الانتخابات النيابية

مع اقتراب موعد توجه المواطنين لصناديق الاقتراع المحدد في العشرين من شهر  أيلول المقبل، لاختيار مجلس النواب الثامن عشر وفق قانون انتخاب غير مسبوق يعتمد مبدأ  القائمة المفتوحة على قاعدة النسبية.

هذا القانون ما زال يشكل حالة مبهمة لدى العديد من المواطنين، الأمر الذي سيترتب عليه وقوعهم في الخطأ عند الانتخاب كما أن المترشحين في القوائم ينطلقون من العقلية الفردية، وتسيطر عليهم نظرية الزعامة والقيادة ، وبخاصة أولئك الذين شكلوا قوائمهم اعتمادا ً على أشخاص غير معروفين وليس لديهم خلفيات سياسية أو فكرية.

إن قانون القوائم المفتوحة المعتمد هو بالأصل قانون للأحزاب السياسية التي تقوم على البرامج وعلى التفاهم والالتزام بهذه البرامج.

أعتقد أن هذا القانون سيعاد النظر فيه في المجلس القادم، إما بإلغائه أو إدخال تعديلات أساسية عليه، وستشير نتائج الانتخابات على الجوانب السلبية للقانون.

سيضطر الأعضاء المترشحون إلى إنفاق الأموال الطائلة وإقامة الولائم ، وربما شراء الأصوات للوصول إلى هدفهم والحصول على عضوية البرلمان وسيبدو المال قويا ً ومؤثرا ً في السياسة لاحقا ً، كما سيلجأ المترشحون للعودة إلى أصولهم العشائرية ، والتمسك بحزب العشيرة والقبيلة، ويرون أن العودة لاستنهاض المشاعر العشائرية ستساعدهم بالوصول إلى المجلس.

وهذا على ما يبدو العيب في القانون الجديد الذي سمح للناخب باختيار مترشح واحد في القوائم، حيث يلجأ المترشح لعشيرته ليمنحوه أصواتهم، وتبرز العودة للعشيرة ضعف الأحزاب والقوى السياسية وعدم قدرتها في التأثير على المواطن، ويؤكد البعض أن العشائرية هي الإطار الذي لا يزال معتمدا ً، ويضيفون بأنه يجب عدم لوم الناس للجوئهم إلى حزب العشيرة، ما دام الحزب السياسي خارج التأثير، أي أن تجمع الناس حول بعضهم ضمن إطار العشيرة هو أمر مبرر.

وبالمقابل تعمل جهات أخرى على تجميع مختلف الشخصيات الفكرية والسياسية والنقابية، للوصول إلى صيغ مشتركة توحد هذه الفئات حول أرض مشتركة من القضايا الرئيسية بهدف الوصول إلى صيغة أفضل لتكريس الحياة الدستورية والممارسة الديمقراطية، وفرز عناصر ضمن قوائم وبرامج ، وتتطلع لحمل المسؤولية خدمة للمصلحة العامة بعيدا ً عن المصالح الذاتية والعشائرية.

ويبرز بشكل واضح في هذه الانتخابات دور الأحزاب الدينية وفي مقدمتها حزب جبهة العمل الإسلامي الذي عمل على تشكيل عشرين قائمة مؤتلفة مع شخصيات متعددة الأهواء والتوجهات وهذا مؤشر على أن الحزب ابتعد عن سياسة الإقصاء والانعزال التي اتبعها في العقود الماضية.

يمكن من خلال هذه الرؤية السريعة لمجريات تشكيل القوائم أن نستدل على أنها تأسست بعقلية فردية لا تقوم على توافق برامجي فكري وسياسي بدليل أننا نلاحظ تميز الشخص الأقوى في القوائم عن الأعضاء الآخرين من خلال الملصقات المنتشرة في الشوارع .

ونستخلص من هذه القراءة السريعة أن الركائز التي يعتمد عليها تشكيل القوائم هي المال الأسود والعشائرية، وللحديث بقية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى