السلاح النووي العراقي وطباع الذئاب
بقلم : عيسى محارب العجارمة
طرح قبل سنوات حوار سياسي في بريطانيا والولايات المتَّحدة والدول التي دعمت احتلال العراق يتضمن الاسئلة التالية :
– من سيدفع ثمن جريمة اغتيال العراق ، الشعب والوطن ؟ من يتحمَّل مسؤوليَّة خداع الشعب الأمريكي الذي لا يحبُّ أن يخدع ؟ ما الذي حلَّ بترسانة العراق من أسلحة الدمار الشامل ؟ وما الذي حدث لشهود الزور وصانعي قنابل العراق النوويَّة ؟ كانت هذه الاسئلة قد أذنت لنشوة الانتصار المزيَّف بمغادرة مخيَّلة إدارة بوش وحكومة بلير لتحلَّ محلَّها كوابيس احتمالات الهزيمة في معارك الانتخابات المقبلة.
وبدأت أشباح مأساة بوش الأب تلقي ظلالها الكئيبة على مرافق البيت الأبيض، وسيطر هاجسها اليومي على مستشاري الرئيس الابن المصر على خداع شعبه حتَّى النهاية.
المثير أنَّ المؤسَّسات الحكوميَّة الأمريكيَّة سبقت الجميع في بدء لعبة التصفيات الداخليَّة ومعارك تحميل الآخرين أعباء مسؤوليَّات الوقوع في المستنقع البابلي. خنادق متقابلة وأسلحة إعلاميَّة وسياسيَّة بدأت بإطلاق نيرانها على جميع الأهداف المتحركة بغياب الهدف الثابت! فالمشكلة الأزليَّة في بلد العم سام تكمن في عدم وجود مَن له الاستعداد لتحمُّل المسؤوليَّة أمام شعب لا يدرك سبل الرحمة ولا يعرف معنى الولاء.
كانت قد مضت ستَّة أشهر من الاحتلال البشع، برهنت بوضوح زيف مزاعم حملة الخداع الشامل، فها هو ديفيد كاي مفتِّش الأسلحة الأكثر حقدًا وقسوة على العراق، يعود وفريقه الضخم من العراق بعد أن فتَّشوا كلَّ شبر فيه ليعلن بخجل وخيبة فشله في العثور على السراب المزعوم, وليفنِّد ادِّعاءات الدجَّالين بعلاقة العراق بمنظَّمة القاعدة وغيرها من المزاعم الرخيصة.
قبل فريق كاي ، فشلت القبيلة الأصوليَّة في البنتاغون وخبراؤها وفرقها العسكريَّة وعملاؤها من بائعي الوطن العراقي في تقديم دليل واحد على ادِّعاءاتهم الكاذبة بحيازة العراق أسلحة الدمار الشامل.
الصحف الأمريكيَّة بطباعها الشبيه بطباع الذئاب، بدأت حملة الانقضاض بعد أن شمَّت رائحة الدماء، وأعلنت بداية البحث عن الذين ورَّطوا أمريكا في مستنقع العراق! وبدأت تتساءل بشكل واضح عن دور الجلبي ومؤتمره؟ وبدأت تستفسر عن مصير قنبلة خضر حمزة النوويَّة؟ وبدأت تطرح تساؤلاتها عن جدوى الملايين التي أنفقت لاختلاق شهادات مخلوقات أحمد الجلبي العجيبة!
صحيفة نيويورك تايمز نشرت يوم 29 ايلول “سبتمبر” 2003مقالاً للكاتب دوكلاس جيهل طرح فيه العديد من النقاط ، وأشار إلى شكوك المسؤولين الأمريكيِّين في صدقيَّة المعلومات التي قدَّمها المؤتمر “اللا “وطني! خضر حمزة، شاهد الزور الأوَّل، لا يمكن تقيمه أمريكيًّا وعراقيًّا إلاً مثالاً للوطنيَّة الضائعة والوصوليَّة المقيتة والعلميَّة الفارغة.
لم يتردَّد حمزة بخلق أكاذيب سبَّبت قتل الآلاف من الأبرياء الذين عاش بينهم يومًا، وساهمت في تدمير بلدٍ وُلِدَ فيه، بلدٍ اعتبر العودة إليه بعد إكمال دراسته في الولايات المتحدة أكبر غلطة اقترفها كما صرح في مقابلة أجرتها معه مقدِّمة البرامج الأمريكيَّة دايان سوير.
تقرير ديفيد كاي وشهادة هانس بليكس والتقارير الأخرى تدحض أكاذيب أسلحة الخداع الشامل وتكشف أيضًا الادِّعاءات الرخيصة لخضر حمزة ومزاعمه الواردة في كتابه الهش “صانع قنبلة صدام”.
وإذا كان خضر حمزة نموذجًا سلبيًّا للعلم والمواطنة وللإنسانيَّة. فعالم الذرة العراقي عماد خضوري في كتابه الرصين والممتع “السراب النووي العراقي” الذي صدر حينها باللغة الإنكليزيَّة. يقدِّم هذا الدكتور الذي عمل في هيئة الطاقة الذريَّة لمدَّة ثلاثين عامًا شهادة أمينة وصادقة وشجاعة لتفاصيل برنامج العراق النووي. حيث يفنِّد الكتاب بعلميَّة رصينة المزاعم والأكاذيب التي اختلقتها العناصر الشريِّرة لتبرير الحرب على العراق. ويثبت عدم امتلاك العراق برامج وأسلحة نوويَّة .