هل تنسحب أمريكا من سورية كما انسحبت من أفغانستان؟

بعد إصرار الرئيس الأمريكي جو بايدن على إنهاء الانسحاب الأمريكي من أفغانستان في موعده ودون أي تأجيل ،أي في 31 أغسطس2021،وإشادته بالإجلاء النهائي، الذي شهد نقل أكثر من 120 ألف أمريكي وأفغاني وآخرين من كابول، ووصفه بأنه “نجاح غير عادي”،في ظل دعم الشعب الأمريكي إلى حدٍّ كبيرٍ الخروج من الحرب بأفغانستان، والتي استمرت 20 عامًا ،وأودت بحياة الآلاف من الجنود الأمريكيين وكذلك من قوات حلف الناتو ، بدأ المحللون والخبراء في قضايا إقليم الشرق الأوسط يتساءلون حول إمكانية سحب أمريكا قواتها العسكرية المتمركزة في المنطقة الشمالية الشرقية من سورية؟
قبل البدء في تحليل هذا التساؤل الكبير،علينا التأكيد بأنَّ كل الحروب التي خاضتها الإمبريالية الأمريكية منذ أزمة الخليج في الكويت عام (1991-1990)، وبعد أحداث 11سبتمبر (2001) في أفغانستان،التي أطاحت بحكم حركة طالبان ،وفي العراق سنة (2003)التي أطاحت بنظام الرئيس العراقي صدّام حسين،وقتلها، أسامة بن لادن (2011)، أنفقت فيها أمريكا حوالي 3تريليون دولار. غير أنَّ حروب الإمبريالية الأمريكية الجديدة والحملات الإنسانية التي شنت في السنوات الأولى من بداية القرن الحادي والعشرين ، باسم محاربة الإرهاب، وتصدير الديمقراطية الليبرالية على ظهر الدبابات ،أضرَّتْ بمكانة وأمن ومصداقية أمريكا في مثل هذه المشاريع المحكوم عليها بالفشل الذريع.
أما فيما يتعلق ببناء الأوطان في كل من العراق و أفغانستان، فلا يوجد من بين خبراء الاقتصاد المحترمين مَنْ يصدق أنَّه بعد عشرين عاماً من الفشل المستمر، فإنَّ الإنفاق المالي والعسكري الكبير في تلك الحروب،والمساعدات الخارجية لكل من النظامين العراقي والأفغاني ،التي تختفي لتنتهي في جيوب المسؤولين السياسيين والمقاولين العسكريين والفاسدين من أمراء الحرب سكان المدن، بإمكانه أن يبني اقتصاداً عصرياً، ناهيك عن أن يقيم نظاماً ديمقراطياً. ففي العراق يسود الفساد في كل مفاصل الدولة والإدارة ،واقتصاده منهار في ظل غياب التنمية الحقيقية،وفي أفغانستان،عاد راديكاليي حركة طالبان إلى الحكم من جديد، وهم الذين منعوا التعليم وألغوا العقول وحظروا الإعلام ورجموا النساء، وغنموا ترسانة الأسلحة التي تركتها الولايات المتحدة وراءها في أفغانستان، إذ نشر دونالد ترامب الابن، الجدول مع قائمة معدات عسكرية، قال إنها بقيمة 85 مليار دولار “التي تم التبرع بها” إلى طالبان، “وهذا يعني أن كل رجل وإمرأة وطفل في الولايات المتحدة تبرع بمبلغ 265 دولارا للإرهابيين”، حسب دونالد ترامب الابن.
حروب أمريكا من أجل هدم الدول الوطنية العربية
فقد تبيَّنَ بحلول عام 2021 أنَّ سلسلة الحروب والتدخلات العسكرية الأمريكية الفاشلة والكارثية في العراق واليمن والصومال وليبيا وسورية ، كانت تستهدف الهندسة التفكيكية للدول الوطنية العربية، انطلاقًا من العراق، حيث ادعت أمريكا ومعها الدول الأوروبية الغربية بأنَّ الهدف من وراء هذه الهندسة التفكيكية هو إحداث تغيير جوهري في بنية الدولة الوطنية العربية، بسبب عدم قدرتها على الاستيعاب السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، لجميع مكوناتها الدينية والعرقية و المذهبية .
