التدخل العسكري الروسي في سوريا يستبق هجوماً تركياً- اعرابياً لاسقاط نظام الاسد

انتفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى اطلاعه على تقرير استخباري عاجل تضمن ابرز الوقائع السرية للقاء الرئيس الامريكي باراك اوباما مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في واشنطن، يوم الرابع من شهر ايلول الماضي، وامر على الفور بتنفيذ خطة عسكرية – امنية روسية كانت معدة مسبقاً للتدخل في سوريا عند الاقتضاء ووقت الضرورة.
ادرك الرئيس الروسي ان الوقت قد حان لتلقي روسيا بثقلها العسكري العلني والمباشر الى جانب حليفها السوري، لاستباق تنفيذ مؤامرة امريكية- تركية- اعرابية تم التوافق النهائي عليها خلال لقاء اوباما- سلمان، وتقضي باسقاط النظام السوري بالقوة العسكرية التي تشارك فيها القوات السعودية والتركية والاردنية والقطرية والاماراتية، علاوة على جماعات المسلحين السوريين الموالين للاخوان المسلمين والدول الخليجية، فيما تتولى اسرائيل تحديد بنك الاهداف التي يتعين تدميرها على الارض السورية، بما في ذلك القصر الجمهوري ذاته.
اوباما ايد وبارك الضربة العسكرية للنظام السوري التي ستتولى تنفيذها قوات عربية واسلامية نيابة عن امريكا واوروبا واسرائيل، واطلع من الملك سلمان على ”ساعة الصفر” المقترحة لهذه الضربة، واتفق مع الملك على اقتصار الدور الامريكي على ما بات يسمى ”القيادة من الخلف”، شأن ما كان عليه الحال ايام الضربة العسكرية العربية والاوروبية لنظام الرئيس القذافي.
الاعداد لهذه الضربة – المؤامرة على سوريا بدأ منذ بواكير العام الحالي، حيث تبلغ الرئيس الامريكي من الامير القطري الشيخ تميم آل ثاني، لدى اجتماعهما في واشنطن خلال شهر شباط الماضي، ان هناك خطة سعودية- تركية لتشكيل تحالف عسكري يستهدف اسقاط نظام الرئيس الاسد بالقوة.. الامر الذي ايده اوباما وصرح عقب الاجتماع آنذاك ان على الاسد مغادرة الحكم فوراً.
وفي شهر اذار الذي شهد لقاء الرئيس التركي رجب اردوغان والملك السعودي في الرياض، تم الاتفاق سراً على عمل مشترك ضد سوريا تتولى السعودية فيه القصف الجوي، فيما تتولى تركيا الزحف البري، وقد نشرت تركيا بعد ذلك قواتها البرية على الحدود السورية، ثم ما لبثت ان عقدت مع مشيخة قطر ”اتفاقية دفاع مشترك” تتيح للقوات القطرية حق الانتشار في الاراضي التركية لغرض المشاركة في ضرب النظام السوري واسقاطه.
غداة توقيع الاتفاق النووي الايراني- الامريكي، التقى الرئيس اوباما عند منتصف شهر ايار الماضي، قادة دول مجلس التعاون الخليجي لطمأنتهم بان هذا الاتفاق لن يؤثر سلباً عليهم او يأتي على حسابهم.. ولكن المهم ان اوباما قد اسر اليهم – على سبيل الاسترضاء- انه يقف الى جانبهم ويبارك مسعاهم للاطاحة بالنظام السوري، وقد اوعز لكل الجهات الامريكية المعنية بتقديم كل دعم استخباري ولوجستي وتسليحي لازم لتنفيذ هذه المهمة.
فشلت السعودية في اقناع مصر بهذه الخطة واستقطابها الى دائرة هذا التحالف الشرير، ولكنها نجحت في التأثير على الموقف الاردني الذي اذعن للضغوط السعودية الهائلة، ووافق على المشاركة المحدودة اضافة الى فتح قواعده الجوية امام الطائرات الحربية المخصصة للاغارة على ”بنك الاهداف” السورية- رغم معارضة الفريق اول مشعل الزبن، رئيس هيئة الاركان (المحترم) الذي طالما عارض اي تدخل عسكري اردني في الاراضي السورية، او تصادم مسلح بين الجيشين الشقيقين على جانبي الحدود.
بين عشية وضحاها استطاع بوتين قلب الطاولة واجهاض المؤامرة ورمي قفاز التحدي في وجوه الاعداء جملة واحدة، واعلن حرباً حقيقية على داعش وباقي العصابات المسلحة، ودعماً عسكرياً باسلاً لحليفه التاريخي والاستراتيجي في دمشق.
فوجئت ادارة اوباما بهذا الاجراء الروسي الحاسم.. ارتبكت وتلعثمت واسقط في يدها وايدي حلفائها في تركيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا التي باتت تعترف جميعها بان الرئيس الاسد جزء من الحل السياسي في سوريا، بعد ان كانت تعتبر بقاء الاسد في الحكم رجساً من عمل الشيطان.. وحده عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي ما زال يحلم ويتوهم ويهذي متوعداً الاسد بالرحيل عن الحكم سواء بالعمل السياسي او القوة العسكرية.
فقد اعلن الوزير السعودي للصحافيين على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي ”ان لا مستقبل للاسد في سوريا، فليس امامه سوى احد خيارين : الخيار الاول هو عملية سياسية يتم خلالها تشكيل مجلس انتقالي، والخيار الاخر هو خيار عسكري ينتهي ايضا باسقاط بشار الاسد”.. ولم يتطرق الى تفاصيل هذا ”الخيار العسكري”.
اما الجانب الاردني المعروف بالمرونة وسرعة التكيف والتنقل بين المحاور، فقد سارع هو الآخر الى تغيير موقفه والالتحاق بركب المتحولين سياسياً حيال الحكم السوري، وقد تجلى هذا الانعطاف السريع في رسالتي التهنئة بعيد الاضحى اللتين بعث بهما الفريق اول الزبن الى زميليه في السلاح، وزير الدفاع السوري ورئيس اركان القوات السورية المسلحة.
وفيما تحدثت مصادر غير مؤكدة عن مكالمة هاتفية جرت مؤخراً بين القيادتين الاردنية والسورية، فقد اعتبر المراقبون ان اختيار رئيس الاركان، وليس وزارة الخارجية او دائرة المخابرات او الديوان الملكي، ينطوي على رسالة ودية مفادها ان الجيش الاردني لا يضمر العداء لشقيقه السوري، ولا يفكر في التدخل بالشؤون السورية الداخلية.
الاستراتيجيون الروس يتوقعون هزيمة الجماعات الارهابية بمختلف مسمياتها على الارض السورية قبل نهاية العام الحالي، خصوصاً وان ادارة بوتين تضغط بشدة لحمل الدول والجهات التي تتولى تمويل وتسليح هذه الجماعات على وقف ذلك تماماً، فيما تقوم هذه الادارة، بالتعاون مع ايران، بتسليح وتدريب وتعزيز قوة الجيش السوري حاضراً ومستقبلاً، على عكس ما فعلت الولايات المتحدة بالجيش العراقي الذي بقي كسيحاً وضعيفاً منذ حله على يد بول بريمر، اول حاكم عسكري امريكي للعراق عام 2003.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى