صراعات حادة بين مؤسسات الدولة وتهديدات غاضبة بحل مجلس النواب

يوماً بعد يوم يتصاعد منسوب التوتر المستتر تحت سطح الواقع الاردني الراهن، وتزداد نسبة الاحتقان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني و.. الديني في البلاد، كما تتسع مساحة المباعدة ليس بين الدوائر الحاكمة والشارع الشعبي فحسب، بل بين مؤسسات الدولة ذاتها، وتحديداً بين مؤسسة البرلمان (السلطة التشريعية) ومؤسسة الحكومة (السلطة التنفيذية) حتى باتت العلاقة بين هاتين المؤسستين او السلطتين مسمومة، والثقة بينهما شبه معدومة.
تفاقم الخلافات والمنازعات بين مجلس النواب ومجلس الوزراء، دفع بعض الجهات المسؤولة لتحذير عاطف الطراونة، رئيس مجلس النواب (بلهجة عسكرية) من مغبة تمادي المجلس في تحدي الحكومة، ووضع العصي في دواليب مشاريعها ومخططاتها وصفقاتها (مثل صفقة الغاز مع اسرائيل) والعمل على التعجيل برحيلها بعدما طال امد بقائها على كاهل الدوار الرابع.
هذه الجهات المسؤولة اكدت للطراونة ان يوم رحيل المجلس النيابي سوف يسبق يوم رحيل حكومة النسور التي ما زالت تحظى بدعم القصر الملكي، وتستتر خلفه في كثير من القرارات والاجراءات، وتتنازل له عن جوانب شتى من ولايتها الدستورية، لقاء البقاء الى اطول امد ممكن.
اقتصار الولاية الدستورية لحكومة النسور على الشؤون الادارية والموضوعات الداخلية، مقابل اطلاق يد المراتب العليا في القضايا السياسية والعلاقات الخارجية، لم يعد بالفائدة على الحكم كما يتوهم الكثيرون، بل اخرج الحكومة من دائرة النقد والاعتراض الشعبي على عدد من السياسات والممارسات، وتوجه بها مباشرة الى المراتب العليا والدوائر الحاكمة، خلافاً لما كان معمولاً به في السابق حيث كانت الحكومات هي التي تتحمل النقد والاعتراض عن الحكم، وتجعل من نفسها ”كبش فداء” لهذا الحكم في سائر الخلافات والازمات.
بعد زلزال ”الربيع العربي” الذي ما زال يعصف بالعرب منذ اربع سنوات، اختلف مفهوم الولاء والانتماء لدى الدوائر الحكومية والامنية، ولم يعد مقتصراً على مسايرة الحكام واسترضائهم ومنافقتهم والتزلف لهم والنزول الدائم عند رغباتهم، بل تطور وتغير كثيراً حتى بات يعني شجاعة النصح، وتحمل المسؤولية، وامانة الواجب الوطني، ووصف الواقع كما هو، وربما حماية الحاكم من نفسه ومن بطانته في الداخل وتحالفاته في الخارج.
كم حاكم عربي يقتله الندم هذا الاوان، لانه اصغى للمنافقين، واسلم زمام الحكومات للضعفاء والمسايرين، واطمأن الى علاقاته وتحالفاته الاقليمية والدولية (تحديداً الامريكية) وتوهم ان هذه الصداقات الخارجية يمكن ان تؤبده في الحكم، وتحميه من غضبة الشعب.. ولو عادت الدنيا بحسني مبارك، او زين العابدين بن علي، او علي عبدالله صالح الى الحكم، لما ابتعد عن شعبه قط، او استعان برهط المتكسبين والمتزلفين، او اطمأن الى اخلاص حلفائه الامريكان والصهاينة والاوروبيين الذين طالما اكلوا حكام العرب لحماً ثم رموهم عظماً (واسألوا مبارك الذي وصفه الصهاينة بالكنز الاستراتيجي لاسرائيل).
مظلة الحماية التي يوفرها القصر لحكومة النسور بددت اية اخبار او شائعات حول قرب ترحيل هذه الحكومة، واستبدلتها بشائعات التعديل الوزاري الذي بات شبيهاً بحكاية ”ابريق الزيت”، فبين اسبوع وآخر تنطلق شائعة التعديل، وتنهمك الصحف والمواقع الالكترونية وصالونات عمان السياسية في تداول اسماء المرشحين للخروج من الحكومة او الدخول اليها، ثم ما تلبث الشائعة ان تخمد وتلفظ انفاسها لاسبوع او اسبوعين، قبل ان تعود مجدداً الى حيز التداول ولكن باسماء وحيثيات اخرى.
آخر صرعات التعديل الوزاري المنتظر بعد اقرار قانون الموازنة العامة، تتحدث عن خروج كل من امين محمود، وزير التعليم العالي، ومحمد حامد، وزير الطاقة، وريم ابو حسان، وزيرة التنمية الاجتماعية، ولانا مامكغ، وزيرة الثقافة، ولينا شبيب، وزيرة النقل، من الحكومة.
في حين ان البحث عن شخص تسند اليه حقيبة وزارة الدفاع – والتي يعتبر تفعيلها بعد سحبها من يد رئيس الوزراء احد مبررات التعديل – ما زال يكتنفه الغموض، في ظل اقاويل عن عزوف رئيس هيئة الاركان مشعل الزبن عن تولي حقيبة هذه الوزارة العتيدة.
اما ابرز المرشحين لدخول رحاب الدوار الرابع، فهو عماد فاخوري الذي سيخلف الوزير حامد في وزارة الطاقة بعدما كان مرشحاً لتسلم حقيبة وزارة التخطيط، خلفاً للوزير ابراهيم سيف الذي كان مرشحاً لتسلم حقيبة وزارة المالية، خلفاً للوزير امية طوقان الذي كان يعتزم الاستقالة من الحكومة، الا انه عدل عن ذلك مؤخراً !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى