العرب وقضية سد النهضة !!

 

 
الأسبوع الماضي اجرى موقع “ايلاف” استطلاعا لرأي القراء حول الموقف العربي من قضية سد النهضة وسألت القاريء العربي: “هل تعتقد ان موقف الدول العربية من دعم مصر والسودان حول قضية سد النهضة مرضٍ أو مخيب للآمال؟”.

ردا على السؤال، قال 20 في المئة من المشاركين في هذا الاستفتاء إنه مرضٍ، مقابل 80 في المئة قالوا إنه مخيب للآمال.

وهذه هي الحقيقة بالفعل. الموقف العربي ضعيف وهزيل ومخيب للآمال الى اقصى حد، وقد تجسد هذا في النتائج التي خرج بها الاجتماع الطاريء لوزراء الخارجية العرب الذي عقد في الدوحة مؤخرا لمناقشة القضية وإعلان الموقف العربي منها.

قبل ان نتطرق الى ما خرج عن الاجتماع يجب ان نلاحظ ان الأمر لا يتعلق بتهديد وجودي جسيم تتعرض له مصر والسودان فقط، وانما يتعلق بخطر داهم يهدد الأمن القومي العربي كله.

الاجتماع الوزاري العربي اقر بهذا حين ذكر في بيانه ان “الأمن المائي لكل من جمهورية السودان وجمهورية مصر العربية هو جزء لايتجزأ من الأمن القومي العربي”.

ان كان الأمر هكذا.. أمر خطر يهدد الأمن القومي العربي كله وعقد الوزراء اجتماعا استثنائيا لمناقشته فقد كان من المفترض ان ترقى قراراتهم الى مستوى هذا الخطر.

لكن الذي حدث غير هذا تماما. الذي حدث ان الاجتماع الطاريء لم يتخذ أي قرارات أساسا، وكل ما صدر عنه بيان انشائي هزيل للغاية من النوع الذي لا يقدم ولا يؤخر ولا يؤثر.

البيان يتلخص في اربع كلمات: الرفض، والقلق، والمطالبة، والمناشدة.

البيان عبر عن رفض الدول العربية لأى عمل أو إجراء يمس بحقوق مصر والسودان في مياه النيل ورفض ما أعلنته إثيوبيا عن نيتها الاستمرار في ملء خزان سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل.

ودعا الى التفاوض بحسن نية من أجل التوصل بشكل عاجل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً.

وأعرب عن بالغ القلق إثر تعثر المفاوضات التي تمت برعاية الاتحاد الافريقي بسبب المواقف التي تبنتها إثيوبيا،.وطالب الاجتماع الجانب الإثيوبي بالامتناع عن اتخاذ أية إجراءات أحادية توقع الضرر بالمصالح المائية لمصر والسودان

وناشد البيان مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته في هذا الصدد من خلال عقد جلسة عاجلة للتشاور حول هذا الموضوع واتخاذ الإجراءات اللازمة.

هذا هو كل ما خرج عن الاجتماع العربي الطاريء في مواجهة خطر جسيم يهدد الأمن القومي العربي.

هل هذا الموقف العربي يمكن ان يردع اثيوبيا ويوقف عدوانها على حقوق مصر والسودان المائية؟. هل يمكن ان يحمي الأمن القومي العربي المهدد؟

بالطبع لا. الكل في العالم يعلم ان الادانات والمطالبات والمناشدات في عالم السياسة لا تحمي حقا ولا تردع عدوانا.

ليس هذا فحسب، بل ان هذا البيان ضرره اكثر من نفعه ويأتي بأثر عكسي تماما. نعني ان كان هذا هو اقصى ما يمكن ان يصل اليه العرب في مواجهة خطر كهذا، فمن الطبيعي ان تفهم اثيوبيا وكل من يدعمون عدوانها، انه ليس لها ان تخشى شيئا من جانب العرب ان هي مضت قدما في موقفها العدواني.

كان بمقدرو الدول العربية ان تتخذ قرارات محددة على قدر من الحزم تدفع اثيوبيا الى ان تستشعر الثمن الذي ستدفعه ان استمرت في موقفها العدواني.

مثلا، بعض الدول العربية لديها استثمارات ضخمة في اثيوبيا. لماذا لم يتم التهديد بسحب او حتى تجميد هذه الاستثمارات ان استمرت اثيوبيا في موقفها؟ موقف كهذا اثره اكبر بكثير جدا من البيان الانشائي.

غير هذا يمكن ان نعدد خطوات عملية محددة كثيرة يمكن ان تتخذها الدول العربية لكنها لم تفعل.

لا نريد ان نخوض في الأسباب التي جعلت الدول العربية تتخذ هذا الموقف المتخاذل في قضية هي قضية حياة او موت بالنسبة لمصر والسودان والعرب. لكن هذا هو حالنا العربي المتردي والمؤسف.

شبكة البصرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى