لانها ادمنت التبعية والاحتماء بالاجنبي.. السعودية ترتجف خوفا من انسحاب المظلة الامريكية عنها

أعلنت المملكة العربية السعودية، اليوم الأربعاء، إحباط هجوم، نَسَبتهُ لجماعة “أنصار الله” اليمنية، استهدف مطار أبها الدولي جنوب غربي السعودية بطائرة مسيرة مفخخة.

ونقلت “قناة الإخبارية” السعودية عن التحالف العربي بقيادة السعودية قوله: “اعتراض وتدمير طائرة مسيرة أطلقتها ميليشيا الحوثي تجاه مطار أبها”، مشددا أن “انتهاكات ميليشيا الحوثي ومحاولة استهداف المدنيين مخالفة للقوانين الدولية”.

وتابع التحالف بالقول: “نتعامل مع مصادر التهديد بحزم لحماية المدنيين والأعيان المدنية”.

​وأعلنت السعودية، الشهر الماضي، تصديها لمحاولات للهجوم على مطار أبها الدولي، مشيرة إلى أن هناك 8 إصابات بعد محاولة الهجوم على المطار، وتناثر الشظايا.

وتابعت قوات التحالف أن هناك طائرة مدنية تضررت نتجية الهجوم على المطار، معتبرة أن الاعتداء للمرة الثانية على مطار أبها من قبل جماعة “أنصار الله” يعتبر “جريمة حرب”.

وكنت السعودية قد عبرت، في وقت سابق، عن امتعاضها من مواقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، عبر نقل مسؤول خليجي كبير تساؤلات لدى حلفاء واشنطن العرب في الشرق الأوسط، عما إذا كان بمقدورهم مواصلة الاعتماد على الولايات المتحدة.

ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول خليجي، تساؤله عما إذا كان بإمكان الخليج “الاعتماد على مظلة أمنية أميركية على مدى السنوات العشرين المقبلة، بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان”.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسيات الدبلوماسية “أفغانستان زلزال.. زلزال مدمر سيبقى معنا لفترة طويلة جدا جدا”.

وأضاف “هل يمكننا بحق الاعتماد على مظلة أمنية أميركية للسنوات العشرين القادمة؟ أعتقد أنها مسألة شائكة للغاية في الوقت الحالي.. شائكة جدا حقا”.

ويأتي تصريح المسؤول الخليجي بعد ثلاثة أيام من مطالبة رئيس الاستخبارات السعودي السابق الأمير تركي الفيصل، واشنطن بعدم سحب منظومة الصواريخ الدفاعية “ثاد” القادرة على اكتشاف وتتبع وإسقاط الصواريخ البالستية.

وقال الأمير تركي إن بلاده تفضّل المساعدة الأميركية، إلا أنه ألمح إلى أن الرياض طلبت “دعما آخر” لتعزيز دفاعاتها الجوية ضد الهجمات الإيرانية والحوثية.

ومثلت قرارات إدارة بايدن بتقليص قواتها في منطقة الخليج وسحب منظومة الدفاع من السعودية قطيعة كاملة مع عقيدة جيمي كارتر المتمثلة بالتزام الولايات المتحدة المعتمدة على النفط، استخدام القوة العسكرية للدفاع عن مصالحها في الخليج.

وتريد السعودية أن ترى التزاما من قبل واشنطن تجاهها، بما يعني عدم سحب معدات الدفاع الأميركية من أراضيها. في الوقت الذي تقع فيه السعودية ضحية لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة من الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران.

ويخشى حلفاء واشنطن من أن تسمح عودة حركة طالبان إلى السلطة والفراغ الناجم عن انسحاب الغرب الفوضوي من البلاد بموطئ قدم لمتشدّدي تنظيم القاعدة في أفغانستان بعد عشرين عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وقال المسؤول الخليجي إن حلفاء واشنطن الخليجيين العرب يرون في الطريقة التي تأرجحت بها السياسة الخارجية الأميركية “180 درجة” على ما يبدو إشكالية ويخشون من أن يصبح للمتشددين موطئ قدم في أفغانستان.

وأشار إلى أن أي صراع جيوسياسي سينشب بسبب أفغانستان سيكون بين الصين وباكستان من ناحية وروسيا وإيران والهند من ناحية أخرى وأن الولايات المتحدة لن تكون جزءا من هذا الصراع.

وحولت تصريحات المسؤول الخليجي لوكالة رويترز التكهنات في الأيام القريبة الماضية بعد إلغاء زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى السعودية، إلى وقائع بدأت من واشنطن بإعراب البنتاغون عن أمله في أن يحدث لقاء قريب يجمع الوزير أوستن مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وأثيرت التكهنات بعد إلغاء زيارة وزير الدفاع الأميركي إلى الرياض الأسبوع الماضي إثر جولة خليجية شملت قطر والبحرين والكويت.

وكانت الجولة تتضمّن محطة في السعودية لكنّ هذه الزيارة أرجئت في اللحظات الأخيرة إلى أجل غير مسمّى.

وقال المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي إنّ زيارة أوستن إلى السعودية “لم تحدث لأسباب تتعلق بالجدول الزمني للجانب السعودي”، مشيرا إلى أنّ الزيارة تمّ أساسا الترتيب لها على عجل.

