فرنسا بين نارين.. الارهاب الذي ضرب في ستراسبورج وحركة السترات الصفراء المصرة على استمرار العنف والمظاهرات

 

أكدت النيابة العامة الفرنسية أنه تم إعتقال أربعة أشخاص على صلة بالمشتبه بتنفيذه اعتداء ستراسبورغ، مشيرة إلى أن المهاجم هتف “الله أكبر”.

وقال المدعي العام الفرنسي، في مؤتمر صحفي، أن “الأجهزة الأمنية عثرت على قنبلة يدوية وسلاحا ناريا وذخيرة في بيت المشتبه به في تنفيذ هجوم ستراسبورغ”، مردفًا أنه “تم وضع 4 من أقاربه في السجن الاحتياطي”.

وأشار إلى أن “منفذ الهجوم (الذي أصيب في ذراعه) معروف بتطرفه لدى أجهزة الأمن”، مؤكدًا أن “التحقيقات ستستمر حتى تحديد مكانه”.

وكان شخص مسلّح قد أطلق النار في سوق “عيد الميلاد” في مدينة ستراسبورغ الفرنسية ما أسفر عن سقوط 3 قتلى و 13 جريحًا.

في السياق، أفادت تقارير إعلامية فرنسية المشتبه به في الهجوم يتع يدعى شريف شيخات، يبلغ عمره 29 عاما، من مواليد عام 1989 في ستراسبورغ، مشيرة إلى أنه يسكن في حي نودورف.

وأوضحت مواقع فرنسية أن الشاب كان معروفا بأفكاره المتطرفة وهو فرنسي الجنسية لكن أصوله من إحدى دول شمال أفريقيا. كما أنه قضى، في وقت سابق، عقوبات بالسجن في كل من فرنسا وألمانيا، بعد إدانته بـ”جرائم صغيرة”، مثل الاعتداء على شاب بسكين، والسرقة بالعنف.

وعاد شيخات إلى فرنسا عام 2017، عقب قضائه عقوبة في ألمانيا. وأدرج في قائمة “إس”، التي تضم الأشخاص الذين يشكلون خطرا على أمن فرنسا.

هذا وتجري عملية ملاحقة ضخمة في شمال شرق فرنسا اليوم الأربعاء بحثاً عن هذا المسلح الذي قتل ثلاثة أشخاص وأصاب نحو 12 شخصا بجروح في سوق عيد الميلاد في مدينة ستراسبورج في شرق فرنسا.

ورفعت فرنسا مستوى التهديد الأمني وشددت المراقبة على الحدود وطلبت من الناس في ستراسبورج البقاء في أماكنهم في حين تقوم الشرطة بالبحث عن المشتبه به. وقال مسؤولون إن الشرطة الألمانية شددت كذلك المراقبة على الحدود على الجانب الآخر من نهر الراين.

وحددت الشرطة هوية المشتبه به وهو شريف شيخات (29 عاما) المولود في ستراسبورج والمعروف لدى أجهزة المخابرات بأنه يمثل خطرا أمنيا محتملا.

وقال نائب وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز لراديو فرانس أنتير اليوم الأربعاء ”البحث مستمر“ وأضاف ردا على سؤال ما إذا كان المشتبه به قد غادر فرنسا ”لا يمكن استبعاد ذلك“.

وقالت مصادر من الشرطة إن نحو 600 من أفراد قوات الأمن يشاركون في العملية.

وقال نونيز إن من المعتقد أن قوات الأمن أصابت المهاجم يوم امس الثلاثاء إلا أنه لا يمكن تأكيد ذلك.

وشاهد مراسل رويترز قوات الأمن تغلق منطقة قرب كاتدرائية ستراسبورج لفترة وجيزة في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء لكن العملية انتهت بسرعة.

وقال نونيز إن المشتبه به له سجل لدى الشرطة وسُجن عدة مرات أحدثها في نهاية عام 2015. وأضاف أن المشتبه به كان تحت المراقبة لتشدده الديني لكنه رفض التعليق على دوافع الهجوم.

وأضاف أن الشرطة فتشت منزل المشتبه به يوم امس الثلاثاء قبل الهجوم فيما يتعلق بتحقيق في جريمة قتل. وقال إن الشرطة استجوبت خمسة أشخاص في إطار التحقيق.

وقالت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه لتلفزيون سينات ”عندما يحقق قسم مكافحة الإرهاب بمكتب الادعاء في باريس في هذه القضية يمكننا أن نقول إن هذا هجوم“.

وقالت إنه لا حاجة لأن تعلن الحكومة حالة الطوارئ بعد أن أعطى تشريع جديد الشرطة سلطات كافية للتعامل مع مثل هذه المواقف.

وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانير في وقت سابق اليوم الأربعاء إن المهاجم أفلت من كمين أعدته الشرطة وتمكن من الفرار مما يزيد المخاوف من شن هجوم آخر.

وأضاف أن المسلح تبادل إطلاق النار مع قوات الأمن مرتين أثناء هروبه. ولا يُعرف مكانه حتى الآن لكن قوات خاصة وطائرات هليكوبتر تشارك في البحث عنه.

وقال الادعاء في باريس إن الدافع وراء الهجوم غير معروف. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم لكن موقع سايت الإلكتروني الذي يتتبع مواقع الإسلاميين المتشددين قال إن أنصارا لتنظيم الدولة الإسلامية يحتفلون.

وقال رولان ري رئيس بلدية ستراسبورج إن السلطات أوصت بأن يبقى الناس داخل منازلهم إن أمكن لكنه قال إن عليهم مواصلة حياتهم بشكل طبيعي قدر المستطاع.

وأضاف لقناة (بي.إف.إم) التلفزيونية ”يجب ألا نسمح للإرهاب بالتدخل في أسلوب حياتنا“.

وعلى صعيد آخر يبدو أن حركة “السترات الصفراء” لم تخفت غداة إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تدابير لتهدئة غضب الفرنسيين الذين يحشدون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع لمزيد من العدالة الاجتماعية.

وفي الأسبوع الرابع لتحرك “السترات الصفراء” استمر المحتجون ولو بأعداد قليلة، في قطع الطرق والتظاهر في أنحاء فرنسا.

وأكد مصدر في الشرطة لوكالة فرانس برس أن نحو 1,900 متظاهر نزلوا إلى الشوارع فيما جرت 40 عملية قطع لطرق صباح امس الثلاثاء.

ودافع رئيس الوزراء إدوار فيليب امس الثلاثاء أمام النواب عن التدابير التي أعلنها ماكرون مساء امس الاول الإثنين والتي وصفها ب”الهائلة” قائلا “نريد أن نمضي بسرعة، نريد أن نمضي بقوة”.

وتشمل التدابير الاجتماعية الجديدة زيادة شهرية تبلغ مئة يورو للموظفين الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور إلى إلغاء الضرائب المفروضة على الرواتب القليلة للمتقاعدين (أقل من ألفي يورو).

 

لكن لا يبدو أن التنازلات الجديدة ستنجح في تهدئة غضب المتظاهرين.

وقال متحدث باسم “السترات الصفراء” في إقليم البيرينيه الشرقية (جنوب غرب) توماس ميراليس لوكالة فرانس برس “على الفور، قلت لنفسي إن ماكرون أصغى إلينا قليلاً” مضيفاً “لكن عندما ننظر إلى التفاصيل، في الواقع لم يفعل ذلك على الإطلاق”.

وأوضح أن التدابير التي أعلن عنها ماكرون “لا تعني الجميع”. وتابع ميراليس الذي يعتزم التظاهر يوم السبت القادم في باريس “للمرة الأولى” تعبيراً عن استيائه، “هنا، نشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء ما أعلنه الرئيس، التعبئة مستمرة”.

وبعد الخطاب الرئاسي مساء الاثنين، عبّر كثيرون من “السترات الصفراء” عن استيائهم.

قال تييري (55 عاما) ميكانيكي الدراجات وهو في طريقه “لإغلاق” الطريق المدفوع في بولو على الحدود الفرنسية الاسبانية، “كل هذا سينما”.

وتلقى آخرون ما أعلنه ماكرون بإيجابية أكثر. وأشار كلود رامبور (42 عاما) أحد محتجي “السترات الصفراء” في شمال فرنسا إلى أن “هناك أفكار جيدة، اعتراف بالذنب، وصل متأخرا جدا لكننا لن نرفضه”.

ودعت ناطقة باسم “السترات الصفراء” جاكلين مورو المعروفة باعتدالها، إلى “هدنة” معبرة عن ترحيبها “بتطور وباب فتحته” السلطات.

لكن على نطاق أكثر شمولاً، اختلفت آراء الفرنسيين بشأن مواصلة التحرّك بعد إعلانات الرئيس.

وبحسب دراسة أجراها معهد “اودوكسا” لاستطلاعات الرأي، أعربت غالبية محدودة من الفرنسيين (54%) عن رغبتها مساء الاثنين في استمرار تحركات “السترات الصفراء” مقابل 66% منذ ثلاثة أسابيع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى