في الحال السياسي الفلسطيني

ما من شك أن الحالة الفلسطينية الراهنة تتعاظم سلبيًا، ولها انعكاساتها وآثارها على المجتمع الفلسطيني والقضية الوطنية. وهذا الواقع هو بفعل ضبابية الموقف السياسي، وتراجع أفق الانفراج السياسي والاقتصادي، وممارسات السلطة وأجهزتها الأمنية، وتضييق مساحات حرية الرأي والتعبير، وانتشار الفساد في أروقتها ومؤسساتها، وانحسار دور المؤسسات التي تتعالى على الناس ولا تسعى لتمثيلهم، علاوة على الاحتقان الذي يحرف البوصلة بالمطلق عن القضايا اليومية والوطنية الحارقة.
ولا جدال في أن الانقسام الأسود هو النكبة الحقيقية لشعبنا وقضيته الوطنية والتحررية، فضلًا عن نكبته المتواصلة، وهذا الامر يتجسد ويتمثل بمجريات الاحداث وما وصل إليه الوضع الفلسطيني المازوم والمهزوم والبائس، بعد ستة عشرة عامًا من التشرذم والضياع. ولا يزال طرفا الصراع والخلاف والانقسام يراوحون مكانهم، وبمواقفهم وشروطهم يتشبثون ويتشددون، ووحدهما يتحملان المسؤولية عما وصلت إليه القضية الفلسطينية، وما يعانيه الشعب المقهور من جوع وفقر وشظف العيش وبطالة واسعة.
إن شروط تحقيق المصالحة الوطنية وإنجاز الوحدة الوطنية ليست صعبة وغير مستحيلة، بل هي ممكنة وسهلة، إذا توفرت الجدية والمسؤولية والنوايا الصادقة والثقة المتبادلة بين الطرفين المتخاصمين، ولكن حسن النوايا غير متوفرة لدى حركتي فتح وحماس، اللذان يتحملان المسؤولية عن الحالة الانقسامية وتجاوز الخطوط الحمراء.
الحل يكمن في التغيير السياسي وبذل الجهود الوطنية الوحدوية، من خلال العودة للجماهير والخيار الديمقراطي، بإجراء الانتخابات التشريعية الشاملة دون قيود وشروط، وتغليب مصالح الوطن على المصلحة الحزبية والشخصية، وتعزيز صمود الجماهير الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.
إن الحاجة لترميم البيت الفلسطيني أضحت حاجة ملحة جدًا، ولا بد من الانتباه للمخاطر الكبيرة والخطيرة، التي باتت تهدد القضية الفلسطينية برمتها على مختلف الصعد، ولا بد من إعادة المشهد من جديد، وتحديدًا ما يتضح بالصورة، والآن على المستوى السياسي الإسرائيلي، التلميح بإعادة التفاوض السياسي، كنوع من إعادة وإنتاج الرؤية السياسية الإسرائيلية لذر الرماد في العيون، وفي الوقت نفسه العمل على توسيع الاستيطان وبناء المزيد من المستوطنات.
الحاجة ملحة وضرورية جدًا لإعادة الاعتبار للموقف الوطني من خلال التصدي لكل أشكال العبث التي تتمظهر في الوقت الراهن بأكثر من صورة وعلى مختلف الجهات، وصيانة المشروع الوطني الفلسطيني، واعتماد استراتيجية المقاومة بكل أشكالها لاستعادة الحقوق الوطنية كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى