طلبة الجامعة الاردنية ومشروعية مطالبهم
بقلم : الدكتور زيد احمد المحيسن
التظاهر السلمي والاعتصام السلمي حق مشروع ومكفول بالدستور وبالقانون الناظم للحياة العامة, ومخاطبة السلطات العليا والتظلم هو نص دستوري ايضا والطلبة في الجامعات من حقهم التعبير عن مشاكلهم ومطالبهم المشروعة بالطرق السلمية, ومن حقهم على الاعلام الوطني ابراز شكواهم دون تحريف او تزوير او تشويش.
هذا اذا كنا كما ندعي اننا بلد ننشد الديمقراطية لحاضرنا ومستقبل الاجيال من بعدنا .. ذلك لان ما يجري منذ شهر تقريبا من اعتصام ابنائنا – طلبة الجامعة الاردنية – للمطالبة بعدم رفع الرسوم هو مطلب مشروع, علاوة على ان سلمية الاداء هي عين التحضر والتمدن الانساني – فهذه الشريحة جزء من شرائح المجتمع بل هي الباروميتر للشعب علما ودراية بمجريات الاحداث داخليا وخارجيا.. فالمواطن الاردني الذي يدفع 83 ضريبة ورسما للدولة منذ الولادة وحتى شهادة الوفاة ورسوم وشراء القبر, اصبح يئن من ثقل رسوم التعليم بل ان جيوبه افرغت كليا من الدنانير والدراهم وحلت محلها فواتير الكهرباء والاتصال والمياه والمسقفات ورسوم المدارس الخاصة ومتطلباتها ورسوم الجامعات وغيرها من الفواتير الاخرى اضافة الى فاتورة غلاء المعيشة وارتفاع الاسعار والسكن.
طلبة الجامعة الاردنية عندما هبوا للوقوف امام – حالة الرفع – فانما هم يمثلون جرس الانذر الاول بان الوضع ماعاد يسكت عنه, فهؤلاء هم ابنائنا ولم نستوردهم من الخارج, هم فلذات اكبادنا نعدهم لحاضر ومستقبل الوطن, وهم ابناء الطبقة الوسطى, ابناء الجنود والمزارعين والمعلمين والصناع.. هم ابناء هذا المجتمع المتعاون المتأخي نهدوا لرفع الصوت عاليا عندما باعنا نواب الشعب للسلطة التنفيذية, واداروا ظهورهم لحاجات الشعب وتركوه وحيدا في الميدان امام توغل صاحب السلطه وصاحب القرار في مؤسسته.
في مقال سابق حذرنا من خطورة – لز المواطن للطور – وقلنا ان اي قرار غير راشد في هذا الوقت هو مجازفة خطيرة سيكون لها تبعات كبيرة نحن غير مستعدين لها في ظل هذا الاقليم الملتهب المصدر لحرارته ونيرانه في كل اتجاه.
ان تحصين الجبهة الداخلية هو المطلوب, لانه تحصين لكل بيت واسرة, وما على الاعلام المأجور الان ان يتوقف عن النفخ في الكير باوصاف ليس لها حقيقة ووجود في ارض الواقع, ذلك لان تضخيم المشهد والصاق التهم الجاهزة بالطلبة عمل سخيف, فهولاء الطلبه ابنائنا ومن رحم الوطن جأؤا , ولكن بين عشية وضحاها يصورهم الاعلام بانهم اصحاب سوابق ومتعاطو مخدرات واصحاب اجندات خارجيه – كلام هذر وغير مسؤول –.
على ادارة الجامعة ان تنزل من برجها العاجي وتجلس مع الطلبه وتحاورهم بالكلمة الصادقة وبالحميمية الابوية, ففي هذا المشهد لاغالب ولا مغلوب بل الاب يتحاور مع ابنائه ويعود الى جادة الصواب اذا كان قراره غير راشد اوصائب.
ادارة الجامعة عليها ان تقرأ الارشيف التاريخي جيدا لتدرك بان جمر الربيع الديمقراطي لا يزال تحت الرماد, ويحتاح الى رياح لاشعاله من جديد (لاسمح الله ).
الطلبة يا ادارة الجامعة ليسوا “قطاريز” يتحركون بواسطة الريموت, ولا دمى من بلاستيك يسهل كسرها, بل هم بشر من لحم ودم وعقل ونفس, وقبل هذا وذاك اصحاب حق وارادة, وهم ثروة الوطن والكنز الدائم الذي لا ينضب من العطاء والتضحية والكبرياء.
ان العدول عن هذا القرار هو الحل الامثل في مثل هذه الظروف التي يمر بها الوطن والجوار من حولنا, فاستقرار الوطن اهم واغلى من الدينار او الدولار الزائد في ميزانية الجامعة .. اذ ما فائدة الدينار بدون وطن يعيش بسلام وامن واستقرار
(( رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ, رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ)) .