كانت الاستراتيجية الأمريكية في نظرتها إلى الشرق الأوسط تقوم على عزله حضارياً، كأحد الأهداف البارزة للسياسة الأمريكية منذ نهاية تسعينيات القرن العشرين. وهو الهدف الذي تعزز مع ازدياد قدرة الولايات على التحرُّرِ من اعتمادها على نفط الشرق الأوسط. فبعد الغزو الأمريكي للعراق، طرحت إدارة بوش الابن في سنة 2004، مبادرة الشرق الأوسط الكبير، بذريعة محاولة إصلاح الدولة في الشرق الأوسط، وتجنب فشلها، مثلما كان الحال تاريخياً في تجارب إعادة البناء السابقة، من داخل الجماعة الأورو-أطلسية، والمؤسسات الدولية المانحة (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية) وثيقة الصلة بها.
فالتأطير الحضاري الأورو-الأطلسي طرح استراتيجية التفكيك وإعادة البناء للدولة سواء عقب نهاية الحرب العالمية الثانية في كل من ألمانيا واليابان، أو عقب نهاية الحرب الباردة في شرق أوروبا، لكنَّ فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، فإنّ الهندسة الأمريكية المطروحة، كانت تقوم على تفكيك الدول الوطنية العربية على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، وليس إعادة بناء الدولة الوطنية على أسس ديمقراطية كما حصل في كل من اليابان وألمانيا. هذا الإخفاق الأمريكي، هو الذي أطلق حجر دومينو “الفوضى غير الخلاقة” في الشرق الأوسط، وليس إعادة بناء ممنهجة للدولة الوطنية وفق تبني استراتيجية التنمية المستدامة التي لا ترتهن للمنطق الريعي، وإنشاء عقد اجتماعي توافقي بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني، لا يمكن أن تخلقه إلا إرادة حازمة وواعية من قبل قادة الرأي والنخب المؤثرة.
وهكذا، فإنّ طرح الولايات المتحدة الأمريكية مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يقود إلى تفكيك الدول الوطنية العربية، وإنتاج خريطة “ويستفالية” جديدة للدولة في منطقة الشرق الأوسط تقوم على أسس مذهبية وإثنية، يقود إلى خلق فضاء صراعات جديد يهمش محورية القضية الفلسطينية بوصفها القضية المركزية التي تأسس حولها مفهوم كل السياسات القومية للدولة الوطنية السورية طوال ما يزيد على نصف قرن.
هدف الوجود العسكري الأمريكي السيطرة على نفط دير الزور
فيما تُبَرِّرُ الولايات المتحدة الأمريكية وجودها العسكري في الشمال الشرقي السوري، بأنَّه يستهدف طرد فلول تنظيم “داعش” الإرهابي، فإنّ ما تعلنه واشنطن يخفي وراءه العوامل الفعلية التي تشكل الاستراتيجية الأمريكية في شرق سورية. ‏فقد بدا مثلث الحدود السورية – العراقية – الأردنية منذ إطلاق موسكو عمليتها العسكرية خريف عام2015، كأنَّه يتربّع على برميل بارود يمكن أن ينفجر في أي لحظة. فما الذي يحصل في هذه المنطقة الصحراوية المترامية الأطراف وغير المأهولة؟
الجواب، باختصار،إنّ المنطقة ساحة لمعركتين.تحمل الأولى عنواناً رئيسياً يجتمع حوله المتخاصمون: هزيمة “داعش” وتقاسم إرثه بعدما شارفت “خلافته” على لفظ أنفاسها الأخيرة. أما الثانية فتتفرّع عن الأولى وتتمثّل بحرب أمريكية – إيرانية غير معلنة تتمحور حول شكل “الهلال الشيعي” الذي هدَّد حلفاء لطهران أخيراً بتحويله إلى “بدر” يلف إيران والعراق وسورية ولبنان وبلداناً أخرى.ملامح هاتين المعركتين كانت بادية منذ بداية سنة 2017.
فعلى المستوى التكتيكي، تريد واشنطن من وجودها في شرق سورية أن يساعدها في ضبط السياسات الداخلية لبلاد الرافدين، الأمر الذي دفع واشنطن إلى المحافظة على وجود عسكري في سورية، كبوليصة تأمين للنفوذ الأمريكي في العراق الذي أنفقت الولايات المتحدة الغالي والنفيس من أجل التحكم بمستقبله. ‏
أمّا على الصعيد الاستراتيجي، تستهدف أمريكا تأكيد هيمنتها على الشمال الشرقي لسورية، والمنطقة عموماً، عبر إنشاء عوازل جيو سياسية جديدة في الشرق الأوسط، تكون أصغر من الدول الإقليمية التي سبق واستندت إليها في الماضي.وتاريخياً استند الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة إلى قواعد عسكرية في الخليج،وتركيا إضافة إلى نشر قواعد بحرية في الخليج والبحر الأبيض المتوسط، وتلك القواعد كانت الركائز الأساسية لمواجهة الاتحاد السوفيتي إبان الحرب الباردة،ومواجهة تنامي الدور الإقليمي الإيراني في الوقت الحاضر.‏
وفي ظل الصراع المحتدم على السيطرة على ريف دير الزور، تسيطر “قوات سورية الديموقراطية” (قسد) التي تدعمها أمريكا عسكريًا، وباتت تمثل ذراعها العسكرية في المنطقة، على “حقل التنك”، ثاني أكبر حقول النفط في سورية، بعد “حقل العمر” الذي سيطرت عليه “قسد”، في خريف 2017، ويقع في بادية الشعيطات. وكانت “قسد” قد سبقت القوات السورية في السيطرة على حقل نفط العمر، شرق دير الزور، أكبر حقول النفط في سورية.
ففي عام 2019 قال رئيس الولايات المتحدة السّابق دونالد ترامب بكل صفاقة وكأنّه زعيم مافيا وليس دولة يسمّيها البعض بالعظمى “أنّ النّفط السّوري باتَ الآن تحت سيطرة أمريكا وهي من سوف يتحكّم به”. وأضاف:” في الوقت الحالي لم يبق في سورية من العسكريّين الأميركيّين سوى من يحمون النفط، الّذي أصبح في أيدينا”. هذه الجملة مفادها أنّ الوجود الأميركي من أجل النفط فقط وليس لحماية الانفصاليّين.
ميليشيات “قسد” الكردية الذراع المسلحة لأمريكا و إسرائيل
رغم إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحاب القوات الأمريكية من سورية يوم18ديسمبر 2018،فإنّ هذه القوات الأمريكية(2000عسكري ) لا تزال تحتل الأراضي السورية ،وتعتمدبشكل كبيرعلى قوات سورية الديمقراطية”قسد” الكردية ،بسبب دورها القتالي ضد تنظيم “داعش” الإرهابي ،حيث أعلنت الانتصار عليه في شرق الفرات.
وتُعَدُّ قوات سورية الديموقراطية:”قسد”، وذراعها العسكرية وحدات حماية الشعب الكردية، إحدى أبرزالقوى التي حاربت تنظيم “داعش” في سورية. وأعلنت في 23 أذار /مارس2019 القضاء على “الخلافة” المزعومة بعد سيطرتها على آخر جيب للجهاديين في شرق سورية.وفيما كان الخبراء و المحللون يعتقدون أنَّ هزيمة تنظيم “داعش” ، سيترتب عنه تقليصًا في الدعم العسكري والمالي من جانب الولايات المتحدة الأمريكية للميليشيات الكردية “قسد”، فإنّ ما يحصل على الأرض يشير إلى زيادة في الدعم الأمريكي ،أو تواصله على الأقل وفق الوتيرة نفسها للفترة الماضية.فقد أعلنت أمريكا أنَّها خصصت في ميزانية عام 2020 مبلغ 300 مليون دولار لدعم “قسد”، تحت “بند التدريب ودعم الأسلحة”.
“قسد” واستباحة ثروات الشعب السوري
فبعد أن تحولت ميليشيات “قسد” إلى قوة احتلالية وأداة تنفذ مخططات الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني في الأراضي العربية السورية، تكشف الحقائق يوماً بعد آخر النقاب عن تورط ميليشيا “قسد” بسرقة ثروات الشعب السوري وارتباطها المفضوح بالكيان الصهيوني . فقد تم الكشف مؤخرًا عن وثيقة موجهة من ميليشيا “قسد” إلى سمسار صهيوني تفوضه من خلالها ببيع النفط الموجود في المناطق التي تسيطر عليها تلك الميليشيا بإشراف أمريكي.‏
فالنّفطُ في المناطقِ الشّرقية هو مُلكٌ لكلّ الشّعب السّوري وليس لمُكَوّن دون آخر، غير أنَّ ما تقوم به الميليشيات الكردية الانفصالية التي وضعت نفسها في خدمة أهداف الإمبريالية الأمريكية و الكيان الصهيوني،يُعَدُّ خيانةً وطنيّةً ليس لها اسم آخر. فقد تنَكرت الميليشيات الكردية لكل المساعدات التي قدمتها الدولة الوطنية السورية لهم بدءًا من سنة 2011،لكنَّهم في النهاية وغدروا بها، وفتحوا أراضيهم للقوّات الأمريكية والفرنسية والبريطانية،لكي تتمركز في المنطقة الشرقية.
ففي ضوء الحرب الاقتصادية التي تشنها الإمبريالية الأمريكية ومعها الإمبريالية الأوروبية على الشعب السوري ،تحولت الميليشيات الانفصاليّة الكرديّة إلى جزءٍ أساسيٍّ من الحصارعلى هذا الشعب المسكين، حيث أصبحت طوابير المحروقات، وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وزيادة الأسعار في كل المجالات التي لها علاقة بالمشتقات النفطية، لا سيما المازوت، مشهدًا يوميًا في سورية بسبب الاحتلال الأمريكي لآبار النفط و الغاز من جهة والحصار من جهة أُخرى،بينما لا يشعر الإنفصاليون الأكراد في المناطق الشرقية بمعاناة الشعب السوري في باقي البلاد .فلو كان الأكراد يتمتعون بحد أدنى من الوطنية، وانتمائهم لسورية، لما فتحوا أراضيهم للمحتلّ الأمريكي ، ووضعوا أنفسهم في معسكر أعداء الدولة الوطنية السورية.
فالإمبريالية الأمريكية تستخدم الأكراد كورقة ضغط من أجل ابتزاز الدولة الوطنية السورية لتقديم تنازلات أساسية فيما يتعلق بالتسوية السياسية المطروحة وفق القرار 2254الصادر في نهاية 2015،ولا سيما خروج القوات الإيرانية من سورية،وفكِّ عرى التحالف الاستراتيجي بين سورية وإيران وحزب الله،باعتبارهما من أهم مطالب الكيان الصهيوني، لكنَّها لن تبني لهم كيانًا ذاتيًا مستقلاً كما يحلم الأكراد الإنفصاليون به.
فالتجارب في أفغانستان و العراق، تؤكد أنَّ الإمبريالية الأمريكية لا تبني دولاً عصرية، و لا تقيم تنمية مستقلة ، ناهيك عن أنَّ الفقر والعنف عاثا في العراق وأفغانستان فساداً بمعدل ظل يتصاعد باستمرار على مدى العقدين الماضيين ، وذلك بالرغم من استمرارأمريكا في ضخ المال والجنود – مما أوجد حالة لم تعد محتملة من قبل المحكومين في كل من العراق وأفغانستان، ولم يعد ممكناً الدفاع عنها من قبل الحاكمين، لدرجة أنَّ تنظيم الدولة الإسلامية”داعش” وجد لنفسه موطئ قدم ثابت في البلدين كليهما،وتمكنت حركة الطالبان من الاستيلاء على البلد بأسره بسرعة فائقة وبدون الحاجة إلى بذل كثير من الجهد.
