خلافات النسور والطراونة تؤشر على تراخي مفاصل الدولة

عمان - قدس برس

دخلت العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مؤخراً، مرحلة من التأزم والاضطراب، أسفرت عن انفراط عقد تحالف دام ثلاث سنوات بين رئيس الحكومة عبدالله النسور ورئيس البرلمان عاطف الطراونة، إثر تبادل الطرفين للانتقادات حول مسألة صلاحيات التعيين في مجلسي النواب والأعيان.
بدأت فصول الأزمة عندما وجّه رئيس الوزراء كتاباً إلى ”ديوان تفسير القوانين” يتضمن ”الاستفسار وطلب بيان ما إذا كانت عبارة (أو أي تشريع آخر) الواردة في مطلع المادة رقم 12 من قانون الموازنة العامة وللسنة المالية 2016، تنحصر في تفويض الصلاحيات المنصوص عليها بهذا القانون فقط أم أنها تشمل تفويض الصلاحيات المنصوص عليها في جميع التشريعات”.
وهنا كان ردّ الديوان مخالفاً لما يؤكد عليه مجلس النواب حول ضرورة الاستقلال المالي والإداري للسلطة التشريعية؛ حيث أجاب الديوان ”أن عبارة أي تشريع آخر الواردة في المادة 12 تعني تفويض الصلاحيات الواردة في التشريعات ذات العلاقة في الموازنة العامة لمجلسي الأعيان والنواب بإيراداتها ونفقاتها دون غيرها، ومن ثم فإن أي أمر يخرج عن موضوع الموازنة العامة لا يخضع لأحكام المادة 12، بحيث تبقى صلاحيات مجلس الوزراء ورئيس الوزراء ووزير المالية في تلك التشريعات قائمة”.
تفسير الديوان انتصر لرئيس الحكومة؛ حيث تضمّن تأكيداً على حصر صلاحيات رئيسي الأعيان والنواب في الأمور المالية، وغلّ يديهما في التعيين، علاوة على إلغاء آخر دفعة من التعيينات في مجلس النواب، الأمر الذي أثار حفيظة الطراونة ودفع به إلى الاعتقاد بـ ”وجود شبهة دستورية فيما قامت به الحكومة”، وإعلان عزمه وضع مجلسه بصورة الأمر وتوجيه سؤال للمحكمة الدستورية بشأنه.
الضربة الثانية التي وجهها النسور للطراونة، تمثّلت بعدم التجديد لشقيق الطراونة في رئاسة الجامعة الأردنية التي شهدت في الاونة الاخيرة اعتصاما طلابيا مفتوحا، احتجاجا على رفع رسوم الدراسة.
الطراونة خرج عن صمته مخاطبا النسور بلهجة شديدة لا تخلو من العتاب والتحدي.
وتأتي هذه المواجهة بين رئيسي الحكومة والبرلمان بعد ثلاث سنوات من التحالف تم فيها إقرار العديد من القوانين والتشريعات بالتوافق بينهما، كما تأتي بعد أشهر قليلة قادمة على موعد إجراء الانتخابات النيابية المقبلة التي من المقرر أن تجري ما بين شهري تشرين الثاني وكانون أول المقبلين.
ووجه الطراونة كتابا رسميا إلى النسور حصلت ”قدس برس” على نسخة منه، قال فيه إن ”أسلوب النسور في التعاطي مع مجلس النواب لا يليق بسلطة تنفيذية تخاطب سلطة تشريعية دستورية”.
وجاء في الكتاب ”لعل دولة الرئيس قد فاته أن يدرك وهو يتخذ مواقفه الشخصية بأننا نواجه جميعا خطر التحديات الجسام من حولنا، فإننا نترفع عن المواقف الشخصية والمناكفات الجانبية مؤمنين بأن الوطن أكبر من الأشخاص”.
يشار إلى أن كتاب الطراونة جاء بعد آخر رسمي تلقّاه مجلس النواب من مجلس الوزراء حول مسألة التعيينات، وتضمّن عبارات من قبيل ”مجلس الوزراء قد وافق – بعد تردد – في جلسته (…) وقرّر أيضا ألّا ينظر في أي طلبات مشابهة مستقبلا (…)”، في إشارة إلى قائمة التعيينات في مجلس النواب، الأمر الذي أثار انزعاج الطراونة ودفعه للقول ”كنت أتمنى ان يكون هذا التردد عندما تم اختيار شاغلي الوظائف العليا، أو حين تم ترفيع بعض شاغلي الوظائف العليا، من المجموعة الثانية إلى الأولى، أو حين تم منح الاستثناءات للتعيين لكل من وزارة الخارجية والداخلية والعمل ومجلس الأعيان وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية ”.
وأضاف احتجاجا على تردّد الحكومة في القبول بتعيينات مجلس النواب ”للعلم أيضاً فإن التعيينات في مجلس النواب منذ تأسيسه تتم من خلال الحصول على استثناء من أسس التعيين من خلال ديوان الخدمة المدنية، وأنتم (النسور) على علم بهذا الأمر ويمكنكم الاستفسار إن كنتم لا تعلمون”.
وقال الطراونة موجها كلامه للرئيس النسور ”إن حكومتكم لم تبخل على مجلس النواب السابع عشر في إيصال الرسائل السلبية التي تؤشر وبوضوح على محاولات دولتكم الاستقواء على السلطة التشريعية وإضعافها دون رصد حجم الأذى الذي يسببه شخص رئيس الوزراء لصورة المؤسسات الدستورية الراسخة التي يترأسها دستوريا جلالة الملك”.
ويتوقع أن تزداد المناوشات النيابية للحكومة حدة خلال الأيام المقبلة مع قرب إكمال مجلس النواب عمره الدستوري.
وفي وقت يتسيد السؤال عن موعد الانتخابات النيابية المقبلة أروقة البرلمان تتكاثر اتهامات النواب تحت القبة للحكومة بتجاهل مطالب مناطقهم الانتخابية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى