الف تحية الى ثورة 23 يوليو العروبية

تحضر روح الكتابة وعذوبتها وكامل لياقاتها وجمالياتها، حين تهل ذكرى ثورة 23 يوليو المجيدة التي اطلقها الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ورهط من الضباط المصريين الاحرار عام 1952.
تحضر روح الكتابة لتوفي هذه الثورة الرائدة بعض حقها من التعظيم والتكريم، وتعيد التذكير بمآثرها ومبادئها وانجازاتها الجمة التي نقلت مصر والعرب من الظلمات الى النور، ومن حال الذل والجهل والتبعية الى رحاب العزة والكرامة والنهضة القومية.
ولعل اعظم مزايا هذه الثورة المظفرة، انها تتجدد ولا تتبدد.. تتعمق ولا تتقادم.. تسافر في مسافات الخلود ولا تخضع لقوانين النسيان.. تخاطب امة العرب بلغة المستقبل ولا تنادي عليهم بخطاب السلف الغابر.. تقدم المثل والنموذج للثورات الوطنية والقومية الحقيقية، وليس الثورات البرتقالية والحركات الفوضوية.
اعظم مزايا هذه الثورة انها بيضاء من غير سوء، بل ناصعة البياض على طول الخط، حيث حققت ذاتها وفرضت سيطرتها بالقوة الناعمة، ودون ان تتلوث بنقطة دم واحدة.. على عكس ما يجري هذا الاوان على ايدي ”المجاهدين” المزعومين الذين أعملوا الحراب في الرقاب، واتقنوا صناعة الدمار والخراب، ومنحوا الجهاد صفة الهمجية والوحشية والارهاب.
وكلما تكاثرت المذابح الراهنة، وادلهمت الخطوب الحاضرة، وتقلصت مساحة الخيارات، وتداعت اركان الدول والسلطات، وتنابزت عقارب الساعة بالاوقات.. شدّنا الشوق والحنين الى ذلك الزمن الجميل الذي انجب ثورة 23 يوليو، وتذكرنا اننا كنا قاب قوسين او ادنى من النهضة الشاملة، بل كنا نقف على قدم المساواة مع ارقى دول العالم، ونحظى بموفور اهتمامها واحترامها.
منذ ردة انور السادات عن ثورة 23 يوليو، وانقلابه على الخط الناصري، تكالبت على هذه الثورة كل القوى الصهيونية والامبريالية والرجعية الوهابية، وحاولت بكل ما تملك من عزيمة شريرة ان تقتلع هذه الثورة من جذورها، وتحل محلها عصابات ”الاسلام السياسي والجهادي”.. فماذا كانت النتيجة ؟؟ ومن الذي جندل السادات ؟؟ ومن الذي هدم البرجين في نيويورك ؟؟ ومن الذي يهز عرش السعودية حالياً ؟؟ ومن الذي يرعب القارة الاوروبية العجوز ؟؟ ومن الذي يوقف العالم كله هذا الاوان على قدم واحدة ؟؟
لسنا اليوم في صدد التغني بامجاد ثورة 23 يوليو او الدفاع عنها، فقد سبقنا التاريخ ذاته الى التغني بها، وتخليدها في اعالي صفحاته وملفاته.. ولكنها محض تحية منا الى هذه الثورة المجيدة في ذكرى انطلاقتها الرابعة والستين، ورسالة ولاء ووفاء الى ربانها العملاق الذي كان بحق احد ابرز زعماء العالم في القرن العشرين !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى