حل مكتب النهضة التنفيذي “خطوة للوراء” اتخذها الغنوشي ضمن سياسة “الهروب الى الامام”

أعلنت حركة النهضة التونسية، يوم الاثنين الماضي، أن رئيسها راشد الغنوشي قرر إعفاء جميع أعضاء مكتبها التنفيذي، وإعادة تشكيله بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة، وفق بيان للحزب.
وقال البيان “يهم رئيس الحركة أن يتقدم بجزيل الشكر لكل أعضاء المكتب على ما بذلوه من جهد في ما كلفوا به، ودعوتهم لمواصلة مهامهم إلى حين تشكيل المكتب الجديد”.
وأضاف “يؤكد رئيس الحركة على مواصلة تكليف لجنة إدارة الأزمة السياسية برئاسة محمد القوماني من أجل المساهمة في إخراج البلاد من الوضع الاستثنائي الذي تعيشه”.
وبحسب النظام الداخلي للنهضة، يمكن لرئيس الحزب إعفاء أو قبول استقالة أي عضو من أعضاء المكتب التنفيذي من مهامه، وعليه إخبار مجلس الشورى بذلك. ويمكن للأخير سحب الثقة من كل أعضاء المكتب التنفيذي أو من أحدهم، بنفس الأغلبية المطلوبة لتزكيتهم.
ويقترح رئيس الحزب على مجلس الشورى أسماء أعضاء المكتب التنفيذي، بما في ذلك الأمين العام ونائبه أو نوابه، ويكونوا من بين الأعضاء الذين تتوفر فيهم الشروط اللازمة.
وسبق لحركة النهضة أن كشفت منذ أيام عن اعتزام رئيسها إدخال تغييرات على الهياكل القيادية “بما يتناسب مع ما استخلصته من مقتضيات المرحلة الجديدة” حسب إعلانها.
وألقت القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس سعيد، بإيقاف عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، بظلالها على حركة النهضة، بعد أن سادها جدل داخلي حول المسؤولية السياسية والأخلاقية عما آلت إليه البلاد.
وشهد آخر اجتماع عقده مجلس شورى الحركة خلافات حادة، وصلت حد إعلان قيادات بارزة انسحابها وعدم تحمّلها مسؤولية القرارات التي ستتخذ، واتهمت رأس الحركة باتباع سياسة الهروب إلى الأمام وعدم الانتباه لخطورة اللحظة التي تمر بها النهضة والبلاد.
وسارعت حركة النهضة للإعلان عن تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة الأزمة السياسية برئاسة النائب محمد القوماني “ذات تفويض حصري لمهمة البحث عن حلول وتفاهمات في علاقة الحركة بما تشهده البلاد من تقلبات وأحداث سياسية”.
وفي تصريح له قال القوماني إن قرار حل المكتب التنفيذي اتُخذ تفاعلا مع دعوات عموم النهضويين لتغيير المكتب التنفيذي الحالي، ونتيجةً للانتقادات التي وجّهت لأعضائه.
وأضاف أن المكتب التنفيذي الحالي، والذي تم انتخابه في يناير/كانون الثاني الماضي، بُني على توافق سابق بهدف معالجة إشكالات داخلية، ولم يعد صالحا لمرحلة جديدة وخاصة بعد الأزمة السياسية منذ 25 يوليو/تموز.
وبحسب القوماني، فإن المكتب التنفيذي الحالي سيستمر في تصريف أعماله، بانتظار تشكيل مكتب جديد تجنبا لحالة الفراغ.
وبالمقابل، قال النائب إن لجنة إدارة الأزمة التي كُلف برئاستها ستظل مستمرة في المهمة التي تشكلت من أجلها، في مسعى للبحث عن حلول وتفاهمات لاستئناف المسار الديمقراطي وإنهاء المرحلة الاستثنائية.
من جانبه، وصف زبير الشهودي القيادي المستقيل من مهامه في الحركة، وهو أحد المحسوبين على الجناح الإصلاحي داخلها، قرار حل المكتب التنفيذي بأنه “متأخّر ومنقوص”.
وأضاف، إن حل المكتب التنفيذي كان مطلبا تقدّم به أعضاؤه بأنفسهم كأحد أشكال التعفف عن المسؤولية، وجاء استجابة لطلب القيادات المحسوبة على التيار الإصلاحي داخل شورى الحركة.
وأكد الشهودي أن رئيس الحركة راشد الغنوشي رفض في البداية الاستجابة لطلب غالبية القيادات بحل المكتب التنفيذي، ليعدل بعد ذلك عن قراره، متسائلا عن الهدف من وراء ما وصفتها بـ “المراوغة السياسية”.
ولفت إلى أن عددا كبيرا من الأعضاء داخل مجلس شورى الحركة طالبوا، ليس فقط بحل المكتب التنفيذي، بل بأن يمنح الغنوشي تفويضا كامل الصلاحيات لقيادة جديدة بهدف إدارة الأزمة السياسية ومعالجة القضايا الداخلية، على أن تكون مستقلة عن رئيسها.
ونقل موقع “موزاييك أف أم” عن الشهودي قوله:” في تقديري هذه خطوة للوراء من رئيس الحركة، وهي خطوة منقوصة لثلاث أسباب، أولا: الغنوشي يواصل التحكم بدفة القيادة مادام لم يستجب لمطلب الأغلبية بتكليف واضح لقيادة جديدة تدير ملف الأزمة السياسية في حياد تام عن رئيس الحركة.
وأضاف، وثانيا: قرار إعفاء أعضاء المكتب التنفيذي للحركة من مهامهم هو استباق لعمل خلية إدارة الأزمة المكلفة بالبحث في أسباب الأزمة السياسية وتقديم تقريرها”. و”ثالثا: هذا القرار لا يكشف عن رغبة حقيقية في تقديم إصلاحات جذرية وعميقة تؤدي إلى تنحية القيادة القديمة وفق أسس واضحة وحاسمة”.
بدوره عبّر القيادي بالتيار الديمقراطي هشام العجبوني، عن استغرابه من قرار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إعفاء كافة أعضاء المكتب التنفيذي للحزب والإبقاء على نفسه.
وقال العجبوني، في تدوينة نشرها على حسابه في فيسبوك “راشد الغنوشي يقيل كل أعضاء المكتب التنفيذي لحركة النهضة و يُبقي على رئيس المكتب التنفيذي فقط”.
وأضاف، “عِلما بشأن رئيس المكتب التنفيذي هو راشد الغنوشي نفسه، وهو المسؤول الأوّل عن المأزق الذي وضع فيه حركة النهضة و عن ضرب مسار الانتقال الديمقراطي و عن فشل منظومة ما بعد الثورة و أحد أسباب تفعيل الفصل 80 من رئيس الجمهورية قيس سعيد”.
ويرى مراقبون ان الأزمة التي تمر بها حركة النهضة جاءت نتيجة وقوعها في عزلة داخل المشهد السياسي، بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي في 25 يوليو الماضي. لذلك فان حل المكتب التنفيذي استبق استقالات كانت ستحدث داخله، لأن التيار المعارض لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، المعروف بالتيار الإصلاحي، يعتقد أن القيادة الحالية في حالة ضعف ووهن، وبالتالي من المرجح استمرار الصراعات الداخلية في حركة النهضة إلى حين عقد المؤتمر 11، الذي سيكون الفرصة الوحيدة التي يمكن أن تحسم مصير القيادة الحالية للحزب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى