دلالات تصاعد وتيرة التطبيع بين إسرائيل و المغرب

قام وزير خارجية الكيان الصهيوني ‬يائير ‬لبيد يوم الإربعاء 11آب/أغسطس2021بزيارة تاريخية للمغرب ، استغرقت يومين، هي الزيارة الأولى لمسؤول إسرائيلي كبير إلى المغرب، منذ تطبيع العلاقات بين البلدين في نهاية العام الماضي. وكان المغرب رابع دولة عربية تطبع علاقاتها الديبلوماسية مع الكيان الصهيوني برعاية أمريكية، جاء ذلك في اتفاق ثلاثي تعترف بموجبه الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليزاريو المدعومة إقليميا من الجزائر,
خلفية الزيارة إبرام اتفاقية الدفاع السيبراني
تُعَدُّ زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يئير لبيد، إلى المغرب أول زيارة رسمية علنية لمسؤول صهيوني كبير منذ عام 2003، وقد رافقه في هذه الزيارة كلّ من وزير الرفاه الاجتماعي مئير كوهين (المغربي الأصول) ورئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، ونائب رئيس الموساد سابقاً رام بن براك، والمدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون أشبيز. ووصف لبيد زيارته للمغرب بأنها حدث تاريخي، موجهاً الشكر إلى العاهل المغربي محمد السادس على “القيادة التي أبداها في الدفع لتنظيم الزيارة واستئناف العلاقات. هذه الزيارة هي نقطة بداية لاتفاقيات سياحة وتجارة وتعاون اقتصادي وسياسي شامل بين الدولتين”.
والتقي الوزير الصهيوني لبيد نظيره المغربي ناصر بوريطة ،وشمل برنامج الوفد الإسرائيلي أيضًا لقاء مع وزيرة السياحة المغربية نادية فتاح العلوي،حيث شارك لبيد في افتتاح ممثلية افتتاح مكتب ارتباط تجاري رسمي بين الدولتين في الرباط، وتوقيع ثلاثة اتفاقيات تفاهم في مجال الطيران والثقافة وفي العلاقات الدبلوماسية ، إضافة إلى توقيعه الإتفاقية بشأن “الأمن السيبراني” بين إسرائيل و المغرب.
وتعتبر حكومة المغرب التعاون في مجال السايبر جزءا مهما في تسخين العلاقة بين الكيان الصهيوني والمغرب، ووفقا لذلك، منح وزير الدفاع في المغرب، عبد اللطيف لوديي، نظير وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، الرعاية للاتفاق .وكشفت صحيفتا “ذي ماركر” و”غلوبوس” الإسرائيليتان، يوم الثلاثاء 10آب/أغسطس2021، عن تفاصيل اتفاقية التعاون التي وُقعت بين الكيان الصهيوني و المغرب الشهر الماضي، في مجال السايبر، تحت مسمى “السايبر الدفاعي”.ووقعت الاتفاقية في الرباط بمشاركة رئيس هيئة “السايبر” الإسرائيلية يغال أونا مع نظيره المغربي الجنرال مصطفى الربيعي، وتقضي بـ”إقامة تعاون في البحث والتطوير ومجالات عملياتية في السايبر”.
وبحسب موقع صحيفة “ذي ماركر”، فإن طواقم من منظومة السايبر الإسرائيلية ونظرائهم من المغرب يتعاونون ويعكفون على تبادل المعلومات في مجال “السايبر الدفاعي”، إذ يعمل الجانبان، بحسب الموقع، على “تبادل الإنذارات بشأن تهديدات سيبرانية ومحاولات شن هجمات على أهداف لأحد الطرفين”.
ونقل موقع الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي في مجال السايبر قوله إنه “عندما يطلبون رأينا في منتج معين نوصي لهم بشأن ما يعمل جيداً، ولا نخشى الامتناع عن التوصية إذا اقتضت الحاجة”.وبموازاة ذلك، قال مصدر سياسي إسرائيلي إنه “منذ التوقيع على اتفاق التعاون في مجال السايبر، نشعر بارتفاع واضح في الاتصالات والحوار بين الدولتين”.
وجاءت زيارة الوزير الصهيوني إلى المغرب مع صدور تقارير غربية وعربية في شهر تموز/يوليو2021،في عدو وسائل إعلامية دولية تتهم المغرب باستعمال برنامج”بيغاسوس” الذي طورته شركة “ان اس وغروب” الإسرائيلية منذ 2016 بهدف القيام بعمليات تجسّس محتملة تستهدف هواتف نشطاء و صحافيين و سياسيين مغاربة و أجانب.ونفت الرباط بشدة هذه الاتهامات كما رفعت شكاوي بتهمة”التشهير” ضد ناشريها في فرنسا وى ألمانيا و إسبانيا.
بعد مرور بضعة أيام على التوقيع على الاتفاق بين الرباط وتل أبيب، كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية، أن “أحد أرقام هواتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تمت الإشارة إليه كهدف محتمل للمتابعة من قبل أجهزة المخابرات في المغرب، واستخدم في ذلك برنامج “بيغاسوس” الإسرائيلي”.
وذكر موقع “ذي ماركر” أنه بالنسبة للمغرب، فإن التعاون في مجال السايبر هو جزء جوهري من تسخين العلاقات بين الطرفين. وكان موضوع التعاون السيبراني بين الاحتلال الإسرائيلي والمغرب قد “افتضح أمره” في التحقيق الدولي الذي أجرته منظمة “العفو الدولية” ومنظمات صحافية متعددة عن برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس”، الذي طورته شركة السايبر الإسرائيلية NSO، وتم بيعه لعدة دول، بينها الإمارات والسعودية وهنغاريا والهند ودول أخرى.
وذكرت “صحيفة”هآرتس” الإسرائيلية في تقرير من إعداد حجاي عميت، أنه “بعد توقيع المغرب وإسرائيل بداية شهر تموز/يوليو الماضي على التعاون في نقل معلومات في مجال السايبر الدفاعي، بدأت مؤخرا طواقم السايبر في إسرائيل ونظرائها في المغرب في العمل معا، ونقل تحذيرات حول تهديدات السايبر، ومحاولات لتشخيص هجمات”.
وبينت الصحيفة أنَّ “قسما من الحوار بين الطرفين، يتعلق بتكنولوجيا الدفاع في مجال السايبر التي تستخدمها إسرائيل”، وقال مصدر حكومي إسرائيلي رفيع: “بعد التوقيع على الاتفاق، يوجد ارتفاع في الاتصالات والحوار بين الطرفين”، متحدثا عن “العمليات التي تقوم بها شركات إسرائيلية خاصة في المغرب”.
التطبيع في مجال السياحة و الزراعة
نظرا للعلاقات التاريخية المتميزة ، علاقات ” الحماية والولاء” المتبادلة بين العرش المغربي و اليهود ، و التي ظلت قائمة منذ سقوط الأندلس و حتى اليوم ، إذ يوجد 700 ألف “إسرائيلي” من أصل مغربي و يحتفظون بجنسيتهم المغربية و يكنون للملك محمد السادس المحبة و الاحترام ،فإنَّ العرش المغربي يشكل ربما مباشرة بعد الخزانة الأميركية ، اللوبي الانتخابي الأكثر تأثيرا داخل الكيان الصهيوني .و قد استغل الملك الحسن الثاني الراحل هذا ” المخزون التاريخي ” المشترك بين العرش المغربي و اليهود ، لإقامة علاقات وثيقة بين المغرب و “إسرائيل” منذ الستينيات .وهاهو الملك الراهن محمد السادس يسير على درب أبيه لتطوير العلاقات السياحية و الاستثمارية بين المغرب و إسرائيل.
من الناحية التاريخية ، تجسد التعاون الإستخباراتي بين إسرائيل و المغرب الذي تعود جذوره إلى نهاية الخمسينيات من القرن العشرين ،في الموافقة الرسمية المغربية على التعاون في مسألة الهجرة، إذ كان الهدف الرئيس للصهاينة هو تهجير 250 ألف يهودي مغربي إلى فلسطين للسيطرة على الأراضي المنتزعة من سكان البلد، وانطلقت الهجرة بوتيرة كثيفة اعتبارًا من سنة 1948، واستمرت إلى 1975، لكنَّها كانت سرِّية في المرحلة الأولى قبل أن تصبح علنية ورسمية لاحقًا.
ولعبت الاتصالات بين الحكومة المغربية والمؤتمر اليهودي العالمي دورًا أساسيًا في تنظيم تلك الهجرة، لكنها اتخذت بُـعدًا سياسيًا أكبر مع الدور الذي لعبه الملك الحسن الثاني في الصراع العربي-الصهيوني من خلال التقريب بين أنور السادات وميناحيم بيغن، ثم من خلال إقناع الدول العربية بالاعتراف بالكيان الصهيوني في مؤتمري فاس الأول والثاني (1981 و1982) من خلال القبول بتسوية على قاعدة القرار الأممي رقم 242.
وفي المغرب، كما في تونس، لعب رموز الطائفة اليهودية دور الجسر بين الحكومتين بواسطة الصداقات المتينة التي حافظوا عليها في الكيان الصهيوني . وفي هذا السياق، تبنى الملك الحسن الثاني ومن بعده الملك محمد السادس، الأمين العام لمجلس الجماعات اليهودية في المغرب سيرج بيرديغو، الذي تولى منصب وزير السياحة (1993-1995)، وأندري أزولاي الذي كان مستشارًا خاصًا للملك الحسن، والذي يحتفظ بعلاقات حميمة مع كبار الزعماء الإسرائيليين، وقد استقبل في مناسبات عدة مجموعات من رجال الأعمال الإسرائيليين في المغرب ممن وُجهت لهم الدعوات بصفتهم تلك.
ويضم المغرب أكبر جالية يهودية في منطقة المغرب العربي تُعَدُّ نحو ثلاثة ألاف شخص، فيما يعيش 700ألف يهودي من أصل مغربي في إسرائيل. وحول ارتباط المغرب باليهود،قال مصدر حكومي إسرائيلي رفيع المستوى عاد مؤخرًا من زيارة للمغرب لـصحيفة “هآرتس “الإسرائيلية: في المستويات الحكومية الإسرائيلية، هناك تفاؤل فيما يتعلق بالعلاقة مع المغرب، فالمغرب دولة مرتبطة باليهودية واليهود أكثر من أي دولة أخرى في العالم العربي، ونحن لسنا نبتة غريبة بالنسبة لهم”.وأضاف: “حقيقة أنَّ من هاجروا من المغرب هم أشخاص لهم نفوذ في المجتمع الإسرائيلي، تعتبر نوعًا من التفاخر، ولا يوجد أي أحد تلتقي معه، حتى في المستويات الدنيا، لا يذكر ذلك”.
وكان المغرب و إسرائيل وقعا في 25تموز،يوليو2021، اتفاقية للشروع في الترويج لوجهة المغرب السياحية، والتسويق المشترك من كلا الطرفين لتعزيزحركة السياحة الوافدة. وانطلقت في 25تموز/يوليو 2021 ، أولى الرحلات السياحية المباشرة من إسرائيل إلى مدينة مراكش، وذلك عقب إعادة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل.
وتهدف هذه الرحلات إلى جذب 38000 سائح إسرائيلي إلى المغرب مع نهاية العام الحالي، في حين تتولى شركة الخطوط الملكية المغربية جلب 12000 سائح إسرائيلي مع نهاية 2021.فقد بدأت شركتا الطيران الإسرائيليتان “العال” و”يسرإير”، في نهاية الشهر الماضي أولى الرحلات السياحية المباشرة إلى مدينة مراكش المغربية، في حين بدأت شركة ثالثة وهي “أركيا” رحلاتها إلى المغرب في الرابع من آب/اغسطس الجاري.ويتوقع المكتب الإسرائيلي للسياحة، ارتفاع عدد السياح الإسرائيليين للمغرب إلى 200ألف سائحًا سنويا،من متوسط 50ألف سابقًا.
في هذه الأثناء تسافر إلى المغرب رحلتان إسرائيليتان فقط، كما أنَّ إصدار تأشيرات دخول للجمهور من الطرفين تحول لأمر معقد، حيث طُلِبَ من وزارة الخارجية الإسرئيلية إجراء مقابلات شخصية للسياح في المغرب الذين يريدون القدوم لإسرائيل، خوفًا من تدفق العمال الأجانب من المغرب الذين سيغرقون إسرائيل (بحسب مزاعم الاحتلال)، وفي المقابل، ردَّتْ المغرب بطلب إجراء مقابلات مشابهة للسياح من إسرائيل”.
وحسب صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية،، فإنَّ التطبيع والتعاون امتد بين تل أبيب والرباط، للزراعة، إذ أعلن وزير الزراعة عوديد فورر، أنَّ وزارته “تجري نقاشات في إطار مجموعات عمل مع نظراء من المغرب في مجال البحث الزراعي التطبيقي وإدارة المياه”، منوها أنَّ “هناك نية لزيادة ذلك في مجالات تتعلق بالزراعة المائية مثل؛ تربية سمك التونا والفطريات للطعام والصناعة الطبية وتصدير تكنولوجيا زراعية إسرائيلية”.
التطبيع المغربي للاندماج في الاقتصاد الدولي
يشهد المغرب تهافت حكامه على إسماع زوارهم و وزرائهم أنه لا بد من التوصل إلى اتفاقات ثنائية مع إسرائيل ، وأن ” التبادل الحر ” معها صار شرطا ً أساسيا ً لتكريس العلاقات مع أوروبا الغربية و الولايات المتحدة الأمريكية ،والتنعم بحسنات ” التبادل الحر “مع أوروبا التي تستأثر بالأساس بمعظم تجارة المغرب ، و الالتحاق جزئيا ً بالقطارالأمريكي.
و كمحصلة لانتهاء الحرب الباردة ، انتهت فعليا ً مرحلة منح المساعدات السهلة الأوروبية والأمريكية لدول الجنوب ،و منها دول المغرب العربي (تونس ، المغرب و موريتانيا ) ، إذ أنفقت مليارات الدولارات خلال الأربعين عاما الماضية بهدف استقطاب الأطراف المغاربية، و قد انتهت الحاجة إلى ذلك ، و أصبح الاستمرار بالاعتماد على المصادر المالية الخارجية الرسمية و الحصول عليها و استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية و زيادة القدرة على كسب العملات الأجنبية ، مرتبطة ارتباطا وثيقا ً بإقامة العلاقات الديبلوماسية مع الكيان الصهيوني ، باعتباره يقوم بدور الوسيط المالي بين المنطقة العربية و العالم الرأسمالي . و تصر الحكومات الغربية و المؤسسات الدولية ( مثل صندوق النقد الدولي ) على أن الشرط الرئيس لحصول الدول المغاربية على المساعدات والاستثمارات يتطلب منها التطبيع مع الكيان الصهيوني .
و يعتبر ” البعد الاقتصادي ” للتسوية مداعبة لحلم صهيوني قديم تحدث عنه تيدور هرتزل في روايته السياسية اليوتوبية ، إذ أشار إلى أهمية قيام ” كومنولث ” عربي-يهودي بين “إسرائيل” و الاقتصاديات العربية ، بحيث يجري خلق مصالح اقتصادية متبادلة تسمح بدخول “إسرائيل” في النسيج الاقتصادي العربي لتصبح “إسرائيل” مثابة ” سنغافورة الشرق الأوسط “. و تأتي خطط اوروبا القديمة-الجديدة لمنطقة المغرب العربي في هذا السياق ، إذ تطمح إسبانيا لأنْ تضطلع بالدور القيادي في المنطقة بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي . و أصبح الاتحاد الأوروبي أقسى بكثير خلال السنوات الأخيرة على صعيد الشروط التي يضعها للتعاون الاقتصادي ، مشددا ً الربط بين شروطه ، و هي التطبيع مع الكيان الصهيوني ، و شروط صندوق النقد الدولي .
و يأتي تطبيع علاقات المغرب مع الكيان الصهيوني و إقامة العلاقات الديبلوماسية معه في إطار انخراطه في علاقات دونية مع إسرائيل ، وتكريس الاتجاه التنافري القائم بين الدول العربية ،وما ولده من رد فعل معاد للقضية الفلسطينية ، خصوصا ً أن سياسة ” التطبيع ” هذه التي تصدرها كل من الإمارات والبحرين و السودان والمغرب ، تعمل على التأسيس لتداعيات سياسية و ثقافية تسرع تآكل فكرة الهوية العربية/ الاسلامية ، وتروج لفكرة الانخراط في النظام الشرق أوسطي قيد التشكيل ، إذ إن دخول الدول العربية فرادى فيه يساهم في بلورة هذا النظام الشرق أوسطي على الأقل في مجال التطبيع الاقتصادي و السياسي .
وفي المقابل، وصفت فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وافتتاح مكتب تمثيلي فيها، بمثابة “جريمة” بحق العروبة وتضحيات الشعب الفلسطيني والأمة. وقالت الفصائل في بيان لها، إنَّ “افتتاح هذا المكتب الخبيث يفضح مستوى الإنحدار الوطني والأخلاقي الذي وصل له المطبعون في المنطقة وإن افتتاح المكاتب والممثليات الصهيونية يتعارض مع تطلعات ورغبات شعوب الأمة التواقة إلى تحرير فلسطين والخلاص من الكيان الصهيوني”، وفق نص البيان. وأكدت أنَّ “أي اتفاقيات تُحيي مسار التفاوض العقيم وترسخ التعاون الأمني بين السلطة والاحتلال فيما يخدم المحتل هي إتفاقيات مشبوهة مرفوضة وغير مقبولة”.وأضافت: “لن تُفلح السياسات الأمريكية والصهيونية في ثني شعبنا عن التمسك بحقه في أرضه ولن تثني مقاومتنا عن الدفاع عن أرضنا ومقدساتنا، وستبقى قضية أسرانا الأبطال عنوانا لكل حر ووطني وشريف”، بحسب نص البيان.
غير أنَّ المسئولين في الدولة المغربية يعلقون عبر إفساحهم في المجال أمام الكيان الصهيوني لكي يخترق و يغزو الأسواق المغربية ، آمالاً كبيرةً على الوفود السياحية الصهيونية لزيارة المناطق السياحية المغربية ، وعلى الصهاينة الأثرياء من أصل مغربي لجلب أموالهم الوفيرة واستثمارها في بلدهم الأم و الاستفادة من خبرتهم والتجارية ، وكذلك توفير إمكانات لتدفق الاستثمارات الإسرائيلية إلى المغرب ، وعلى الانخراط في الاستقطاب الاقتصادي الصهيوني الذي يسعى إلى قيام ” السوق الشرق أوسطية ” باعتبار قيامها احتمالا ً تاريخيا ً قائما ً في ظل غياب البديل القوي المؤسسي لقيام سوق عربية مشتركة .
و هكذا فإنَّ الازدهار الاقتصادي الذي بشر به الحكام المغربيون و خبراء صندوق النقد الدولي ، لجلب أموال الصهاينة الأثرياء لاستثمارها في المغرب ، سوف يتبخر في فضاء الرهانات الخاسرة بسبب ” التطبيع ” مع إسرائيل” . و أصبح خط التطبيع من وجهة نظر الدولة المغربية المتناقضة جذريًا مع مفهوم الدولة الوطنية هو الخط الذي يشرع تكثيف العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني ، باعتباره ” الخط الواقعي ” المنسجم مع السياسة الأمريكية / الصهيونية التي تريد فرض السلام الأمريكي-الصهيوني على الأمة العربية ،وتصفية القضية الفلسطينية بعد إكتمال عمليو تهويد القدس، وضم الضفة الغربية لإسرائيل رسميًا، لتكون إسرائيل نواة النظام الشرق أوسطي الذي لا يزال في بداية تشكله و الذي يبنى حاليًا بالاستناد الى المعادلات الدولية و الإقليمية المعروفة.
من هنا ، وعلى الرغم من الضجيج الذي يثيره إعلام الدول العربية المطبعة حول المشاريع الكثيرة المزمع تنفيذها بفضل التطبيع مع إسرائيل ، فإنَّ هذه الأخيرة لن تحمل أي أمل في التقدم الاقتصادي و الاجتماعي للدول العربية ، بل إنَّها مُعِدَّةٌ لتأمين وجود إسرائيل قوية ومتفوقة ، لأنَّ الإبقاء على إسرائيل قوية و قادرة على التدخل و التأثير يمثل في نظر الولايات المتحدة أعظم ضمانة ضد الانقلابات و التغيرات غير المرغوب فيها ، و التي يمكن أن تطرأ وتهدِّد الأوضاع السياسية و الاجتماعية في دول المغرب العربي و المشرق العربي على حدٍّ سواء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى