شهادات في عبد الناصر.. والفضل ما شهدت به الاعداء

طالب المهندس عبدالحكيم عبدالناصر عقب ندوة أقيمت بمتحف الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بمنشية البكري بمناسبة مرور 99 عاما علي ميلاده في عام 1918 بإتاحة وثائق محاضر مجلس قيادة ثورة يوليو 1952 والمودعة بقصر عابدين للباحثين أو إيداعها بدار الوثائق القومية بكورنيش النيل والتابعة لوزارة الثقافة.

وقال خلال الندوة ان للكرسي الموجود خلف مكتب الرئيس الراحل بالمتحف قصة طريفة, اذ انه عند زيارة عبدالناصر لمبني الأهرام عام 1969 جلس على هذا الكرسي بمكتب الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل فما كان من هيكل إلا أن أرسله في اليوم التالي لمنزل جمال عبدالناصر.

وأضاف: انني لم أر أبي أبداً إلا وهو يقرأ في أوراق رسمية أو مجتمعا ببعض كبار الشخصيات المصرية أو الدولية وقليل ما كان يتسع وقته للجلوس معنا.

وقد قام الحاضرون عقب الندوة بجولة بالمتحف سرد خلالها المهندس عبدالحكيم عبدالناصر ذكرياته فقال ان الأسانسير لم يكن موجوداً بالمنزل حتي فاجأت الزعيم الأزمة القلبية عام 1969 فأمر الطبيب بتركيب هذا الأسانسير.

وأشار إلى أن السيارة المعروضة بالمتحف هي التي كان يملكها عبدالناصر عند قيام ثورة يوليو 1952 أما باقي السيارات فهي ملك لرئاسة الجمهورية.

وخلال جولة الحضور بالمتحف فقد شاهدوا في القاعة التي كان عبد الناصر يقابل فيها كبار الزوار صورا للزعماء تكروما وتيتو وأنديرا غاندي وهوشي منه وشواين لاي ومعمر القذافي والملك حسين وأحمد سوكارنو وكاسترو وجيفارا.

وبمناسبة ذكرى ميلاد هذا القائد الخالد تعيد “المجد” نشر شهادات ابرز اعدائه حول نزاهته ووطنيته وطهارته..

– مدير المخابرات المركزية الأمريكية الأسبق يوجين جوستين في كتابه “التقدم نحو القوة” قال عن ” ناصر ” : ( مشكلتنا مع ناصر أنه بلا رذيلة، مما يجعله من الناحية العملية غير قابل للتجريح، فلا نساء ولا خمر، ولا مخدرات، ولا يمكن شراؤه أو رشوته أو حتى تهويشه. نحن نكرهه ككل، لكننا لا نستطيع أن نفعل تجاهه شيئاً، لأنه بلا رذيلة وغير قابل للفساد.. )

– وكتب الكاتب الأمريكي روبرت هنري ستيفنز ( لقد كان ناصر أهم رجل أنجبته الصحوة العربية، وكان أحد أقطاب الثورة ضد الاستعمار وهي إحدى الحركات الكبرى في القرن العشرين )

– و كتب ويلتون وين: (لقد أصبح ناصر زعيماً لكل العرب لأنه يمثل شعورهم اليوم أصدق تمثيل)

– ووصفه السفير “هنري بايرود” سفير أمريكا في القاهرة خلال الخمسينات ( بأنه القائد الوحيد في العالم العربي الذي يمثل الاتجاه الجديد، والذي يمكن لدبلوماسي غربي أن يجري معه مناقشات مفيدة متزنة”، ويكتب السفير عن الوحدة العربية فيقول:

“إن ناصر لا يسعى للوحدة العربية بل يود أن يرد الصاع صاعين للغرب ” و قال ايضا ( لا أعرف إذا كان ناصر على حق أم على باطل، لكني أعرف أنه لا بد منه. لو حدث انتخاب حقيقي في سوريا أو الأردن أو العراق لفاز ناصر بنسبة كاسحة )

– يرى كيسنجر وزير خارجيه امريكا عبدالناصر في كتاباته: “عنيد يفاخر بعناده ويراه أساسياً في سبيل توحيد العرب، ولأجل ذلك كان يرى نفسه مجبراً دوماً على معارضتنا”. وعن الوحدة العربية يقول:”إن فكرة الأمة العربية هي مجرد تفكير رمزي، ورؤيا شبه نبوية، وحلم يستلهم من المؤمنين الحقيقيين أعمالاً بطولية، لكنها نادرة التحقيق..”.

وكتب أيضاً يقول: “إن ناصر لم يعرف كيف يوفق بين الطموحات الدولية التي يمارسها وحدسه الذي كان يظهر له أن لدى مصر وسائل محدودة في سبيل تحقيقها”.

وكتب يقول: “كان السوفييت يعتبرون ناصر أداتهم الرئيسية في الشرق الأوسط”.

– كتب مايلز كوبلاند رجل المخابرات الأمريكي يقول عن عبدالناصر: ( انه لا يتصرف بداعٍ من الحقد أو الهوى أو غير ذلك من الدوافع الدنيا. إنه من أكثر الزعماء جرأة، لا يقبل الرشوة، لكنه لا يؤمن بعلم الأخلاق. متعصّب للمبادئ على طريقته الخاصة، لكنه ميّال للخير العام والإصلاح الاجتماعي، وما أظن أنني التقيت من الزعماء من يفوقه في ذلك )

وقال أيضاً: “يقول السفير بايرود إن معظم رجال السياسة الأمريكيين الذين أتيح لهم الاحتكاك بناصر كانوا يوقنون أنه لا يطمح في حكم العالم العربي أو الإسلامي. وأن ناصر يعتقد منذ البدء أنه لا يمكن حمل أي فرد أو مجموعة أو أمة على فعل شيء باتباع أساليب الترغيب والترهيب، وإنما بخلق ظروف معينة تحمل الموجود في خضمها على أن يطالب بفعل ذلك، فرغبات الجماهير ومتطلباتها هي التي تحفز على التحرك وليست رغبات قائدها أو حاجاته. إننا لن نواجه أي متاعب مع ناصر لو أنه يهتم بشؤون بلاده فقط ويقلع عن التدخل في أمور الدول الأخرى”.

وقال: “لقد أدركنا استحالة قيام انقلاب يجعل منه سوكارنو آخر.. فناصر لن يسقط بتذمر أو شكوى، ولن يتقوّض نظامه وينهار إلا بضربة عنيفة مدوية”.

– أما ” ستيفنز ” فقد كتب يقول: “إن ناصر لا يلقي اهتماماً بأية وحدة عربية إلا في إطار الحاجة إلى سياسة موحدة ضد الغرب”. وقال عن عبدالناصر: “لقد كان ناصر أهم رجل أنجبته الصحوة العربية، وكان أحد أقطاب الثورة ضد الاستعمار وهي الحركات الكبرى في القرن العشرين”. كما يقول: “إن تحدي ناصر للنفوذ الأمريكي في أهم معاقله -الجزيرة العربية- أحد أهم العوامل التي أدت إلى كارثة 1967 في الحرب مع إسرائيل.

وقال بعد ذلك: “ربما كان أهم تراث خلّفه ناصر للعرب هو الثقة في القدرة على مواجهة العالم المعاصر، والسير نحو الهدف لتحقيق المجتمع الذي كان يحلم به..”.

– وعلى لسان الصحفي “ويلتون ” وين يقول: “إن مواقف الغرب كانت طيبة منه حتى اشترى الأسلحة من الشيوعيين، فانقلبت وصبّ جامّ غضبه عليه، وإنه كثيراً ما كانت الصحف الغربية تزوّر الحقائق متعمدة وبخاصة الإنجليزية إبّان أزمة السويس”. كما يقول على لسان مساعد وزير الخارجية الأمريكية السابق نجلتون إن ناصر كان مسئولاً عن كل مشكلات الغرب في المنطقة. وليس من المستطاع إزاحته إلا بهزيمة عسكرية للجيش المصري وعندها سيبقى العرب بلا خيار سوى السلام..”.

وقالها صريحة بعد ذلك: “لقد تدخلت الحكومة الأمريكية بشكل سري في حرب 1967. وبإمكاني جمع عدد كبير من الدلائل وكلها تشير إلى التشجيع والتورط الأمريكي في الهجوم الإسرائيلي. لقد فوجئنا بأن العرب حتى بعد الهزيمة النكراء التي حلّت بهم ما زالوا يتحدثون بلهجة القوي المنتصر. ويتساءل: هل ربحت “إسرائيل” الحرب؟ ويورد جوابه بشكل غير مباشر على لسان المحلل الاستراتيجي أندريه بوفر الذي يعرف النصر بأنه: إما تحطيم العدو تماماً أو أن تجعله في موقف يقبل ما تمليه عليه من الشروط. فيقول: “إذا ما أخذنا بهذا التعريف نجد أن الإسرائيليين لم ينتصروا حقاً حينما نراقب الكلام الذي جرى بينهم وبين العرب في أعقاب الحرب.. إن موقف ناصر في بلاده أصبح أشد صلابة من موقفه لو لم تقع الحرب”.

ثم يقول بعد ذلك: “لقد كان أول قائد مهزوم يلقى التأييد الجماهيري، وبخاصة في السودان، حيث تمكّن من فرض لاءاته الثلاث!!”. وقال: “لقد امتلأت البيوت والمحال في الأردن ولبنان بصور ناصر حتى ان كميل شمعون والملك حسين كانا يشعران بغيرة وحنق شديدين”.

– الكاتب الأمريكي سالزبرجر كتب مقالاً في جريدة “النيويورك تايمز” في أيلول 1970 عقب رحيل جمال عبدالناصر جاء فيه ما يلي: ( “ليست لدى عبدالناصر خطوط مفروضة على تفكيره أو موضوعة مقدماً، لكنه يدير أموره حسب الظروف المحيطة به. وهو شخصية عالمية تتسم بخيال خصب مقرون بشعور عاطفي. إن هذا المصري جمّ النشاط يعيد إلى ذاكرة العرب ملايين العرب في هذا الزمن القائد البطل صلاح الدين الأيوبي الذي ظهر كأسطورة في قلب الصحراء منذ نحو 800 سنة ليهزم ريتشارد قلب الأسد والصليبيين.والواقع أنه لم تظهر شخصية عربية تمتعت بحب الجماهير في الشرق الأوسط مثل شخصية جمال عبدالناصر الذي تتطلع بلاده إلى القيام بالدور الحائر الذي يبحث عن بطل في الشرق )

– ” جون بادو ” السفير الأمريكي السابق في القاهرة (1961-1964 مستقيلاً) فقد ألّف كتابه عام 1983 “ذكريات الشرق الأوسط” بعد رحلة عمل في المنطقة امتدت منذ سنة 1928 حتى نهاية الستيناتن وكما يروي شرف هو من أهم الكتب الأمريكية التي تناولت ثورة يوليو/ تموز وعبدالناصر وكان أهم ما جاء فيه:

“إن تعيينه سفيراً في القاهرة، كان نتيجة لسياسة جديدة لجون كينيدي تجاه عبدالناصر، والذي قال له قبل أن يغادر إلى القاهرة: إن هناك ثلاث دول مهمة في العالم الآن -وهو أي كينيدي- يريد أن يبدأ صفحة جديدة من العلاقات معها، وإنه اختار ثلاثة سفراء له في هذه الدول من خارج السلك الدبلوماسي حتى لا يكونوا مرتبطين بمواقف تاريخية سابقة للعلاقات الأمريكية معها، وإن في مقدمة هذه الدول مصر ثم تأتي الهند واليابان.

* وكان من أهم الأسس الجديدة التي سنّها كينيدي في علاقته مع عبدالناصر هو أن يثبت احترام الإدارة الأمريكية للقيادة السياسية في مصر، ومن هنا أصبحت الرسائل وإيفاد المبعوثين الشخصيين هي سياسة مقررة ومتبعة في تلك المرحلة ليكون عبدالناصر على علم بكل الخطوات المتعلقة بالشرق الأوسط بما فيها ما يتعلق بالعلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وهي كما يعرف الجميع علاقات خاصة جداً، والمثل الحي على ذلك ما تم بالنسبة لصفقة الصواريخ الهوك سنة 1962 وبالرغم من الظروف الداخلية الصعبة في الكونجرس والضغوط الإسرائيلية إلا أن كينيدي أصرّ على إيفاد مبعوث شخصي لإبلاغ عبدالناصر بظروف وأسباب إتمام هذه الصفقة وذلك حرصاً منه على استمرار العلاقات الطيبة التي كانت قد بدأت تؤتي ثمارها بين الرجلين.

* وبالرغم من أن عبدالناصر غضب من إتمام هذه الصفقة وشنّت الصحافة وأجهزة الإعلام المصرية هجوماً عنيفاً عليها، فإن عبدالناصر أبدى تقديره الشخصي لقرار كينيدي بإطلاعه على هذه الخطوة تفصيلاً. كما حدث الشيء نفسه عندما قرّر كينيدي معاودة إجراء التجارب النووية، فقد حرص على إبلاغ عبدالناصر بهذا القرار قبل تنفيذه بيومين.

– وعن شخصية جمال عبدالناصر يقول السفير ” بادو ” : “إنه كان رجلاً تشعر على الفور وبمجرد جلوسك إليه بقدراته القيادية غير العادية، وقد كانت أفكاره واضحة لا غموض فيها، كان دائماً واثقاً في نفسه وهو يتعامل مع قوة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، لا يخالجه أدنى شك في عدالة قضيته”.

هل تتذكرون كل ذلك وهل لا نفتقده … الف رحمة ونور زعيم بعظمة وقامة جمال عبد الناصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى