رحيل كولن باول الذي كذب على الشعب الأمريكي والعالم لغزو وتدمير العراق

توفي يوم الإثنين 19/ 10/ 2021 كولن بأول الذي يعتبر واحدا من أهم الشخصيات في الحياة السياسية الأمريكية لكونه أول أمريكي من أصول إفريقية احتل مناصب رفيعة في ثلاث إدارات رئاسية أمريكية، حيث عمل كمستشار للأمن القومي في إدارة رونالد ريجان، وتولى منصب رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي في عهد جورج بوش الأب، ثم أصبح وزيرا للخارجية في عهد جورج بوش الابن.
وعلى الرغم من أن الرجل مشهود له بالنزاهة في الداخل الأمريكي، إلا أن محطته الأبرز سياسيا والتي أثرت سلبا على مصداقيته كانت عندما حضر إلى نيويورك للمشاركة في جلسة لمجلس الأمن عقدت في الخامس من شباط/ فبراير 2003 حول العراق، وعرض خلالها مجموعة من الصور المفبركة المضللة والأكاذيب لإثبات ان العراق يمتلك أسلحة دمار شامل. أي إن أكاذيب بأول كانت جزءا من محاولات الولايات المتحدة الحصول على الشرعية من منظمة الأمم المتحدة لضرب العراق، وبالتالي الحصول على مساعدة الدول الأخرى في الحرب. وتم استخدامها لتضليل الرأي العام الأمريكي والدولي، واعتبرت بمثابة المقدمة التي أدت إلى غزو العراق وإسقاط نظام البعث الذي كان يحكمه بقيادة صدام حسين، وكانت السبب في إضعافه، وفتح أبوابه للحروب الداخلية والتدخلات الأجنبية، وقتل مئات الآلاف من أبنائه، وتدمير جيشه واقتصاده، وإبعاده عن دوره القوي الفاعل في السياسة العربية، وتحويله إلى دولة فيدرالية جعلته عرضة للتقسيم والشرذمة.
بأول الذي يعتقد بعض المراقبين السياسيين أنه كان من المعترضين على فكرة الحرب، اعترف بأنه استند في أكاذيبه أمام مجلس الأمن الدولي إلى معلومات استخبارية مضللة قدمتها له أجهزة المخابرات الأمريكية، وأشار إلى أن بعض قادة تلك الأجهزة الذين كانوا يضغطون لضرب العراق كانوا يعرفون ان بعض المعلومات التي تضمنها التقرير ليست موثقة، لكنهم لم يقولوا له شيئا، وشاركوا في تضليله ودفعه لتمهيد الطريق التي أدت الى غزو العراق واحتلاله.
بأول وجد صعوبة في الدفاع عن نزاهته، واعترف بأنه تعرض لخديعة كبرى، وقال في مقابلة مع شبكة ” أيه بي سي ” التلفزيونية الأمريكية إن أكاذيبه في مجلس الأمن ” كانت وصمة عار ستظل دائما جزءا من سجلي. لقد كانت مؤلمة. إنها مؤلمة الآن.” وقدم اعتذاره العلني للشعب الأمريكي والعالم. لكن الحقيقة التي لا يمكن انكارها هي ان الرجل لم يكن صديقا للعراق والعرب عامة، وإنه كوزير للخارجية دافع عن سياسات بلاده العدوانية ضد العراق في الداخل الأمريكي وفي المحافل الدولية، ولعب دورا هاما في الاعتداء عليه وتدميره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى