اثار ”توقيت” طرح مشروع قانون الانتخابات النيابية، بهذه الكيفية المباغتة، من التساؤلات والتكهنات وعلامات الاستفهام، ضعف ما اثارته ”بنود” هذا المشروع ومستجداته من التعليقات والمجادلات والاراء المختلفة.. ترحيباً وتحفظاً واعتراضاً.
فقد فوجئت الطبقة السياسية والسواد الاعظم من الرأي العام بطرح هذا المشروع العتيد على حين غرة، ودون مقدمات ومؤشرات تمهيدية مسبقة، حيث كان الجميع يتوقع، او حتى يأمل، ان يتم ادراج هذا المشروع ضمن لوائح دورة مجلس الامة العادية القادمة، بعدما تم استثناء ادراجه على جدول اعمال الدورة الاستثنائية الراهنة.
كيف ولماذا جرى طرح هذا المشروع بهذه السرعة والمباغتة حد الحاقه على وجه الاستعجال بذيول الدورة الاستثنائية ؟؟ وهل اقتنعت الدوائر الامنية والحكومية من تلقاء نفسها بضرورة تجاوز عقبة ”الصوت الواحد” المعتمدة منذ عام 1993 ؟؟ وهل هو ”منتج وطني” عكفت على وضعه، بالاختيار الحر، عقول وخبرات اردنية، ام هو ”صناعة اجنبية” جرى استيراد افكارها الرئيسة، او استيحاء خطوطها العريضة – بالامر – من خارج الحدود ؟؟
هذه الاسئلة والتساؤلات والاستسفارات اشتعلت، طوال الايام القليلة الماضية، في اروقة الاحزاب وداخل الصالونات السياسية وعلى المواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، حيث اختفلت الآراء وتباينت الاجتهادات والتأويلات حتى كادت تطغى على الاهتمام بمناقشة مضامين المشروع ومحتويات بنوده المعدلة التي اهالت التراب على ملعوب ”الصوت الواحد” السيئ الذكر الذي شوه الحياة النيابية لما يقارب ربع قرن.
الاصلاحيون الليبراليون الذين هللوا لمشروع القانون العتيد ورحبوا به اجمل ترحيب، نفوا عنه صفة ”الصناعة الاجنبية”، واكدوا انه من بنات افكار النخبة السياسية الاصلاحية الاردنية، وعلى رأسها الدكتور خالد الكلالدة، وزير التنمية السياسية الذي ابلى بلاءً حسناً لجهة انتاج هذا المشروع التقدمي والمتقدم على سائر القوانين الانتخابية النيابية السابقة، كما اشاروا، بهذا الصدد، الى مخرجات ”لجنة الحوار الوطني” التي سبق لها ان اشتملت، منذ بضع سنوات، على مثل هذه الصيغة القانونية الرائدة، غير ان قوى الشد العكسي التي تدعي الآن ان مشروع القانون مستورد، هي التي تولت اجهاض مخرجات لجنة الحوار وتوصياتها الديموقراطية، فيما هي تستعد حالياً للانقضاض على مشروع القانون الجديد وتعطيله، اذا استطاعت ذلك ووجدت اليه سبيلاً.
التقليديون المحافظون من ابناء الحرس القديم والشد العكسي يعلنون في مجالسهم الخاصة ومحافلهم العامة، ان هذا المشروع ”صناعة اجنبية”، وتحديداً امريكية تولت سفيرة واشنطن النشيطة في عمان (اليس ويلز) اسقاطه بالمظلة على حكومة النسور التي لم تكن، الى ما قبل اسبوعين، في وارد اثارة هذا الموضوع، بل لعلها لم تكن موقنة من استمرار بقائها مطولاً على اكتاف الدوار الرابع.
هؤلاء التقليديون المحافظون يستشهدون بحماس الليبراليين لمشروع القانون، للتدليل على انه ”صناعة امريكية”، نظراً لان المدرسة الليبرالية والاصلاحية الاردنية شديدة القرب من الدوائر والافكار الغربية المناوئة للحركات الاصولية والاسلامية، والمشجعة على نشر القيم والمعايير والتوجهات الغربية في الوطن العربي والاسلامي، والمعنية اولاً واساساً بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في اماكن تواجدهم الحالية بالاردن وغيره.. وهو ما يهدف الى تحقيقه مشروع القانون الانتخابي الجديد الذي من شأنه حفز الاردنيين من اصول فلسطينية على الانخراط في النشاط السياسي الداخلي، وتوسيع نطاق مشاركتهم في العملية الانتخابية، وزيادة حجم تمثيلهم في ”الندوة البرلمانية”.
وعليه، وسواء أكان المشروع نابعاً من الداخل او هابطاً بالمظلة على البلاد والعباد، فالثابت انه قد اطال في عمر حكومة النسور الشائخة، وافسح في المجال امامها لكي تتولى تسويقه على الناس والدفاع عنه في مواجهة ”صقور” المجلس النيابي الذين سوف يجهدون، عبثاً وبلا طائل، لوضع العصي في دواليبه وافراغه من زبدة مضامينه.

“المجــد”.. ٢٩ عاماً من الرِباط في رحاب القومية العربية ومُقتضيات المشروع الوحدوي النهضوي
اليوم – ١٤ نيسان – تفتحت أزاهير فصل الربيع عن الذكرى التاسعة والعشرين لإنطلاقة جر... إقرأ المقال