وأضاف “كنّا نأمل خصوصا، خلال هذه الزيارة، لقاء وليّ العهد. فهو وزير الدفاع السعودي ونحن لدينا شراكة دفاعية قوية مع السعودية”.

وعبّر عن أمله في إعادة جدولة الزيارة، مشدّدا على أنّها “أرجئت ولم تلغَ”.

إلا أن تصريح وزير الدفاع الأميركي عن أسباب إلغاء الزيارة، يحمل إشارة واضحة عن خلافات بين الرياض وواشنطن.

وقال أوستن “دعنا نقُل تأجَّلت”، مُضيفا “ليس لدينا موعد محدد لزيارة متابعة (..) السعوديون لديهم بعض المشاكل المتعلّقة بالجدولة، وكما تعلمون، لا يمكنني التحدّث عما كانت بالضبط”.

إلا أن الأمير السعودي سطام بن خالد آل سعود أعرب عن ثقته في أن تأجيل الزيارة مرتبط بقرار الرياض.

وكتب الأمير سطام المعروف بنشر تغريدات على تويتر تحتوي على معلومات مستله من مركز القرار، أن السعودية أرجأت زيارة وزير الدفاع الأميركي للمملكة في الوقت نفسه تستقبل رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما الروسي ليونيد سلوتسكي.

وكتب “المملكة العربية السعودية الكبيرة لا تقبل إملاءات من أحد وتتعاون وفقا للمصالح المشتركة والاحترام المتبادل”.

وأتى إلغاء الزيارة في وقت نشرت وكالة أسوشيتد برس السبت صورا بالأقمار الصناعية، أظهرت إزالة الولايات المتحدة نظامها الأكثر تقدما للدفاع الصاروخي وبطاريات باتريوت من المملكة العربية السعودية خلال الأسابيع الأخيرة.

وسبق وأن أعلنت الولايات المتحدة عن سحب جزء من قواتها المتواجدة من الخليج العربي في إطار إعادة انتشار واسعة النطاق.

وتبدو دوافع السعودية لتنويع شركائها الدوليين اليوم أقوى مما كانت عليه سابقا بعد أن تلقت مثل أغلب دول المنطقة إشارات سلبية من واشنطن تجلّت في سلسلة السياسات والمواقف الصادرة عن إدارة بايدن، والتي انطوت على قدر كبير من التساهل والمرونة إزاء إيران ووصلت في بعض الأحيان حدّ التضارب مع المصلحة السعودية، وهو ما تجسّد في سحب معدّات دفاعية من السعودية ودول أخرى في المنطقة.

ومثل قرار سحب المعدات تراجعا عن التزام الولايات المتّحدة بأمن حليفتها السعودية خصوصا وأنّ القرار جاء في وقت تتعرّض فيه المملكة لتهديدات بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة التي تزوّد بها إيران وكلاءها الحوثيين في اليمن.

وترى مصادر سياسية سعودية أن الرياض بدأت تتحرك بالفعل منذ شهور تجاه القوى العالمية، بعد أن اتضح موقف إدارة الرئيس بايدن من أكبر حليف استراتيجي في المنطقة.

ولا يقتصر الأمر على السعودية، بل إن العديد من الدول الخليجية بدأت بالفعل في إعادة ضبط سياستها الخارجية لتأخذ في الاعتبار تراجع اعتمادها على الولايات المتحدة. ما يؤدي إلى إعادة الاصطفاف في التحالفات والرغبة لدى بعض المنافسين التاريخيين “لإقامة علاقات أكثر واقعية”.

وقطعت السعودية مع روسيا الاتحادية خطوة إضافية باتّجاه تنمية تعاونهما في المجال الدفاعي وذلك بتوقيعهما اتفاقية دفاعية منتصف أغسطس الماضي.

وتهدف الاتفاقية التي تمّ توقيعها على هامش لقاء جمع في العاصمة موسكو نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان ووزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو “إلى تطوير مجالات التعاون العسكرية المشترك بين البلدين”.

ويعزو غالبية المحللين السياسيين تحرّك الرياض صوب موسكو، في هذا التوقيت بالذات، وتوقيع مثل تلك الاتفاقية الدفاعية، يحمل رسالة واضحة إلى الشريك الأميركي المتراجع، مفادها أنّ قوى أخرى مستعدة لملء الفراغ بشكل فوري، وأن المكاسب والامتيازات الكبيرة التي حصّلت عليها واشنطن عبر عقود من الشراكة مع دول المنطقة ليست أبدية ولا يمكن أن تتواصل من دون مقابل.

وقال مارك كاتز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج ميسون الأميركية، من الممكن النظر إلى تحركات السعودية الأخيرة في سياق كونها “محاولة من قبل الرياض لتغيير سلوك واشنطن”.

بينما يرى كريستيان أولريشن، الباحث في معهد “جيمس بيكر” للسياسة العامة في جامعة “رايس”، أنّ “من الواضح جداً، من وجهة  نظر العديد من صانعي القرار في المنطقة، أن الولايات المتحدة ليست ملتزمة تجاه الخليج كما كانت في السابق”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى