دولة عريقات !!

أخيراً، وبما أن الصهاينة يوالون سياسة سد كافة المنافذ التسووية في وجه الأوسلويين الفلسطينيين، وظلوا لعقدين اجدبين ونيِّف يصدون متوالي تهافتهم لطرق ابواب متاهاتها الأميركية دون جدوى، بدا وكأنما قد طفح الكيل لدى كبير مفاوضيهم الدكتور صائب عريقات لدرجة بات يجزم فيها بأن “وقت المراوغات قد انتهى”! وعليه، فهو لم يجد بداً من قولها هذه المرة وامره إلى الله، بأنه “لا يوجد خيار سوى التحرُّك من جانب واحد لإقامة دولة فلسطين”…وقبل أن يقل لنا كيف سيقيمها؟ حدد لقيامها المفترض، وبشكل إنذاري واضح، موعداً اقصاه نوفمبر – تشرين الثاني1917. أما بالنسبة لكيف؟ فقال إنه “سيُعرض على مجلس الأمن الشهر المقبل قرار باعتبار ذلك موعداً نهائياً لإقامة الدولتين، طبقاً لحدود 67″…

ما من شك في أن كبير المفاوضين في المفاوضات، التي بات معلنها، أو ما فوق طاولتها وليس تحتها، من الماضي وغدا الآتي منه في علم الغيب، يدرك ما لا يخفى على احد في عالمنا، وهو أن الفيتو الأميركي  في حالة استنفار تاريخي ودائم بانتظار أي قرار في مجلس الأمن قد يصب في صالح القضية الفلسطينية، او يضر بالمصلحة الصهيونية. ولعله قد سمع مثل سواه أيضاً أن 70% من جمهور الكيان الغاصب يعارضون مبدأ “حل الدولتين”، الذي تلوكه بلا ملل اطراف راهن الأحبولة التسووية التصفوية…اذن، علام يستند عريقات حينما يحدد موعداً نهائياً لقيام دولته الافتراضية هذه، أوما هى الأوراق التي لديه يا ترى؟

ليس أمامنا للإجابة هنا من سبيل إلا العودة فحسب لمبدأ الرجل الشهير المعروف ب”المفاوضات حياة”، بمعنى أنه أما وأن مفاوضات ما فوق الطاولة قد ذهبت ادراج رياح التصلب الصهيوني وانحياز الراعي الأميركي، وأن حصاد ما تحتها وما الى جانبها، وهنا يخطىء من يظن بأنها قد توقفت في يوم من الأيام منذ أن بدأت الكارثة الأوسلوية، ظل صفراً، فما من مندوحة لكبير المفاوضين من مواصلتها اقله اعلامياً، وهى على أية حال حالة درج اعتمادها لدى الطرفين الأوسلوي والصهيوني على السواء.. ومن هنا يسهل علينا فهم تهديده الذي اطلقه في جلسته التفاوضية التي ادارها مع الصحافة الغربية من مكتبه في اريحا مؤخراً، والذي ينذر فيه بالانضمام إلى “500 منظمة ومعاهدة وميثاق وبروتوكول دولي تحت مسمى دولة فلسطين ليكون الاستقلال في حكم الواقع”…هذا جيد، لكنه يستدعي اسئلةً سرعان ما يتبادر وجوب طرحها الى الذهن من مثل: واذا كان لديك امكانية الإقدام على مثل هذا، وهى فعلاً متوفرة بحكم الإعتراف الرمزي بدولة فلسطين من قبل الأمم المتحدة، والذي يعززه الاعتراف السويدي وتوالى الإعلانات عن نية الاعترافات المزمعة من قبل عدة دول في هذه الأيام، فما الذي يمنعك عن مثل هذا الانضمام؟! أوعلام التلكوء في الاقدام عليه؟! بل وما المبررفي أنه لم يتم حتى الآن؟! أم أن كل ما في الأمر أننا ازاء مجرد اشهار لسابق تهديد وعودة إلى مكرور تلويح يستهدف استدراجاً بائساً لتفاوض عَزَّ لا أكثر؟؟!!

من غرائب الراهن الفلسطيني الرسمي أن نتنياهو يحض رام الله ليل نهار، قولاً وعملاً، للجوء الفوري للأمم المتحدة، والانضمام دون تريث للخمسمئة هيئة أممية من تلك التي ذكرها عريقات في تهديده، بيد أنها تتلكأ وتتلكأ، أو تتحدث وتتوعَّد ولا تتحرك…لن نتحدث هنا عن غزة التي تقبع تحت دمارها ولم تضمَّد جراحها ولا جفت دماء شهدائها بعد، ولا عن فظاعات جرائم الحرب والجرائم ضد الأنسانية التي ارتكبها الصهاينة ابان آخر حروبهم العدوانية عليها والتي اصمت اذان وفقأت عيون عالم تفرَّج عليها لأكثر من خمسين يوماً، كما لا حاجة لأن نُذكِّر بأنها لا زالت رهن الحصار الإبادي الصهيوني العربي المضروب عليها منذ سبعة اعوام، أو التي لا تدخل اليها الآن، وفي ظل لعنة معبر رفح المستدامة، ابسط حاجات مواصلة الحياة إلا ما يسمح به خرم الأبرة الصهيونية…بل تكفينا الإشارة الى ما يجري الآن على بعد امتار من “المقاطعة” وتحت سمعها وبصرها في الضفة، وأخيره وليس آخره:

الصفقة التهويدية التي عقدها نتنياهو مع نفتالي بينيت وغلاة المستعمرين، والتي قضت بالموافقة على بناء 1016 وحدة تهويدية جديدة في القدس، والتخطيط لبناء الفين أخرى في مستعمرات الضفة، الى جانب انشاء قرى طلابية خاصة، وتوسيع للمستعمرات الهامشية، وشق 12 طريقاً التفافيا اضافياً خاصا بالمستعمرين ومنع اصحاب الأرض المصادرة لشقها من استخدامها، بل ومنع العمال الفلسطينيين المسموح لهم بالعمل داخل ما يسمى الخط الأخضر من استخدام الحافلات التي تقل هؤلاء المستعمرين، ودون أن ننسى الإغارات المبرمجة على باحات الحرم القدسي وآخرها اقتحامه من قبل رئيس بلدية القدس المحتلة واغلاقه لاحقاً ثم التراجع عنه، أو ما ياتي في سياق سياسة التمهيد لتقسيمه زمنياً ومكانياً، وتصاعد حدة الدعوات لهدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه، وتشديد القبضة على الحرم الخليلي، الى جانب اعلان وزير اسكانهم عن نيته السكن في حي سلوان المستهدف بالتهويد وتفريغه من أهله، واشتداد سعار التصعيد في منسوب اعتداءات قطعان المستعمرين على المواطنين مؤخراً، وعمليات اعدام المحررين في بيوتهم…وكل ما يبرره نتنياهو بقوله في الكنيست: “كل حكومات اسرائيل فعلت ذلك” من قبل…من الآن، وليس بعد ثلاثة اعوام، ما لذي بقي لعريقات لكي يقيم دولته عليه؟؟

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عريقات وأمثاله يشكلون أكبر خطر على الشعب الفلسطيني وهم حلفاء وخدم للكيان الصهيوني مستفيدين من استمرارية الوضع القائم على ما هو عليه لذلك لا بد من إزاحة هؤلاء الأوغاد حتى يستطيع الشعب الفلسطيني أن يحقق أهدافه

زر الذهاب إلى الأعلى