تحرير الاخوان المسلمين من ”الاخونة”.. هو الحل !!

اخيراً وقعت الواقعة، وقرعت القارعة، وقامت قيامة الاخوان المسلمين في بلادنا.. تمزق صفهم، وتفرق شملهم، وذهبت ريحهم، وطارت الاتهامات فيما بينهم، وباتوا اضحوكة للناس، والعوبة في يد الدوائر الحكومية، وملطشة لكل من هب ودب، ومضغة في افواه الوسائل الاعلامية المحلية والعربية.

اخيراً انكشفت هذه الجماعة على حقيقتها، وخلعت اثواب المهابة والوقار التي كانت تستر عورتها، وظهر على الملأ ما كان خافياً من طبائعها ومخازيها ودخائلها وبلاويها السرية، فالخلافات هي الكاشف الرئيس لجوهر الحركات والاحزاب والجماعات السياسية، وهي المحك الحقيقي للتمييز بين اصالتها واخلاقيتها، وبين زيفها وهمبكتها وانتهازيتها.

لم تبق تهمة شنيعة، او فرية فظيعة الا تداولها الافرقاء الاخوانيون بحق بعضهم بعضاً، ولم يبق وصف مرذول، او نعت مذموم الا تقاذفوه فيما بينهم علناً وعلى رؤوس الاشهاد، ولم تبق وسيلة للتشويه، او طريقة للتلويث والتلطيخ وكسر العظم، الا اتبعوها في مهرجان سجالاتهم الحامية ومعمعان معاركهم المتبادلة.

لقد ذاب الثلج وبان المرج، واتضح بجلاء انهم ليسوا اخواناً وليسوا صادقين، لا بحق انفسهم ولا بحق شعبهم وامتهم.. اتضح بجلاء، ومن واقع اتهاماتهم المتبادلة وصراعاتهم المحتدمة، انهم محض كسور عشرية مكدسة في كيان سياسي رجعي وكهنوتي متخشب ومتخلف وبالغ الهشاشة وسريع العطب، تصح فيه الآية الكريمة ”تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى”.

قبل ان يخونوا بعضهم، ويتناحروا فيما بينهم، سبق ان خانوا حلفاءهم في لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة، ونكثوا عهودهم ونقضوا وعودهم ومواثيقهم مع القوميين واليساريين، وشنوا حملة واسعة على ”المجد” التي صادقتهم ووثقت فيهم وفتحت صفحاتها لاقلامهم، ثم شطحوا ونطحوا واستكبروا على الناس كافة بمجرد شعورهم ان رياح ”الربيع العربي” تأتي لصالحهم وبما تشتهي سفنهم.

لقد سقطوا اخلاقياً، قبل ان يسقطوا سياسياً.. سقطوا في امتحان التحالف والصداقة، قبل ان يسقطوا في امتحان التماسك التنظيمي والوحدة الوطنية، وان يصطرعوا وفقاً للنعرات الجهوية والقطرية التي طالما زعموا انهم ابعد الناس عنها، وان يتعمدوا توريط حركة حماس مع السلطات الاردنية بدعوى انها ترعى تنظيماً سرياً بمشاركة احد الاجنحة الاخوانية.

منذ البداية شطبوا هويتهم العربية، وادعوا انها ”عصبية منتنة”، وتبجحوا بانهم حركة عالمية – او كوزموبوليتانية – عابرة للقارات والاعراق والقوميات، ومؤهلة لجمع شمل المسلمين ما بين طنجة وجاكرتا.. ولكن ها هي الايام والاحداث تثبت فعلياً وبالملموس ان تنكرهم لعروبتهم وقومية امتهم لم يصعد بهم الى ذرى الحركات الاممية والعالمية، بل هبط بهم الى حضيض الشلل والزمر والشراذم الفئوية والجهوية والمناطقية الضيقة.

اي ”اخوان” هؤلاء الذين ينادون ليل نهار بوحدة الامة الاسلامية، فيما هم يمارسون على ارض الواقع الاردني ابشع التصرفات العصبوية، واخطر الاصطفافات الجغرافية والديموغرافية التي من شأنها تسعير الحساسيات الاقليمية، وضرب ركائز الوحدة الشعبية والسلم الاهلي، وتقسيم الاردنيين شيعاً وقبائل على قاعدة المنابت والاصول، لا سيما بعد ان تنطع بعضهم للزج بحركة حماس في اتون المشاحنات والمنازعات داخل البيت الاخواني المنهار، وكأنما تحتاج ”حماس” للمزيد من الخصومات والعداوات، وهي التي تتلقى السهام هذا الاوان من الجهات الاربعة، بعد ان دارت عليها الدوائر، وتحولت – في نظر البعض – من كيان فدائي مجاهد الى بعبع مخيف، وشيطان رجيم، وفصيل ارهابي يتماهى مع عصابات داعش والنصرة والقاعدة الاجرامية.

ويل للمحرضين الذين اذا خرجوا على الناس ببياناتهم وتصريحاتهم كذبوا وزوروا وافتأتوا بالباطل على هذه الحركة الفلسطينية المقاتلة، وتطوعوا برعونة لمحاربتها ومحاصرتها وهز مكانتها واغتيال شعبيتها، وتشويه صورتها وسمعتها، ورميها بفرية التدخل في شؤون الآخرين الداخلية، رغم علمهم ويقينهم ان كل نجاحات ”حماس” وانتصاراتها قد تحققت مراراً وتكراراً في امتحان التحدي والتصدي للعدو الصهيوني فقط، وليس لاية دولة او قوة او جماعة خارج حدود فلسطين.

ما علينا، فلحركة حماس رب يحميها، ولكن ليس لجماعات الاخوان المسلمين في الاردن خاصة والوطن العربي كله، ما يحميها من نفسها الامّارة بالسوء، ومن مصيرها المعتم والمحفوف بالبؤس والانتكاس والتقهقر، بعدما رسبت هذه الزبانية في امتحان الحكم في مصر وتونس واليمن، وفشلت في التناغم والانسجام مع قوى المعارضة في الاردن ولبنان والجزائر، واجرمت ابشع اجرام بحق سوريا وليبيا والعراق لحساب شهوات ورغبات السلطان اردوغان في استعادة الاستعمار التركي البغيض للاقطار العربية.

ليس مما يجدي جماعات الاخوان عامة، واخوان الاردن بشكل خاص، مداومة المكابرة والانكار واللف والدوران حول ازمتهم البنيوية الراهنة، بل مأزقهم الوجودي المتفاقم، واعفاء انفسهم من المسؤولية عن هذا المأزق التاريخي، وتحميلها لقوى واطراف اخرى يزعمون انها تعادي ”الاخوان” وتتربص بهم، وتكيد لهم، وتتآمر عليهم آناء الليل واطراف النهار.

ليس مما يجدي هذه الجماعات التي ادمنت معزوفة التشكي والتبكي والتظلم، الهروب الى الامام، والحراثة في البحر، والكتابة خلف السطر، والفلاحة خارج الحقل، ودفن الرؤوس في الرمال، وتعليق اخطائها وخطاياها وبلاياها على مشاجب الآخرين من حاكمين ومحكومين، او مدنيين وعسكريين، او وطنيين وقوميين ويساريين وعلمانيين.

حان وقت مواجهة الحقيقة بمنتهى الشجاعة، وبات لزاماً على هذه الجماعة ان تعرف وتعترف انها لا تواجه ازمة سياسية او تنظيمية او حركية عابرة يسهل التغلب عليها، وانما تجابه مأزقاً خانقاً يطال اسس واركان موجوديتها ومستقبلها ووزنها النسبي، ويتمثل هذا المأزق بالدرجة الاساس في اطراد تخلفها عن ركب العصر، وكساد تجارتها بالشعارات الاسلامية الفضفاضة، وعقم ممارستها للسياسة من خارج قواعدها وشروطها، وضيق افقها وتهافت منطقها جراء ابتلائها بذهنية منغلقة ونصوصية ونكوصية، وليست منفتحة ومنطلقة وابتكارية، علاوة على افتضاح زيف ادعاءات هذه الجماعات بمعاداة اليهود (ابناء القردة والخنازير) غداة تسلم محمد مرسي وراشد الغنوشي زمام الحكم في مصر وتونس، حيث تعهد الاول فوراً باحترام معاهدة كامب ديفيد الساداتية، وهرول الثاني سريعاً صوب واشنطن لنيل بركات جماعة الايباك اليهودية الليكودية.

هذا المأزق التاريخي سيظل يضيق بشكل حلزوني امام الجماعات الاخوانية، ما لم تتدارك نفسها بسرعة، وتلتحق بعصرها دون تردد، وتتنازل عن احقادها وثأرياتها وعقدها النفسية، وتحاكم بصدق دورها التخريبي ومسيرتها الهدامة المعروفة، وتتخلص تدريجياً من ”اخونتها” القائمة على الحاكمية والجاهلية والسيف والمصحف والحرس الحديدي والسلف الصالح وباقي العناوين والشعارات والدروشات التي لا محل لها من الاعراب، ولا مكان لها في العقل السياسي، ولا مجال لوضعها موضع التحقيق والتطبيق في هذا الزمان.

باختصار، لا سبيل لاستمرار هذه الجماعات على ما هي فيه او كانت عليه، فهي تقف الآن امام ظرف صعب ومنعطف حاد ومفصل حاسم.. فاما ان تخفف انانيتها وتغير اجندتها واستراتيجيتها وايديولوجيتها، واما ان تتقزم وتتشرذم وتتهشم وتتراجع – غير مأسوف عليها – الى الصفوف الخلفية، وربما الى حيث القت رحلها ام قشعم !!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كلام في الصميم – التغيير هو المنهج الثابت في الحياة – الاتحاد السوفياتي سقط لانه لم يقييم نفسه ولم يصلح نهجه الافراد الذين لايتجددون يتبددون هذه سنة الكون لهذا فالتيار الاخواني عليه ان يخرج من صومعته وينظر الى الدنيا ويجدد ذاته حتى يتمكن من السير واكمال المسبرة بمنهج جدبد واساليب واليات حديثة تحاقظ على الثابت وتتحرك مع العصر والمكان في الفروع والجزيئات . والحكيم من اتعض بغيره

زر الذهاب إلى الأعلى