فتش عن المستفيد .. انتعاش “داعش” يقدم لقوات الاحتلال الامريكي اكبر مبرر للبقاء في الاراضي العراقية والسورية

اعادت الهجمات التي نفذها تنظيم داعش في العراق وسوريا، اليوم  الجمعة، للأذهان ما جرى خلال عام 2013 عندما بدأ التنظيم المتطرف يشن هجمات مماثلة قادت في النهاية لسيطرته على أجزاء واسعة من أراضي البلدين بعدها بأشهر، وفقا لخبراء.

وخلال الأشهر القليلة الماضية نفذ التنظيم هجمات عديدة مؤثرة، وخاصة في العراق، في ما يصفه الخبراء بالـ”مؤشر” على تغير في تكتيكاته واستغلاله للصراعات المحلية والإقليمية للنهوض مجددا.

وأعلنت السلطات العراقية، اليوم الجمعة، مقتل 11 جنديا في هجوم استهدف مقرا للجيش، ونسب لتنظيم داعش، في محافظة ديالى الواقعة شمال شرقي بغداد، في أحد أكثر الهجمات دموية منذ أسابيع.

وأكد محافظ ديالى مثنى التميمي في حديث لوكالة الأنباء العراقية الهجوم، موضحا أنه استهدف “أفرادا من الفرقة الأولى في منطقة العظيم”. واعتبر أن السبب الرئيسي “للاعتداء (… ) إهمال المقاتلين في تنفيذ الواجب، لأن المقر محصن بالكامل، وتوجد كاميرات حرارية، ونواظير ليلية وأيضا هناك برج مراقبة كونكريتي”.

وفي سوريا، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية الكردية (قسد) أنها “أحبطت محاولة فرار جماعية نفذها مرتزقة” التنظيم في سجن غويران بالحسكة، بعد هجوم أول نفذه الجهاديون، مساء الخميس، وأدى إلى فرار عدد من السجناء.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسقوط نحو 40 قتيلا من تنظيم الدولة الإسلامية في المعارك المستمرة في محيط السجن.

“هدم الأسوار”
يذكّر هجوم الحسكة بالأحداث التي وقعت في عام 2013 عندما نجح مئات من عناصر داعش في الهروب من سجني التاجي وأبو غريب قرب بغداد بعدما نجح مسلحون تابعون للتنظيم في اقتحامهما وتهريب السجناء.

يقول الخبير في شؤون التنظيمات المتطرفة، حسن أبو هنية، إن “هجمات اليوم في العراق وسوريا تعيد للأذهان أن التنظيم لا يزال موجودا ويحتفظ بهياكله وينفذ هجمات بمستوى ثابت”.

ويضيف أبو هنية أن “الهجوم يشير إلى تنامي وتطور في مستوى الهجمات”، مبينا أن ما جرى الجمعة “يذكر بحوادث سابقة في سجني التاجي وأبو غريب عندما استخدم التنظيم تكتيك هدم الأسوار في ذلك الوقت”.

وأعلن العراق أواخر 2017 انتصاره على تنظيم داعش بعد طرد الجهاديين من كل المدن الرئيسية التي سيطروا عليها في 2014، فيما قتل زعيم التنظيم في عام 2019.

وتراجعت مذاك هجمات التنظيم في المدن بشكل كبير، لكن القوات العراقية ما زالت تلاحق خلايا نائمة في مناطق جبلية وفي البادية، لا سيما في محافظات صلاح الدين وكركوك وديالى حيث وقع هجوم الجمعة الذي لم يتم تبنيه حتى الآن.

ويقول الخبير الأمني أمير الساعدي إن “داعش يستغل المناطق الأكثر هشاشة وبها نشاط كبير للتنظيم لتنفيذ هجماته”، مضيفا أن هذه الهجمات “تتناغم مع تحذيرات سابقة لمراكز استخبارية محلية ودولية تحدثت عن احتمال حصول حركة ارتداد من سوريا للعراق”.

ويتابع الساعدي في حديثه لموقع “الحرة” أن هناك “خشية من أن ينفذ التنظيم عمليات مستمرة حتى يظهر إمكاناته وقدراته بسبق إعلامي يحقق له أهدافه المتمثلة بالقول إنه لا يزال مؤثرا في الساحة العراقية والسورية ويستطيع أن يفعل الكثير”.

حرب الاستنزاف
في فبراير الماضي، أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن “تنظيم داعش يحافظ على وجود سري كبير في العراق وسوريا، ويشن تمردا مستمرا على جانبي الحدود بين البلدين مع امتداده على الأراضي التي كان يسيطر عليها سابقا”.

وقال التقرير إن “هذا التنظيم ما زال يحتفظ بما مجموعه 10 آلاف مقاتل نشط” في العراق وسوريا.

 

وذكرت وكالة رويترز في تقرير نشرته في يوليو 2018 أنه “بعد شهور من إعلان العراق النصر على تنظيم الدولة الإسلامية عاود مقاتلوه الظهور من خلال حملة تتمثل في عمليات خطف وقتل هنا وهناك”.

ونقلت الوكالة عن مسؤولين عراقيين في الجيش والمخابرات والحكومة القول إن التنظيم تحول إلى شن هجمات كر وفر هدفها إضعاف الحكومة المركزية في بغداد مع انتهاء حلم دولة الخلافة الإسلامية في الشرق الأوسط.

استغلال الصراعات
وتوقع المسؤولون في حينه أن يلجأ داعش لأساليب حرب العصابات عندما يفقد كل الأراضي الخاضعة لسيطرته.

ويؤكد الخبير حسن ابو هنية أن “التنظيم بارع في استغلال الصراعات، سواء الاقليمية أو الدولية واستثمارها لصالحه”.

يقول أبو هنية “في العراق هناك صراع أميركي إيراني، وفي سوريا تنافس بين روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة والقوات المحلية”.

يرى أبو هنية أن “هناك حاليا تراجعا أو تراخيا في مكافحة الإرهاب، وخاصة تغيير مهام القوات الأميركية في العراق”، مضيفا “ربما ليس هناك دعم مباشر للتنظيم، لكنه يستفيد من هذه الصراعات”.

ويعتقد أبو هنية أن “تناقص الدور الأميركي في المنطقة خلق فراغا، لأن القوات العراقية أو قوات سوريا الديمقراطية غير قادرة بمفردها على مواجهة التنظيم”.

ويتابع “مع غياب الدعم الجوي والاستخباري الأميركي ستضعف إمكانيات مواجهة التنظيم بشكل كبير، وهو سيستغل ذلك شيئا فشيئا لتطوير هجماته والبناء عليها في المستقبل”.

ويقول إن “هناك عدة أطراف مستفيدة إقليميا من التنظيم وعودته، فتركيا مثلا لديها أولويات للأمن القومي وبالتالي لا ترغب بقيام كيان كردي في سوريا، فقد تصبح أحيانا حليفا موضوعيا للتنظيم بشكل أو بآخر”.

في المقابل يقول أمير الساعدي إن “التنظيم لا يزال يحصل على التمويل من جهات وازنة، وأيضا لديه قواعد ويستغل المناطق التي بها فراغ أو صراع سياسي”.

 

وأعلن العراق الشهر الماضي نهاية “المهام القتالية” لقوة التحالف الدولي ضد داعش الذي تقوده واشنطن على أراضيه، لتصبح مهام تلك القوات محصورة بالتدريب وتقديم المشورة.

وأعلن التحالف أن “القوة الدولية المكلفة الحفاظ على الهزيمة الدائمة” لتنظيم داعش “أكملت انتقالها إلى الدور غير القتالي الذي كان مخططا له قبل نهاية العام”.

وسيبقى نحو 2500 جندي أميركي وألف جندي من قوات التحالف في العراق. وهذه القوات لا تقاتل وتقوم بدور استشارة وتدريب منذ صيف 2020.

وكان التحالف الدولي بقيادة واشنطن والذي يضم أكثر من 80 دولة، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا وكثير من الدول العربية، قد زعم انه قد تشكل في العام 2014 لدعم الهجمات في العراق وسوريا ضد تنظيم داعش، بينما الحقيقة خلاف ذلك، وفق ما يقول المراقبون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى