وصف نائب الرئيس الأمريكي السابق، مايك بنس، الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، بأنه أكبر إذلال لواشنطن على الساحة الدولية منذ 40 عاما.
وكتب بنس في مقال لصحيفة وول ستريت جورنال، قائلا: إن “الرحيل الكارثي لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من أفغانستان هو إذلال للسياسة الخارجية لم تشهده البلاد منذ أزمة الرهائن الإيرانيين”.
وأثار قرار بايدن سحب آخر جندي أمريكي من أفغانستان بحلول 31 أغسطس/آب على أبعد تقدير، وأسلوب إدارة واشنطن لعملية الانسحاب هذه، انتقادات علنية.
وانتقد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلفه بايدن قبل أيام. ووصف ما حدث في أفغانستان بالعار وأكبر الهزائم في التاريخ، كما دعاه للاستقالة من منصبه.
من جهته، رد بايدن، امس الاول الاثنين، على الانتقادات قائلا، إنه لا يأسف على الانسحاب، فالولايات المتحدة لا يمكنها القتال إلى مالانهاية في أفغانستان. مؤكدا في الوقت ذاته أن أمريكا لن تخوض حربا للدفاع عن أشخاص لا يريدون الدفاع عن أنفسهم.
هذا ونقلت وسائل إعلام أمريكية، في ساعة مبكرة اليوم الأربعاء، عن مسؤلين في مجلس الشيوخ قولهم إن نحو 15 ألف أمريكي ما زالوا عالقين في أفغانستان.
وقالت الحكومة الأمريكية يوم الاثنين، إنها مستعدة لنقل أكثر من 20 ألف أفغاني مرشحين للحصول على تأشيرات المهاجرين الخاصة إلى القواعد الأمريكية.
وبحلول ليلة امس الثلاثاء، تم إجلاء حوالي 1100 مواطن أمريكي ومقيمين دائمين وعائلاتهم في 13 رحلة، وفقا لمسؤولين أمريكيين.
وقال البيت الأبيض في بيان: “الآن بعد أن حددنا وتيرة النقل، نتوقع أن تتصاعد هذه الأرقام”، مضيفا أنه تم إجلاء أكثر من 3200 أمريكي.
انتصار طالبان يُحفز الحركة الجهادية في العالم
وعلى المقلب الآخر، شكلت سيطرة طالبان على أفغانستان وبالسرعة التي لم تكن تتوقعها الولايات المتحدة، وأيضا بعد عقدين من الإطاحة بنظامها المتشدد، صدمة لم تهدأ ارتداداتها بعد فيما تسود مخاوف من أن يغذي هذا الحدث الذي وصفته تنظيمات جهادية أو جماعات دينية بأنه نصر تاريخي، من أن يغذي الحركة الجهادية في العالم بعد أن لاحت قبل سنوات بوادر انحصار نفوذها دون أن ينحسر خطرها.
ويمكن أن يثير انتصار طالبان في أفغانستان مشاعر حماسة لدى كل الجهاديين في العالم مدفوعين بالهزيمة الجديدة لقوة أجنبية وانتصار الإستراتيجية والتفاوض والصبر.
وفي العالم أجمع، لا يمكن للمنتسبين إلى الحركة الجهادية-السلفية، وغالبيتهم تابعون للقاعدة أو لتنظيم داعش، إلا أن يشهدوا على نجاح “طلاب الفقه” الأفغان الذين وصلوا إلى السلطة في كابول ما إن انسحبت القوات الأميركية بعد 20 عاما على طردهم منها.
وقال كولن كلارك، مدير الأبحاث في مركز صوفان معهد الدراسات الجيوسياسة ومقره في نيويورك: “هذا يعطي الجهاديين زخما كبيرا. هذا جعلهم يعتقدون أن بإمكانهم طرد قوة أجنبية بمثل عظمة الولايات المتحدة”.
وأضاف: “أتوقع تكثيف الدعاية لتبلغ ذروتها في الذكرى العشرين لاعتداءات 11 سبتمبر/ايلول (2001). هذا سيقوي معنويات الجهاديين من شمال إفريقيا وصولا إلى جنوب شرق آسيا”.
وقال أيمن جواد التميمي، الباحث العراقي في برنامج حول التطرف في جامعة جورج واشنطن الامريكية: “ان سيطرة طالبان على أفغانستان هو أمر سيشحذ عزيمة الجهاديين في كل مكان”.
ولم تكتف طالبان بترك الوضع يتدهور فحسب بل أثناء شن الحرب، تفاوضت مع الأميركيين والحكومة الأفغانية وكذلك مع الميليشيات المحلية والعشائر والقبائل التي تشكل النسيج الوطني.
لكن رمزيا، فإن نصرها يتيح إقناع من يحملون السلاح بأنهم “إذا استمروا في القتال سينهار خصومهم في نهاية الأمر”، كما يضيف الباحث العراقي.
ومنذ 24 ساعة، تنقل شبكات التواصل الاجتماعي العديد من التعليقات الدعائية من أوساط الجهاديين. وبينهم حركة حماس التي اعتبرت أن هذا النجاح “جاء تتويجا لجهادها الطويل على مدار عشرين عاما مضت”.
وشددت حماس على أن “مقاومة الشعوب وفي مقدمتها شعبنا الفلسطيني المجاهد موعدها النصر وتحقيق أهدافها في الحرية والعودة بإذن الله”.
من جهتها، أكدت شبكة الثبات الإعلامية التابعة للقاعدة أن “مسلمي ومجاهدي باكستان وكشمير واليمن وغزة والصومال ومالي يحتفلون بتحرير أفغانستان وتطبيقها الشريعة”.