أكد الرئيس السوري بشار الأسد ضرورة الاستمرار في الحوار من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية بالتوازي مع محاربة الإرهاب بهدف التوصل إلى إجماع حول مستقبل سورية, داعيا كل القوى للاتحاد لمحاربة الإرهاب لأنه الطريق للوصول إلى الأهداف السياسية التي نريدها نحن كسوريين عبر الحوار والعمل السياسي.
وشدد الرئيس الأسد, في مقابلة مع عدد من وسائل الإعلام الروسية, على أن الغرب يتباكى على اللاجئين السوريين من جهة ويصوب رشاشاته عليهم من جهة أخرى من خلال دعمه للإرهاب منذ بداية الأزمة في سورية.
وفيما يلي ابرز وقائع هذه المقابلة الهامة..
قال الرئيس الأسد ردا على سؤال حول موقف سورية من العملية السياسية وتقاسم السلطة وأزمة اللاجئين السوريين.. دعيني أولاً أجزئ هذا السؤال لأنه ينطوي على العديد من الأسئلة في سؤال واحد.. فيما يتعلق بالجزء الأول بشأن العملية السياسية منذ بداية الأزمة تبنينا نهج الحوار وقد جرت عدة جولات من الحوار بين السوريين في سورية وموسكو وجنيف.. في الواقع فإن الخطوة الوحيدة التي حققت إنجازاً كانت موسكو 2 وليست جنيف أو موسكو1 كما أنها خطوة جزئية وليست مكتملة وهذا طبيعي لأن الأزمة كبيرة.. لا يمكن التوصل إلى حلول في ساعات أو أيام قليلة.. إنها خطوة إلى الأمام ونحن بانتظار “موسكو3″.. أعتقد أن علينا الاستمرار في الحوار بين الكيانات السياسية أو الأحزاب السياسية السورية بالتوازي مع محاربة الإرهاب من أجل التوصل إلى إجماع حول مستقبل سورية.. إذاً هذا ما ينبغي أن نستمر فيه.
وأضاف الأسد : إذا كان لي أن أنتقل إلى الجزء الأخير لأنه مرتبط بهذا الجزء فهل يمكن تحقيق أي شيء إذا أخذنا بالاعتبار انتشار الإرهاب في سورية والعراق وفي المنطقة بشكل عام… علينا أن نستمر في الحوار من أجل التوصل إلى توافق كما قلت لكن إذا أردنا أن ننفذ أي شيء حقيقي فمن المستحيل فعل شيء بينما يقتل الناس وبينما لم تتوقف إراقة الدماء ولا يزال الناس يشعرون بانعدام الأمان.. لنقل إننا جلسنا معاً كأحزاب أو قوى سياسية سورية وتوصلنا إلى إجماع في موضوع سياسي أو في الاقتصاد أو التعليم أو الصحة أو أي شيء كيف نستطيع أن ننفذ ما اتفقنا عليه إذا كانت أولوية كل سوري الآن هي أن يكون آمنا… إذاً يمكن أن نتوصل إلى إجماع لكننا لا نستطيع أن ننفذ شيئاً ما لم نهزم الإرهاب في سورية.. علينا أن نهزم الإرهاب وليس فقط “داعش”.
وتابع الرئيس السوري: أنا أتحدث عن الإرهاب لأن هناك العديد من التنظيمات وبشكل أساسي “داعش والنصرة” اللذان أعلنهما مجلس الأمن مجموعتين إرهابيتين هذا فيما يتعلق بالعملية السياسية.. أما فيما يتصل بتقاسم السلطة فقد تقاسمناها أصلاً مع جزء من المعارضة التي قبلت بتقاسمها معنا قبل بضع سنوات انضموا إلى الحكومة.. رغم أن تقاسم السلطة يتعلق بالدستور والانتخابات وبشكل أساسي الانتخابات البرلمانية وبالطبع تمثيل الشعب السوري من قبل تلك القوى.. لكن رغم ذلك وبسبب الأزمة قلنا لنتقاسم السلطة الآن.. لنفعل شيئاً.. خطوة إلى الأمام بصرف النظر عن مدى فعالية تلك الخطوة.
وقال الرئيس الأسد : فيما يتعلق بأزمة اللاجئين أقول إن تعامل الغرب ومن خلال الدعاية الإعلامية الغربية مؤخرا خصوصاً خلال الأسبوع الماضي وبصرف النظر عن الاتهام بأن أولئك اللاجئين يهربون من الحكومة السورية أو مما يسمونه النظام فإنهم يبكون على اللاجئين بعين بينما يصوبون عليهم رشاشاً بالعين الأخرى .. هذا لأن أولئك اللاجئين تركوا سورية في الواقع بشكل أساسي بسبب الإرهابيين وبسبب القتل.. ثانياً بسبب نتائج الإرهاب.. عندما يكون هناك إرهاب وعندما تدمر البنية التحتية لن تبقى الاحتياجات الأساسية للحياة متوافرة وبالتالي فإن الناس يهربون بسبب الإرهاب ولأنهم يريدون كسب رزقهم في مكان ما من العالم.. وهكذا فإن الغرب يبكي عليهم بينما هو يدعم الإرهابيين منذ بداية الأزمة.. في البداية قال إن هذه الانتفاضة سلمية ومن ثم قال إنها معارضة معتدلة والآن يقول إن هناك إرهابا كإرهاب “النصرة وداعش” لكن ذلك بسبب الدولة السورية أو النظام السوري أو الرئيس السوري.. إذاً طالما استمروا في اتباع هذا النهج الدعائي فإنهم سيستقبلون المزيد من اللاجئين.. فالمسألة لا تتعلق بأن أوروبا لم تقبل أو تحتضن اللاجئين بل تتعلق بمعالجة سبب المشكلة.. إذا كانوا قلقين عليهم فليتوقفوا عن دعم الإرهابيين.. هذا ما نعتقده فيما يتعلق بهذه الأزمة.. هذا جوهر قضية اللاجئين.
ورداً عن سؤال عما يجب أن تفعله المعارضة الداخلية للتنسيق والتعاون مع السلطة السورية لمساندتها في القتال.. وأفق لقاء موسكو3 وجنيف3 قال الرئيس الأسد نحن الآن كما تعرف في حالة حرب مع الإرهاب وهذا الإرهاب مدعوم من قوى خارجية فهذا يعني أننا في حالة حرب كاملة اليوم.. أنا أعتقد بأن أي مجتمع وأي أشخاص وطنيين.. أي أحزاب تنتمي فعلاً للشعب تتوحد في حالات الحروب ضد العدو سواء كان العدو إرهاباً من الداخل أو كان العدو إرهاباً من الخارج.. اليوم لو سألنا أي سوري ما الذي تريده الآن.. فأول شيءٍ سيقوله.. نريد الأمان ونريد الأمن لكل شخص ولكل عائلة.. فإذاً علينا نحن كقوى سياسية سواء كانت هذه القوى داخل الحكومة أو خارجها أن نتوحد حول ما يريده الشعب السوري.. هذا يعني أن نتوحد أولاً ضد الإرهاب.. هذا شيء بديهي ومنطقي.. لذلك أقول علينا الآن كقوى سياسية أو حكومة أو كمجموعات مسلحة حاربت ضد الحكومة أن نتوحد جميعاً من أجل مكافحة الإرهاب.. وهذا الشيء حصل.. هناك قوى تحارب الآن الإرهاب مع الدولة السورية وهي كانت تقاتل الدولة السورية.. قطعنا خطوات في هذا المجال.. ولكنني أستغل فرصة هذا اللقاء لأوجه دعوة لكل القوى لكي تتحد لمواجهة الإرهاب لأنه الطريق للوصول للأهداف السياسية التي نريدها نحن كسوريين عبر الحوار وعبر العمل السياسي.
وأضاف الرئيس الأسد: أهمية موسكو3 أنها تشكل عملية تمهيد لجنيف3 لأن الرعاية الدولية في جنيف لم تكن حيادية أولاً بينما الرعاية الروسية هي رعاية حيادية ليست منحازة وتستند إلى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.. ثانياً هناك خلافات جوهرية حول بند الهيئة الانتقالية في جنيف.. المطلوب من موسكو3 أن يحل هذه العقبات بين الأطراف السورية المختلفة وعندما نصل إلى جنيف3 يكون هناك إجماع سوري يهيئ لنجاحه.. نحن نعتقد بأنه من الصعب لجنيف3 أن ينجح إن لم ينجح موسكو3 لذلك نحن نؤيد عقد هذه الجولة من المفاوضات في موسكو بعد أن تكون التحضيرات لنجاح هذه الجولة قد اكتملت وخاصة من قبل المسؤولين الروس.
وحول المبادرة الإيرانية لتسوية الوضع في سورية وأهمية الدعم الإيراني قال الرئيس السوري: حالياً لا توجد مبادرة إيرانية وإنما توجد أفكار أو مبادئ لمبادرة إيرانية تستند بشكل رئيسي إلى موضوع سيادة سورية وطبعاً قرار الشعب السوري.. وتستند إلى موضوع مكافحة الإرهاب.. طبعاً العلاقة بيننا وبين إيران علاقة قديمة عمرها الآن أكثر من ثلاثة عقود ونصف.. فيها تحالف.. فيها ثقة كبيرة.. لذلك نعتقد بأن الدور الإيراني دور مهم.. إيران تقف مع سورية ومع الشعب السوري.. تقف مع الدولة السورية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.. ليس المقصود عسكرياً كما حاول البعض تسويقه في الإعلام الغربي بأن إيران أرسلت جيشاً أو قوات إلى سورية.. هذا الكلام غير صحيح.. هي ترسل لنا عتاداً عسكرياً وهناك طبعاً تبادل للخبراء العسكريين بين سورية وإيران وهذا الشيء موجود دائماً ومن الطبيعي أن يزداد هذا التعاون بين البلدين في ظروف الحرب.. نعم الدعم الإيراني كان أساسياً من أجل مساعدة سورية في صمودها في هذه الحرب الصعبة والشرسة.
وقال الرئيس الأسد رداً على سؤال عن العلاقة مع مصر وهل هي مباشرة أو عبر الوسيط الروسي.. العلاقة بين سورية ومصر لم تنقطع حتى في السنوات الماضية.. وحتى عندما كان رئيس مصر هو مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية أصرت المؤسسات المصرية على إبقاء شيء من هذه العلاقة.. أولاً لوعي الشعب المصري لما يحصل في سورية.. ثانياً لأن المعركة التي نخوضها عملياً هي ضد عدو واحد.. هذا الشيء أصبح الآن أوضح بالنسبة للجميع.. فالإرهاب منتشر في ليبيا ومصر واليمن وسورية والعراق وفي بعض الدول الأخرى طبعاً وفي دول إسلامية أخرى كأفغانستان وباكستان وغيرها.. فإذن استطيع أن أقول بأن هناك الآن رؤية مشتركة بيننا وبين الجانب المصري, لكن العلاقة الآن هي على المستوى الأمني.. لا توجد علاقة سياسية أي لا يوجد تواصل بين وزارة الخارجية السورية ووزارة الخارجية المصرية على سبيل المثال.. التواصل على المستوى الأمني فقط.. نأخذ بالاعتبار الضغوط التي يمكن أن تترتب ربما على مصر أو على سورية ومصر من أجل ألا تكون هناك علاقة قوية.. طبعاً هي لا تمر عبر موسكو كما قلت.. هذه العلاقة لم تنقطع ولكن اليوم نحن ننظر بارتياح لتحسن العلاقة بين روسيا ومصر وبنفس الوقت هناك علاقة جيدة وقوية وتاريخية بين موسكو ودمشق فمن الطبيعي أن تكون روسيا مرتاحة لأي تطور في العلاقة بين سورية ومصر.
وردا على سؤال حول موقف سورية من فكرة إنشاء منطقة خالية من إرهابيي “داعش” على الحدود مع تركيا.. والدعم الغربي للتنظيمات الإرهابية قال الرئيس الأسد.. أن نقول بأن الحدود مع تركيا يجب أن تكون خالية من الإرهاب فهذا يعني أن الإرهاب مسموح به في باقي المناطق.. هذا الكلام غير مقبول.. يجب القضاء على الإرهاب في كل مكان.. ونحن ندعو منذ أكثر من ثلاثة عقود لتحالف دولي من أجل مكافحة الإرهاب.. ولكن بالنسبة لهذا الموضوع وبالنسبة لتعاون الغرب مع “جبهة النصرة” هو حقيقة واقعة لأننا كلنا نعلم أن من يدعم اليوم “جبهة النصرة” ومن يدعم “داعش” بالسلاح وبالمال وبالمتطوعين الإرهابيين هو تركيا.. ومن المعروف أن تركيا هي على علاقة وثيقة بالغرب.. فأردوغان وأوغلو لا يمكن أن يتحركا خطوة واحدة من دون التنسيق أولاً مع الولايات المتحدة وطبعاً مع باقي الدول الغربية.. فوجود “جبهة النصرة” ووجود “داعش” بهذه القوة في المنطقة هو بغطاء غربي لأن الدول الغربية تعتقد دائماً أن الإرهاب هو ورقة تستطيع أن تضعها في جيبك وتستخدمها من وقت لآخر، الآن يريدون استخدام “جبهة النصرة” ضد “داعش” فقط، ربما لأن “داعش” خرجت عن سيطرتهم بشكل أو بآخر.. ولكن هذا لا يعني بأنهم يريدون القضاء على “داعش”.. لو أرادوا لكانوا قادرين على القيام بهذا الشيء.
وأضاف الأسد قائلا.. بالنسبة لنا “داعش وجبهة النصرة” وكل التنظيمات المشابهة التي تحمل السلاح وتقتل المدنيين هي تنظيمات متطرفة.. لكن مع من نتحاور.. هذا سؤال مهم جداً… منذ البداية قلنا.. إن الحوار هو مع كل من يمكن أن يؤدي الحوار معه لتراجع الإرهاب وبالتالي الوصول إلى الاستقرار.. طبعاً هذا يشمل بشكل طبيعي القوى السياسية ولكن هناك أيضاً مسلحون حاورناهم وتوصلنا معهم لاتفاقات في مناطق كانت مضطربة وأصبحت هادئة.. وفي أماكن أخرى هؤلاء المسلحون انضموا للجيش السوري وهم يقاتلون معه اليوم وسقط منهم شهداء.. فإذاً نحن نحاور الجميع ما عدا تلك التنظيمات التي ذكرتها كـ “داعش والنصرة” وتنظيمات مشابهة.. لسبب بسيط هو أن هذه التنظيمات تعتمد بعقيدتها على الإرهاب.. هي تنظيمات عقائدية.. هي ليست مجرد تنظيمات خرجت ضد الدولة كما هو حال عدد من المسلحين.. لا.. هي من الناحية العقائدية تؤمن بالإرهاب وبالتالي الحوار مع هذه التنظيمات لا يمكن أن يؤدي إلى أي نتيجة حقيقية.. لا بد من أن نكافحها ونحاربها ونقضي عليها بشكل كلي.. والحوار معها غير مجد على الإطلاق.
وقال الرئيس الأسد ردا على سؤال عن الشركاء الذين يمكن التعاون معهم في مكافحة الإرهاب.. بكل تأكيد الدول الصديقة وفي مقدمتها روسيا وإيران.. والعراق نحن نتعاون معه لأنه يتعرض لنفس النوع من الإرهاب.. بالنسبة للدول الأخرى نحن لا يوجد لدينا فيتو على أي دولة بشرط أن تكون لديها الإرادة في أن تكافح الإرهاب وليس كما يفعلون الآن فيما يسمى التحالف الدولي من أجل مكافحة الإرهاب الذي تقوده أمريكا.. في الواقع منذ بدأ هذا التحالف يعمل و”داعش” تتوسع.. أي أنه تحالف فاشل ليس له تأثير حقيقي على الأرض.. بنفس الوقت لا يمكن لدول مثل تركيا وقطر والسعودية ومعها الدول الغربية التي تغطي الإرهاب مثل فرنسا أو الولايات المتحدة أو غيرها أن تقوم نفسها بمكافحة الإرهاب.. لا يمكن أن تكون مع الإرهاب وضد الإرهاب في نفس الوقت.. ولكن إذا قررت هذه الدول أن تغير من سياساتها وتعرف بأن هذا الإرهاب هو كالعقرب إذا وضعته في جيبك فسوف يلدغك.. فعندها لا يوجد لدينا مانع من التعاون مع كل هذه الدول بشرط أن يكون هذا التحالف تحالفاً حقيقياً وليس وهمياً لمكافحة الإرهاب.
وحول الوضع الحالي للجيش السوري وهل استنزفته الحرب أم أصبح أقوى نتيجة العمليات العسكرية وهل يوجد احتياط لدعم نشاطه… قال الرئيس الأسد: طبعاً الحرب سيئة.. أي حرب هي مدمرة.. أي حرب تضعف أي مجتمع وأي جيش مهما يكن هذا البلد قوياً أو غنياً ولكن الأمور لا تقاس بهذه الطريقة.. فالحرب من المفترض أن توحد المجتمع ضد العدو.. الجيش يصبح هو الرمز الأهم بالنسبة لأي مجتمع عندما يكون هناك عدوان على هذا البلد.. يصبح هذا المجتمع حاضناً لهذا الجيش ويقدم له كل الدعم المطلوب بما فيه الموارد البشرية.. المتطوعون.. المجندون.. لكي يقوموا بالدفاع عن الوطن.. بنفس الوقت الحرب تعطي خبرة كبيرة لأي قوات مسلحة من الناحية العملية العسكرية.. فإذن هناك دائماً إيجابيات وسلبيات.. لا نستطيع أن نقول بأن الجيش يضعف أو يقوى.. لكن في المقابل هذا الاحتضان والدعم الشعبي للجيش هو الذي يؤمن له المتطوعين.. فإجابة على سؤالك “هل هناك احتياط…” بالتأكيد لو لم يكن هناك احتياط للجيش لما كان من الممكن أن يصمد أربع سنوات ونصفا في حرب صعبة جداً وخاصة أن العدو الذي نقاتله اليوم هو عدو لديه إمداد بشري غير محدود.. هناك مقاتلون إرهابيون من أكثر من ثمانين أو تسعين دولة اليوم.. تتحدث أنت عن حاضنة شعبية ربما تكون بالملايين من دول مختلفة ترسل أشخاصاً للقتال في سورية مع الإرهابيين.
وأضاف الرئيس الأسد.. أما بالنسبة لنا فالاحتياط هو احتياط سوري فقط بالدرجة الأولى.. لذلك نعم هناك احتياط.. وهذا يجعلنا نستمر.. وهناك تصميم.. الاحتياط ليس فقط بالكادر البشري بـ “الأشخاص”.. وإنما أيضاً بالإرادة.. لدينا إرادة أكثر من ذي قبل بالقتال والدفاع عن بلدنا ضد الإرهابيين.. هذه الحالة هي التي أدت إلى أن بعض المسلحين الذين قاتلوا الدولة في البداية لأسباب مختلفة اكتشفوا لاحقاً أنهم في الطريق الخاطئ وقرروا الانضمام إلى الدولة.. الآن يخوضون معارك مع الجيش.. البعض منهم التحق بالجيش بشكل نظامي.. البعض منهم أبقى سلاحه معه ولكنهم يقاتلون بشكل مجموعات مع القوات المسلحة في أماكن مختلفة في سورية.
ورداً على سؤال حول التنظيمات الإرهابية التي تكافحها الدولة السورية, وهل هي مجموعة كبيرة من الإرهابيين أم تنظيم “داعش” الذي يحاول إنشاء ما يشبه شكل الدولة قال الرئيس الأسد.. طبعاً مجموعات “داعش” الإرهابية تحاول أن تعطي شكل الدولة كما ذكرت من أجل أن تجذب المزيد من المتطوعين الذين يعيشون بأحلام الماضي بأن هناك دولة ذات طابع إسلامي تعمل من أجل الدين وهذا المظهر المثالي غير حقيقي.. هذا مظهر خادع.. ولكن أي دولة لا يمكن أن تأتي بشكل مفاجئ وبشكل جديد إلى أي مجتمع.. الدولة يجب أن تكون من إنتاج هذا المجتمع.. أن تكون تطوراً طبيعياً للمجتمع لكي تعبر عنه.. تختلف قليلاً ولكن في النهاية هي صورة عن المجتمع.. لا يمكن أن تأتي بدولة من شكل آخر وتضعها في مجتمع.. هنا نسأل سؤالاً.. هل دولة “داعش”، أو ما يسمونه دولة “داعش”، أو مجموعة “داعش”، تشبه الشعب السوري… بكل تأكيد لا.
وأضاف الرئيس الأسد.. هناك طبعاً مجموعات إرهابية ولكنها لا تعبر عن المجتمع.. في روسيا مجموعات إرهابية اليوم ولكنها لا تعبر عن المجتمع الروسي ولا تشبه المجتمع الروسي المتنوع والمنفتح.. لذلك إذا حاولوا أن يطبعوا عملة أو طوابع أو جواز سفر أو هذه الأشكال التي توحي بدولة لا يعني بأنهم موجودون كدولة لأنهم أولاً لا يشبهون الشعب.. ثانياً لأن الناس في تلك المناطق إما انها تهاجر باتجاه الدولة الحقيقية.. الدولة السورية.. الدولة الوطنية أو أنها تقاتلهم في بعض الحالات.. وقلة محدودة جداً هي التي تصدق هذه الأكاذيب.. فهم ليسوا دولة بكل تأكيد.. هم مجموعة إرهابية.. لكن إذا أردنا أن نسأل من هم… دعنا نتحدث بشكل حقيقي أكثر.. هم المرحلة الثالثة من مجموعة السموم السياسية أو الإيديولوجية التي أنتجها الغرب والتي تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية.. المرحلة الأولى كانت الإخوان المسلمين في بداية القرن الماضي.. المرحلة الثانية كانت القاعدة في أفغانستان من أجل محاربة الاتحاد السوفييتي.. والمرحلة الثالثة هي “داعش وجبهة النصرة” وهذه المجموعات.. من هي “داعش”… ومن هي هذه المجموعات… هي بكل بساطة الإنتاج الغربي للتطرف.
وقال الرئيس السوري ردا على سؤال حول الموقف من الأكراد.. أولاً لا يمكن أن نقول بأنه كان هناك سياسة معينة للدولة تجاه الأكراد.. لا يمكن لدولة أن تميز بين أبناء البلد الواحد وإلا هذا يخلق انقساماً بالبلد.. لو كنا فعلاً نميز بين مكونات المجتمع لما وقفت أغلب هذه المكونات اليوم مع الدولة.. بالنسبة لنا الأكراد هم جزء من النسيج السوري.. هم ليسوا غرباء.. انهم يعيشون في هذه المنطقة كالعربي وكالشركسي وكالأرمني وككثير من القوميات والطوائف الموجودة في سورية وتعيش فيها منذ قرون طويلة.. البعض منها غير معروف متى أتى إلى هذه المنطقة.. من دون هذه المجموعات لا يمكن أن يكون هناك سورية المتجانسة.. فإذن هل هم اليوم حلفاؤنا… لا.. هم أشخاص وطنيون هذا من جانب.. من جانب آخر لا تستطيع أن تضع كل الأكراد في سلة واحدة.. الأكراد كأي مكون سوري هم تيارات.. ينتمون لأحزاب مختلفة.. هناك اليسار واليمين.. وهناك عشائر.. وهناك أشكال مختلفة.. فعندما نتحدث عن الأكراد ككتلة واحدة يكون هذا الطرح غير موضوعي.
وتابع الرئيس الأسد : هناك مطالب كردية لدى بعض الأحزاب وليست مطالب كردية للأكراد.. هناك أكراد يعيشون مندمجين في المجتمع بشكل كامل.. وأريد أن أؤكد بأنهم ليسوا حلفاء في هذه المرحلة كما يحاول البعض أن يظهر فهناك شهداء من الجيش من الأكراد.. هذا يعني بأنهم يعيشون مندمجين في المجتمع.. ولكن هناك أحزاب كان لها مطالب.. قمنا بحل بعض هذه المطالب في بدايات الأزمة.. هناك بعض المطالب التي لا ترتبط بالدولة.. لا يمكن للدولة أن تقدمها.. هناك أشياء متعلقة بالشعب ككل.. بالدستور.. لا بد من أن يوافق الشعب على هذه المطالب.. قبل أن نأخذ قراراً نحن كدولة.. بكل الأحوال أي شيء يطرح يجب أن يكون في الإطار الوطني لذلك أقول نحن الآن مع الأكراد ومع مكونات أخرى.. كلنا نتحالف من أجل قتال الإرهابيين.. وهذا ما تحدثت عنه منذ قليل بأنه يجب أن نتوحد من أجل قتال “داعش”.. بعد أن ننتصر على “داعش” وعلى “جبهة النصرة” وعلى الإرهابيين تصبح المطالب الكردية لدى بعض المكونات الحزبية الكردية قابلة للنقاش وقابلة للطرح على الساحة الوطنية.. لا توجد أي مشكلة.. لا يوجد لدينا فيتو على أي طلب.. طالما أن هذا الشيء هو في إطار وحدة سورية ووحدة الشعب السوري والأرض السورية ومكافحة الإرهاب، والتنوع السوري، وحرية هذا التنوع بمعناه العرقي والقومي، وبمعناه الطائفي والديني.
وردا على سؤال.. هل يستطيع الأكراد بقتالهم “داعش” أن يعولوا على شكل من هذا العرفان لتحقيق مطالب لهم قال الرئيس الأسد : عندما ندافع عن بلدنا فنحن لسنا بحاجة لشكر.. هذا الواجب الطبيعي.. أن نقوم بالدفاع عن بلدنا.. فإذا كانوا يستحقون الشكر فكل مواطن سوري دافع عن بلده يستحق الشكر ولكن أنا أعتقد بأن الدفاع عن الوطن هو واجب وعندما تقوم بواجبك لست بحاجة للشكر.. ولكن ما تطرحه في البداية هو مرتبط بالدستور السوري اليوم لو أردت أن تغير شكل البنية الموجودة لديك في بلدك في روسيا.. إعادة تقسيم الجمهوريات على سبيل المثال أو إعطاء صلاحيات لجمهورية تختلف عن صلاحيات في جمهورية أخرى هذا الموضوع لا يرتبط بالرئيس ولا يرتبط بالحكومة هذا الموضوع يرتبط بالدستور.. الرئيس لا يمتلك الدستور.. والحكومة لا تمتلك الدستور.. من يمتلك الدستور هو الشعب.. وبالتالي أي تبديل بالدستور بحاجة لحوار وطني.. بالنسبة لنا لا توجد لدينا مشكلة في أي طلب كما قلت.. نحن كدولة لا يوجد لدينا أي اعتراض في هذه المواضيع طالما أنها لا تمس وحدة سورية وحرية المواطنين والتنوع.. ولكن إذا كانت هناك جهات في سورية أو مجموعات أو شرائح لديها مطالب فلا بد أن تكون في الإطار الوطني.. في حوار مع القوى السورية عندما يكون الشعب السوري متفقاً على القيام بخطوات من هذا النوع لها علاقة بفيدرالية أو حكم ذاتي أو لامركزية أو تبديل كل النظام السياسي.. فهذا بحاجة لموافقة الشعب السوري.. وبالتالي تعديل الدستور والعودة لاستفتاء.. لذلك هذه المجموعات يجب أن تقنع الشعب السوري بطروحاتها.. فطروحاتها ليست حواراً مع الدولة وإنما مع الشعب.. أما نحن فعندما يقرر الشعب السوري أن يسير باتجاه معين أو يوافق على خطوة معينة، فمن الطبيعي أن نوافق عليها.
وردا على سؤال حول وجود تنسيق مباشر أو غير مباشر بين سورية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد “داعش” قال الرئيس الأسد.. ستفاجئين إذا قلت لا.. أعلم أن جوابي لن يبدو واقعياً عندما أقول الآن وبينما نحارب نفس العدو إذا جاز التعبير، ونهاجم نفس الأهداف وفي نفس المنطقة دون تنسيق، وفي نفس الوقت لا يحدث أي صدام.. رغم أن هذا يبدو غريباً لكنه الواقع.. ليس هناك أي تنسيق أو تواصل بين الحكومتين السورية والأميركية أو بين الجيش السوري والجيش الأميركي.. إنهم لا يستطيعون الاعتراف ولا يستطيعون قبول حقيقة أننا القوة الوحيدة التي تحارب “داعش” على الأرض.. بالنسبة لهم ربما إذا تعاملوا أو تعاونوا مع الجيش السوري فإن ذلك سيكون بمثابة اعتراف بفعاليتنا في محاربة “داعش”.. هذا للأسف جزء من العمى والعناد الذي تظهره الإدارة الأميركية.
وتابع الرئيس الأسد ردا على سؤال.. هل هناك طرف ثالث ينسق بين سورية والتحالف.. ليس هناك أي طرف ثالث بما في ذلك العراقيون.. في الماضي أبلغونا قبل بداية الهجمات من خلال العراقيين.. منذ ذلك الحين لم نتبادل معهم أي رسالة أو اتصال من خلال أي طرف آخر.
وقال الرئيس الأسد ردا على سؤال.. كيف تشعرون إذا قدر لكم العمل مع القادة الغربيين وإمكانية الثقة بهم.. أولاً هذه العلاقات ليست شخصية.. إنها علاقات بين الدول.. وعندما نتحدث عن العلاقات بين الدول.. فإننا لا نتحدث عن الثقة بل نتحدث عن الآليات.. إذاً الثقة أمر شخصي لا يستطيع المرء الاعتماد عليه في العلاقات السياسية بين الناس.. أعني أني هنا مسؤول عن 23 مليون نسمة في سورية.. ولنقل إن شخصاً آخر مسؤول عن عشرات الملايين في بلد آخر.. لا يمكن وضع مصير عشرات ملايين الأشخاص أو ربما مئات الملايين رهناً لثقة شخص واحد أو شخصين في بلدين.. إذاً، ينبغي أن تكون هناك آلية.. عندما تكون هناك آلية يمكن التحدث عن الثقة بطريقة أخرى وليس بطريقة شخصية هذا أولاً.. ثانياً المهمة الرئيسية لأي سياسي، أو أي حكومة أو رئيس، أو رئيس وزراء، هي العمل لمصلحة شعبه وبلده.. إذا كان الاجتماع مع أي شخص أو مصافحة أي شخص في العالم سيحقق المنفعة للشعب السوري، فعلي أن أقوم بذلك.. أحببت ذلك أم لم أحب.. إذاً المسألة لا تتعلق بي.. بما إذا كنت أقبل أو أرغب أو ما إلى ذلك.. المسألة تتعلق بالقيمة المضافة التي ستحدثها الخطوة التي سأتخذها.. إذاً.. نعم نحن مستعدون لفعل أي شيء لمصلحة الشعب السوري مهما كان ذلك الشيء.