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة:
الإمبريالية الأمريكية التي تحتل الآبار النّفطية والغازية في المناطق الشرقية لسورية ،لن تخرج بسهولة تاركةً آبار النّفط التي تَدُرُّ ملايين الدولارات يوميًّا الّتي تستفيد منها بإدارة عمليّاتها في الشّمال السّوري، وصرفِها على مرتزقتها من السّوريّين الانفصاليّين، وتعميقِ أزمة الشّعب السّوريّ الحياتية والإنسانية، معنيةٌ بتعزيز وجودها العسكري في شمال شرق سورية كاحتلال مباشر للأراضي السورية، خدمة لمصالحها الاستراتيجية ، لا سيما إطالة أمد الحرب في سورية، والإبقاء على حالة عدم الاستقرار والفوضى، والحيلولة دون أن تخرج الدولة الوطنية السورية منتصرة في هذه الحرب، والسيطرة على الحدود السورية العراقية والسورية التركية، والعمل على نهب موارد الطاقة من النفط والغاز السوريين اللذين يشكلان ثروة مهمة في المنطقة الشرقية ،إضافة إلى نهب الخيرات الزراعية باعتبار منطقة الحسكة تشكل مطمور سورية من القمح ،عبر تقديم الدعم للميليشيات الانفصالية الكردية ، التي تحولت إلى قوة قمعية للمظاهرات العارمة والاحتجاجات خلال الأشهر والأسابيع الماضية المطالبة بخروج قوات الاحتلال الأمريكي والفرنسي من سورية ووقف التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية تحت أي ذريعة.
يقول مسؤولون أمريكيون:إنَّ إدارة بايدن سعت، في الأشهر الأخيرة، إلى طمأنة الجنرال مظلوم كوباني عبدي، القائد الأعلى لقوات سورية الديمقراطية وأقوى حليف لواشنطن في سورية، فأرسلت الجنرال كينيث ماكنزي، الذي يرأس القيادة المركزية الأمريكية، وجوي هود، القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، إلى المنطقة للتحدث معهم. وشدَّدت الإدارة على أنَّ الشراكة مع قوات سورية الديمقراطية لا تزال قوية وأنَّ القوات الأمريكية لن تغادر في أي وقت قريب، وفقًا لقوات سورية الديمقراطية ومسؤولين أمريكيين.
وقال مظلوم، في مقابلة في قاعدة عسكرية في وقت سابق من هذا الشهر: “نشعر الآن أنَّ لدينا دعمًا سياسيًا وعسكريًا أقوى مما حصلنا عليه من الإدارة السابقة.. بعد عمليات الانسحاب هذه، جاء مسؤولون أمريكيون ليخبرونا أنه لن تكون هناك تغييرات في سوريا”.
يعتمد ميزان القوى متعدد الأطراف في الصراع السوري على الوجود الأمريكي. ويرى المسؤولون الأمريكيون أنَّ انسحاب القوات الأمريكية يشكل فرصة للجيش السوري أو القوات الروسية أو التركية للتقدم. وشدَّد بعض المسؤولين الأمريكيين على أنَّ الانتشار الأمريكي يمنع القوات الإيرانية من إنشاء “جسر بري” من شأنه أن يسمح لها بتزويد حلفائها من حزب الله في لبنان بالأسلحة بسهولة أكبر.
ويبقى أنّ هذا المشروع الاحتلالي الأمريكي لشمال وشرق سورية يستهدف خدمة الأهداف الاستراتيجية للكيان الصهيوني بواسطة الورقة الكردية ،إذ تعمل الإمبريالية الأمريكية على تثبيت موقع قدم للكيان الصهيوني في هذه البقعة الجغرافية القريبة من مياه نهري دجلة والفرات، وهو المبرّر الأول والأهم في كل هذا الجهد الأمريكي. وكانت التقديرات والحسابات الخطأ تركز على أنَّ تمسّك واشنطن بشرق سورية بذريعة محاربة إرهاب مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والتصدّي للمشروع الإيراني، يهدف إلى تمركزها الاستراتيجي هناك باسم لاعبين محليين وإقليميين.
من الناحية الإعلامية و الدعائية تدعي الإمبريالية الأمريكية أنّها تريد حماية الإنفصاليين الأكراد، ولذلك هي تعرقل التحركات والتهديدات التركية، لكنّها في الحقيقة هي تريد إيصال الكيان الصهيوني إلى شرق الفرات، لفتح الطريق أمام تحالف كردي -صهيوني يُقَوِّي تل أبيب إقليميًا ويخرجها من عزلتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى