مؤتمر بغداد ” للتعاون والشراكة ” المأمول منه لاحقاً

ثرية هذه الفترة بالأحداث والمستجدات والمتغيرات ( السعيد ) منها والخطير ، الظاهر والمتخفي .. ما يداعب منها الأمزجة وما يتباين حد التنافر، ما يفهم على نحوه الحقيقي ؛ وما يستولد من الآمال وربما الآلام ما ليس له علاقة بواقع ولا حتى بأحلام.
لا بد أن ( مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة ) المنعقد في العاصمة العراقية يوم 28 آب 2021 ، من تلك الأحداث ( العظام ) في مرحلة باتت الحاجة فيها ملحة لمتغير كبير يحدث فرقاً (عظيما) ، عما هو قائم ، وإن كان المتغير المأمول وهماً أو شبه وهم ، أو إنتصاراً فردياً ، لا علاقة له بواقع أو وقائع موجودة على الأرض أو متخيلة .
من الطبيعي أن عقد مؤتمر يحمل هذا الإسم ، أو نظيره في الظروف الطبيعية ، شيئاً جيداً ، على أن لا يكون تلبية لرغائب غير طبيعية ، ولا لتحقيق مصالح فردانية ، أو لإستبعاد أطراف هي موضوعياً جزءاً من الجغرافيا والجوار والإستهداف والمصالح والخصومات ..
وإلا فما الذي يمكن أن يحققه هكذا مؤتمر لا يبحث قضاياه الحقيقية القائمة ، سوى الإستعراض وتقطيع الوقت، وإشراك من لا شأن له في الشأن الإقليمي،وتبرير إستعادة (مجده) الإستعماري القديم المشبع بالدم والإنتهاكات والتمييز العنصري والفتن وما يزال ، كما هو واضح في العديد من بقاع عالمنا الراهن .
لا شك أن رئيس الوزراء العراقي على قدر من الحنكة والدهاء والقدرات السياسية ما أتاح له أن يجمع هذه ( الخلائق ) في ظل هذه الظروف والمعطيات غير العادية ، ومن المرجح أنه سيحصد نتاج ذلك نجاحات شخصية ؛ على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي ، وقد تخدم العراق بعض النجاحات ، بخاصة إن جرى توسيع دائرة القمة الثلاثية السابقة على المؤتمر ، غرباً بإتجاه سورية ولبنان ، لا المشاركة موضوعياً في حصارهما ، حتى لو كان حصارهما “غير مقصود ” ، إفتراضاً .
لا شك أن المشاريع والنوايا المعلنة عن القمة الثلاثية ، تستدعي التقدير والاحترام والأمل ، إن جرى تنفيذها ..في أوقاتها ، ولم تستولد أحداث في العراق بخاصة تستدعي إعادة النظر بها أو إعادة دراستها كما حدث غير مرة ، فهي مشاريع مفيدة جدا للشعب العربي في العراق والأردن ومصر؛ في غير إتجاه ومجال ، إن لم تكن هناك أثمانا ستسدد في مقابلها كالمشاركة في حصار تحت أي مبرر، أو قبول إقتطاعات جغرافية .
لا بد أن العراق وبلاد الشام ومصر إقليم جغرافي وتاريخي وإقتصادي وأمني واحد ، لا يستقيم حال الأمة القريب منه والبعيد ، دون تضافر مكوناته ، والتاريخ القريب منه والبعيد يثبت ذلك ، فإن صدقت النوايا لا بد أن يؤخذ ذلك بعين الإعتبار ، وإلا فالقوي فيه ضعيف مهما كبر ، في معزل عن ذلك .
لست بصدد التشكيك بالنوايا، فكلنا يعلم أن (المضطر) يصبح أقل إضطرارا، في حال شبّك (أموره)مع الأشقاء الأقربين الأولى بالمودة من الأبعدين،الذين يجدوا في المضطرين إختراقات وأدوات مهما أظهروا من صداقات زائفة (..) وقدموا مساعدات ومنح وقروض ميسرة وغير ميسرة وضمانات أمنية ( مدفوعة الثمن سلفاً ) ؛ هي لا تساوي مهما (عظمت) مودة مع شقيق صمد لم يشتر أو يبيع شيئاً من مقدرات الأمة ومصالحها وآمالها .
كنا نأمل أن تكون قمة بغداد للتعاون والشراكة .. مقدمة لقمم أقرب للقمم ، لا تقدم تنازلات قبل إنعقادها ، لكي تأخذ ، أكثر مما تقدم أو بمثيله على أقل تقدير ، ولا تكون ظاهرة صوتية ، فبغداد الرشيد ، أقدر على إستعادة دورها ومجدها وتاريخها بالتشبيك مع الأشقاء الأقربين ؛ لا مع الأباعد الذين باعوها وباعوا أشقاء آخرين وما زالوا تكراراً ، في مراحل زمنية متعددة .

إيميل : [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى