القبلية والدولة المدنية

المشهد العربي الراهن مشهد مبكي مضحك ويندي له الجبين –في الخمسينيات من هذا القرن تجاوزنا في تفكيرنا الدوله القطريه ورفعنا شعار – دولة الامة الواحدة/دولة القومية الموحدة من الخليج العربي الثائر الى المحيط الهادر – وتجاوزنا البعض في الطرح والمزوادة علينا نحن البسطاء ومحدودي الثقافة السياسية انذاك بطرح الاممية العالمية – دولة العمال ودولة الفلاحين ودولة الخلافة – والتي يتساوى فيها الجميع بغض النظر عن اللغة والدين والعرق وامتلت مكتباتنا بالنظريات الفلسفية الاممية والقومية والاسلامية ودار سجال كبير حول هذه الافكار المطروحة وعقدت المؤتمرات القومية والاممية ورفعت الشعارات الثورية ودغدغت هذه الشعارات الكبيرة البسطاء امثالنا وانجرفنا ومن هم في جيلي وسني حماسا وتنظيرا لهذه الافكار والايمان بالدولة الافلاطونيه الفاضلة التى تحقق السعادة والطمأنينه للجميع, واصدقكم القول انه كان حلما رائعا وجميلا و لكنه كان مجرد حلم ليلة صيف عابرة.

المبكي في المشهد العربي الان اننا لم نستطع ان نبني مفاهيم الدولة القطرية المدنيه ونحن الان على مشارف القرن الحادي والعشرين – دولة حرية الرأي وحرية التنظيم ودولة القضاء المستقل وتداول السلطه السلمي – لقد عدنا الى المربع الاول في نشأة الدول نتجمع حول القبيلة والعشيرة والتخلف والفوضى والتعصب الديني والطائفي المقيت والجوع والفقر والحرمان ولم نكتف بهذا التشرذم بل بدأنا باعادة الاستعمار ودعوته الى بلادنا مدفوع الاجر –الاستعمار- الذي قدمنا قوافل الشهداء من اجل الخلاص منه ومن شروره – الاستعمار الذي تركنا عظما بعد ان اكل لحمنا وشحمنا -.

ومع قلة الامكانيات بنى لنا الاجداد والاباء انجازا وميراثا لم نتمكن من حمايته والمحافظة على ديمومة مؤسسات الدولة المدنيه لاننا لم نحسن البناء التربوي لمفهوم الدولة المدنية الحديثة فالدولة كما تعلمنا هي الهوية الجماعية للشعب حاضرها ومستقبلها تبنى الدولة على مؤسسات وليس على افراد اوحزب – فالافراد والاحزاب الى زوال – اما الدولة و مؤسسات الدولة فتبقى بعدهم للاجيال – فالخلط بين المسؤولية الادارية للدولة والمسؤولية السياسية هو من اكبر الكوارث التى ادت الى تدمير العمود الفقري للدولة المدنية – لهذا فان الحكومات الاستبدادية تحمل في ذاتها خميرة زوالها.

لهذا ايضا فلا امان بعد الان لمجتمع عربي يزداد فيه طغيان الهويات الفرعية على هوية الدولة كما لا امان لمجتمع الجوع والحرمان ولا مستقبل لوطن يتعاظم فيه الشعور بالعجز والاحباط لدى مواطنيه ولا استقرار لبلد بعد اليوم يفتقد فيه المواطن العدالة الاجتماعية و في اقتسام الثروة والسلطة معا – فهذا التهميش للفقراء والمحرومين والاستبداد هو الخطر القادم الذي يهدم اسس الدولة المدنيه والاستقرار الاجتماعي – يقول ارسطو :- اساس النظام الديمقراطي هي الحرية احدى مؤشرات الحرية هي ان يكون الفرد وبالتناوب حاكم ومحكوم .

ولنتعلم ايضا من الطبيعة من ان الشق وسط حبة القمح يرمز الى ان النصف لك والنصف الاخر لاخيك –فهل يدرك الساسة سنة الكون ويعودوا الى رشدهم عدلا واحسانا ومناصفة في كل شى,  نامل ذلك !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى