دعا الكاتب والمفكر التونسي، الزميل توفيق المديني الشعب التونسي الى تجديد ثورة الياسمين لاسقاط النخب والحكام الجدد الذين تسلقوا، باسم الثورة، على جدران الحكم.
وجاء في بيان اصدره امس ووصلت “المجد” نسخة منه ما يلي..
** هِبُّوا وَ اسْتَفِيقُوا أَيُّهَا التوانسة لإسقاط الحكام الجدد، الذين تَوَّغَلُوا في ممارسة فُجُورِ الفساد،وزَاغُوا عن صراطِ الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية للشعب التونسي،وأصبحتْ أهدافهم احتشاد الأموال من خلال النهب للمال العام عبر الدولة التونسية الغنائمية الفاسدة، و السيطرة على عقول الناس عبر الدمغجة ب”الديمقراطية الواجهة”،لإدامة مجدهم،و استبدادهم السياسي و الديني،ولو بأسباب زائفة.
الطبقة السياسية الفاسدة و الحاكمة في تونس، متكونة من لصوص وقطاع طرق متوحشين،وذئاب كاسرة،و أفاعي سامة ،يمتصون دماء الشعب التونسي الذي أصبح يَئِنُّ من شِدَّةِ الفقرِ، واستفحالِ الوباءِ،وعدم اكتراثِ حكامهِ الجدد بمشاكله وهمومه المعيشية، والصحيه،لأنَّهم حكامٌ يعملون لمصلحة مافيات ولوبيات الفساد في الداخل، ويعملون أيضًا كجواسيس لمصالح الدول الغربية و الإقليمية. والذي يُقِرُّ في نفسه أنَّهُ مُتَمَايِزٌ عن هذه الطبقة الفاسدة، فعليه أنْ يَنْشَقَّ عن هذه المنظومة الفاسدة، ويلتحقَ بصفوف الشعب وقواه الوطنية والديمقراطية و النقابية ومنظمات المجتمع المدني ،لا أن ينتظر تقاسم الغنيمة.
هذه الطبقة السياسية الفاسدة و الحاكمة في تونس، لا تمتلك ثقافة،و لا فكرا، وهي طبقة شِبْهَ أُمِّيَةٍ،وغير وطنيةٍ، ومعاديةٍ للحرِّية، و قيم العدالة الاجتماعية، و المساواة،إنَّها طبقةٌ تحمل في سيرورتها تحالفًا من رجال المال و الاقتصاد المرتبطين بالمؤسسات الدولية المانحة ومن الاستبداد الديني متمثلا بالسلام السياسي وتمثيليته السياسية “حركة النهضة الإسلامية”،ومن “التجمعيين الجدد” ورجال الأعمال الفاسدين وبقايا النظام القديم،هذا التحالف الطبقي الجديد لا يمتلك أي مشروع سياسي وطني ،وليس له أي برنامج اقتصادي أو منوال تنمية جديد،تكون فيه المسافة بين السلطة الحاكمة و الثروة واضحة.وما الصراع الحالي بين “قصور تونس الثلاثة”(قصر قرطاج، وقصر القصبة، وقصر باردو) سوى الصراع على السلطة و اقتسام الغنيمة، ولا علاقة له بآمال وتطلعات الشعب التونسي: مشروع مجتمعي جديد لبناء دولة القانون،ونموذج جديد للتنمية يقوم على التحقيق العدالة الاجتماعية.
لقد كان لهذا التحالف الطبقي الجديد،الذي تشكل بعد انتخابات 2011، وتعاقب الحكومات الفاشلة،نتائج كارثية على تعميق التفاوتات الاجتماعية بين مكونات المجتمع التونسي،فانحدرت الطبقة الوسطى إلى مستوى الفقر، و استحوذ هذا التحالف بين المال و الاقتصاد الريعي و السلطة السياسية، على معظم خيرات البلاد، وبنى ثروة بفضل اقتصاد الريع ، و الفساد، والسرقات للمال العام،مقابل تزايد الفئات الشعبية التي تعاني من الفقر الشديد، و البطالة وما رافقهما من اتساع اللامساواة بين “أثرياءالثورة” الجدد و الفقراء ، بعد ما يسمى”ربيع الثورة التونسية”، و لا سيما بعد التخلي عن دولة الرعاية الاجتماعية، والانبطاح لشروط المؤسسات الدولية المانحة من صندوق نقد ولي وبنك دولي ، وانخراط الحكومات التونسية المتعاقبة في التغييرات الاقتصادية التي فرضتها العولمة الليبرالية المتوحشة،خلال العقود الثلاثة الأخيرة،و التي قادت إلى انهيار شامل لنموذج التنمية المتبع في تونس منذ ستين سنة،وهذا الانهيار هو المستديم، وليس التنمية التي يطالب بها الشعب التونسي، كواحدة من انتظاراته بعد الثورة.
بعد عشر سنوات من حكم هذه الطبقة السياسية الفاسدة في تونس، الشعب التونسي تعزَّزت لديه فكرة انعدام الثقة في قدره هذه الطبقة السياسية على تلبية أي مطلب من مطالبه،أو إحداث أيَّ تغيير إيجابي في معيشته، َ تغيير المواقع( من سياسيين كانوا في المعارضة،وأصبحوا في الأغلبية، أو العكس، أو من سياسيين انتقلوا من الفقر إلى الغنى(الأثرياء الجدد)، و من سياسيين تشدقوا بالمبادىء إلى سياسيين اعتنقوا المصالح الشخصية و غيرها من الإساءة للعمل السياسي الوطني و الديمقراطي)، حتى صارت السياسة في تونس مَوْسُومَةً بالانتهازية، والمصلحة الشخصية عوض خدمة المصلحة العامة،ومرادفة للاستعداد إلى ممارسة التضليل و الكذب و التمويه بدل نقل الحقيقة وتعزيز الثقة بين المواطن التونسي و الدولة.
في ظل الكارثة التي يعيشها الشعب التونسي ، الكارثة الاقتصادية، وكارثة كورونا،وكارثة الفساد،لم يَعُدْ الناس في تونس، يثقون في الأحزاب السياسية ، ولا في مؤسسات الدولة المنخورة بالفساد و الصراعات السياسية بين أقطابها الثلاثة،و لا بالاستحقاقات الانتخابية فقط لكي يعبروا عن تطلعاتهم و تفضيلاتهم، ولا بالآمال المهدورة من الحوار الوطني،لكنَّهُمْ اليوم مطالبون باللجوء إلى المًمَارَسَةِ الاحتجاجية الجديدة بأشكالها وأساليبها المختلفة(مسيرات، وقفات،ومظاهرات، و إضرابات واعتصامات،وحتى ثورة جديدة)لإسقاط الطغيان، والجور،والظلم ،و الفساد،وهي كلُّها آفات تمارسها هذه الطبقة السياسية الفاسدة والحاكمة في تونس.