية مع الأحزاب الأخرى الفائزة في الانتخابات، إلا أن أردوغان لم ينظر بإيجابية إلى الحكومة الائتلافية، ولم يدعم هذه الخطوة، بل عقّب على هذا الموضوع بأن الحكومات الائتلافية التي تم تشكيلها في الفترات السابقة لم تصمد فترات طويلة، مبينا أن ذلك لا يعود بالنفع والفائدة على الدولة. ولم تنجح الاحزاب في تشكيل حكومة ائتلافية، وتم إجراء انتخابات برلمانية مبكرة فاز فيها حزب العدالة والتنمية وشكل الحكومة.
4- النظام الرئاسي
عقب فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات، بدأ الحزب يُسوّق فكرة تغيير الدستور والنظام الرئاسي، وظهر خلاف بين أردوغان وأوغلو على ماهية النظام الرئاسي، حيث كان أوغلو قد صرح عقب انتخابات حزيران الماضية، بأن الشعب التركي لم يمنح حزبه الحق في تغيير الدستور، أما أردوغان فقد دعا في 15 آب الماضي إلى ضرورة تغيير النظام في البلاد، قائلا: ”الرئيس التركي التزم بالدستور الحالي، ولكن عليه عمل التغييرات التي تلبي رغبة الشعب الذي منحة أصواته”.
5- اختيار أعضاء قيادة الحزب
وقد عصف خلاف واضح بين أوغلو و أردوغان عقب تولي الاخير لرئاسة الحزب وعقده المؤتمر الاستثنائي لتعيين أعضاء جدد للجنة التنفيذية المركزية للحزب. اختلف الاثنان على عدد الأعضاء بين 50 عضوا رسميا و25 عضوا احتياطيا، ودار خلاف آخر حول قائمة الأعضاء التي اقترحها داود أوغلو، وحول بن علي يلدرم الشخص المقرب من أردوغان، والذي كان أردوغان نفسه يدعمه في قيادة الحزب الأمر الذي كان يرفضه أوغلو.
6- القبض على الأكاديميين
اختلف الرجلان على مسألة القبض على الأكاديميين ومحاكمتهم، فقد اعترض أوغلو على إيقاف الأكاديميين ومحاكمتهم، وطالب بدلا من ذلك بإصدار الحكم ومن ثم إيقاف الأكاديميين، إلا أن أردوغان كان يدعم إيقاف الأكاديميين قبل محاكمتهم، حيث قال في تصريح له بتاريخ 4 نيسان، إنه يجب إيقاف الأكاديمي إذا أصدرت المحكمة قرارا بإيقافه، وتتم محاكمته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى