ثقافة الموت …الى أين ؟!

تشهد الساحة العربية والإسلامية هذه الأيام تمددا ظلاميا غير مسبوق في تاريخنا العربي والإسلامي لثقافة الموت والترويج لها , بدأت هذه الثقافة تتسلل وتتدرج وتتسع دوائرها يوما بعد يوم بل أخذت هذه الثقافة الدخيلة تتحول إلى سلوك ومنحى دموي في أغلب الأحيان.

ساهمت تكنولوجيا العصر ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام غير المنضبط الى تعزيزها بطريقة غير مباشرة فمن الإرهاب الفكري الى الإرهاب الجسدي ومن ثقافة التكفير إلى ثقافة التفجير – هذه الثقافة ومخرجاتها كلها نتاج فكر ظلامي كان يعيش في الكهوف وأصبح الأن يعشعش في الرؤس وفي النفوس؛ نتيجة لجهل مطبق ابتلينا به منذ سنوات الإستعمار الأولى الذي اورثنا تركة الجهل المعرفي وسلب عقولنا وكلٌس فيها التخلف والمرض والجهل والنزاعات.

وفي عصرنا  الحاضر زدنا عليها وكرسناها  في مؤلفاتنا ودروسنا ومحاضراتنا وأهملنا الحديث عن ثقافة الحياة والإعمار وبناء الأوطان وتعمير الأرض وعقل الإنسان فدمرنا  بأفعالنا النفوس  وأحبطنا الهمم وامتنا العزائم والعمل وحنطنا في داخلنا كافة عناصر استنهاض الذات وعناصر تقدم الأمم وتركنا حياتنا الدنيوية  مجازا لغيرنا يبدع وينجز فيها وسمحنا لإنفسنا أن نعيش عالة على الغير وان نقتات الفتات مستهلكين لكل شيء وغير منتجين او مساهمين في الحضارة الانسانية  طمعا بالزهد في الدنيا وكسب الاخرة والظاهر في المشهد المبكي والمضحك لحالنا اننا لم نفلح في الدنيا فلم نكسبها  ولا الاخرة وأصبحنا كالغراب الذي أضاع مشيته وأصبحنا نعيش  في هذا الظلام  الدامس- حاضرا دون أي تباشيرأو بريق لمستقبل واعد – الحياة جميلة والأجمل من ذلك أن نترك أثرا أو منجزا حضاريا يرمز لنا ولهذه الأمة –  الموسومة بأنها – خير أمة أخرجت للناس – تبني العقول وتنشرالعلم والمعرفة والقيم الإنسانية النبيلة  في كل أرض وتحت كل سماء من تسامح واعتدال ووسطية القول والفعل والسلوك –  فأجدادنا الأوائل اشادوا العمران وبنو الإنسان ونشروا ثقافة الحب والإخاء الإنساني قولا وفعلا وهم أصحاب مقولة – الخلق عيال الله – اما أخ لك في العقيدة او أخ لك في الإنسانية – لقد جمعوا القيم الإنسانية السامية وبنو منها  سلما للصعود به نحو الذرى والرقي والتقدم والنجاح وصنعوا ماضيا رائعا  لازال ماثل أمامنا.

وأمام واقعنا الحالي والموشح بالسواد من خلال تكلس عقولنا نتساءل بمرارة – هل عجز المفكر العربي والإسلامي عن استخدام- مبضعه الجراحي – لتشريح واقعنا الأليم وإخراج العلة التي في داخلنا والتي تعمل على إعاقة تقدم أوطاننا في العالم العربي والإسلامي – إن هذه القضية هي شأن كل الاوطان – وهي ضرورة ملحة وليست ترفا فكريا – لإحياء ثقافة الحياة – بدل ثقافة الكراهية – وثقافة الإبداع-  بدل ثقافة العجز والخمول – وثقافة السلام – بدل ثقافة العنف – علينا العمل الان قبل الغد افرادا ومؤسسات تعزيز ثقافة الحياة في مجتمعاتنا – قبل أن تصبح ثقافة الموت والعنف فكرة مقبولة وهي التي تسيطر على العقول المتكلسة من البشر بعدها لن تنفع القراءة ولا الكتابة لأن الكلمة ستكون قد استبدلت بالرصاصة – التي تقتل الجميع دون رأفة أو رحمة وهذا ما نرجو ألا نراه في اوطاننا لا حاضرا ولا مستقبلا,  لهذا فإن أي ثقافة تعتبر الموت فكرة مقبولة يجب العمل على اجهاضها واعتبارها ميته في رحم امها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى